حدث في مثل هذا اليوم (6 صفر)
وفي مثل هذا اليوم من سنة 4 من الهجرة استشهد شهداء بئر معونة، وكان سبب ذلك أن أبا براء عامر بن مالك ملاعب الأسنة قدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) سنة أربع من الهجرة بالمدينة، فعرض عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) الإسلام فلم يسلم، ولكنه لم يبعد عن الإسلام، وقال للنبي (صلى الله عليه وآله): لو بعثت رجالاً من أصحابك إلى أهل نجد، فدعوهم إلى أمرك لرجوت أن يستجيبوا لك؛ فان أمرك حسن. فقال (صلى الله عليه وآله): «إني أخشى عليهم أهل نجد». فقال له أبو براء: أنا لهم جار، فابعثهم، فليدعوا الناس إلى أمرك. فأجابه النبي (صلى الله عليه وآله) إلى ذلك.
فلما قدم أبو براء إلى قومه، أخبرهم أنه أجار أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله)، فلا يعرضوا لهم بسوء. وبعث النبي (صلى الله عليه وآله) أربعين رجلاً من أصحابه من خيار المسلمين، منهم الحارث بن الصمد، وحرام بن ملحان، وعروة بن أسماء بن الصامت السلمي، ونافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي، وعامر بن فهيرة مولى الخليفة أبي بكر في رجال من خيار المسلمين، فلما نزلوا حرَّة بني سليم بعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى عدو الله عامر بن الطفيل، فأقبل إليه بكتاب النبي (صلى الله عليه وآله)، وكان عمه أبو براء حينئذٍ غائباً عن الحي، فاغتنم غيبة عمه، وعدا على حرام بن ملحان وقتله قبل أن ينظر في الكتاب الذي جاء به من عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم استصرخ قومه بني عامر على المسلمين ليقتلوهم، فأبوا وقالوا: لن نخفر أبا براء، وقد عقد لهم عقداً وجواراً. فاستصرخ عليهم قبائل من سليم وعصيه ورعل وذكوان، فأجابوه إلى ذلك، وخرجوا معه حتى أحاطوا بالمسلمين، وقاتلوهم فقتلوهم عن آخرهم إلا كعب بن زيد الأنصاري؛ فانه بقي به رمق، ولم يجهزوا عليه، فعاش حتى قتل يوم الخندق (رحمه الله)، والا عمرو بن أمية الذي أعتقه عامر بن الطفيل عن رقبة زعم أنها كانت على أمه، فقال حسان بن ثابت يحرض أولاد أبي براء على عامر بن الطفيل الذي خفر ذمة أبيهم:
بني أم البنين ألم يرعكم *** وأنتم من ذوائب أهل نجد
تهكم عامر بأبي براء *** ليخفره وما خطأ كعمدِ
ألا أبلغ ربيعة ذا المساعي *** فما أحدثت في الحدثان بعدي
أبوك أبو الحروب أبو براء *** وخالك ماجد حكم بن سعد
قال ابن اسحاق: فحمل ربيعة بن أبي براء على ابن عمه عامر بن الطفيل فطعنه بالرمح طعنة لم تصب مقتله، فنجا منها. ولما بلغ أبا براء أن ابن أخيه عامر بن الطفيل خفر ذمته، شق عليه ذلك، وشق عليه ما أصاب أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسببه، فمات كمداً وحزناً.
وقد قيل: إنه مات مسلماً([1]). رحم الله المسلمين والمسلمات؛ إنه رحيم كريم.
***
وفي مثل هذا اليوم من سنة 323 هجرية توفي ببغداد العالم النحوي نفطويه إبراهيم بن محمد بن عرفة، وينتهي نسبه إلى المهلَّب بن أبي صفرة الأزدي المتوفى سنة 83 هجرية. كان عالماً بارعاً، نحوياً لغوياً محدثاً، ولد سنة 244 هجرية بواسط، وسكن بغداد. وكان طاهر الأخلاق، حسن المجالسة، حافظاً للقرآن، وكان تلميذاً لسيبويه ذكره الخطيب في تاريخ بغداد وأثنى عليه. له مصنفات كثيرة منها كتاب كبير في (غريب القرآن)، وكتاب (التاريخ)، وغيرهما. وكان يتشيع، ويقول: إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة إنما ظهرت في دولة بني أمية، وضعها أهلها لأجل التقرب لبني أمية. ومن شعره (رحمه الله):
كم قد خلوت بمن أهوى فيمنعني *** منه الحياء وخوف الله والحذرُ
كم قد خلوت بمن أهوى فيقنعني *** منه الفكاهة والتحديث والنظرُ
أهوى الملاح وأهوى أن أجالسهم *** وليس لي في حرام منهُمُ وطرُ
كذلك الحب لا إتيان معصية *** لا خير في لدة من بعدها سقر([2])
رحمه الله برحمته وأسكنه فسيح جنته.
***
وفي هذا اليوم من سنة 365 هجرية توفّي ببغداد الناشئ الصغير أبوالحسن علي بن عبدالله بن مصيف البغدادي، الفاضل، المتكلم، الشاعر البارع، الإمامي المشهور. له كتاب في الإمامة، وأشعار كثيرة في أهل البيت (عليهم السلام) لا تحصى، حتى إنه لقب بشاعر أهل البيت (عليهم السلام). ومن شعره (رحمه الله):
بآل محمد عرف الصوابُ *** وفي أبياتهم نزل الكتابُ
هُمُ حجج الإله على البرايا *** بهم وبجدّهم لا يسترابُ([3])
وروى الحموي في (معجم الاُدباء) عن الخالع، قال: كنت مع والدي في سنة 346 هجرية، وأنا صبي في مجلس الكبودي في المسجد الذي بين الورّاقين والصاغة ببغداد، وهو غاصّ بالناس، وإذا برجل قد وافى وعليه مرقعة ـ يعني ثوب مرقّع ـ وفي يده سطيحة ـ أي مزودة ـ وركوة، ومعه عكاز، وهو شعث، فسلّم على الجماعة بصوت يرفعه، ثم قال: أنا رسول فاطمة الزهراء (سلام الله عليها). فقالوا: مرحباً بك وأهلاً. ورفعوه، فقال: أتعرّفون لي أحمد المزوّق النائح؟ فقالوا: ها هو جالس. فقال له: إني رأيت مولاتنا فاطمة (سلام الله عليها) في النوح، فقالت: «امضِ إلى بغداد واطلبه، وقل له: نح على ولدي الحسين بقول الناشئ». وأنشد الأبيات التي منها قوله:
بني أحمد قلبي لكم متقطّعُ *** بمثل مصابي فيكُمُ ليس يسمعُ
عجبت لكم تفنون قتلاً بسيفهِ *** ويسطو عليكم من لكم كان يخضعُ
كأن رسول الله أوصى بقتلكم *** فأجسامكم في كل أرض توزّعُ
قال: وكان الناشئ حاضراً، فلطم وجهه، وتبعه المزوّق، والناس كلهم، وكان أشد الناس في ذلك الناشئ والمزوق، ثم ناحوا بهذه القصيدة في ذلك اليوم، إلى أن صلّى الناس الظهر، وتفرّق المجلس([4])، رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنّته.
***
وفيه من سنة 463 هجرية توفّي الشيخ الأجل أبو يعلى حمزة بن عبد العزيز الديلمي الطبرستاني المسمَّى بسالار، يعني الرئيس المقدم. وكان مقدّماً في الفقه والأدب، له كتاب (المقنع في المذهب)، وكتاب (التقريب في أصول الفقه) وغيرهما من الكتب النافعة. قرأ على الشيخ المفيد، وعلى السيد المرتضى، وربّما درَّس نيابة عنه. وسيأتي أن وفاته في 6/ 9. رحمه الله برحمته.
***
وفيه من سنة 1295 هجرية توفّي في طهران السيد إسماعيل بن نصر الله الغريفي الذي ولد ببهبهان سنة 1229 هجرية فعمره يوم وفاته 66 سنة فقط. وقد نقل جثمانه إلى النجف الأشرف الذي تربى فيه، ونهل من نمير العلم على يد أقطابه ومجتهديه، كصاحب (الجواهر)، والشيخ الأنصاري، والشيخ حسين آل كاشف الغطاء. ولما زار السلطان ناصر الدين شاه القاجاري العتبات المقدّسة بالعراق سنة 1287 هجرية اتفق له لقاؤه، فطلب منه أن يعود إلى طهران، فأجابه إلى ذلك وعاد إليها، وما زال بها إلى أن توفى بها بالتاريخ المذكور 6/ 2/ 1295 هجرية.
***
وفي هذا اليوم 6/ 2/ 1301 هجرية، والموافق تقريباً 6/ 12/ 1883 ميلادية ولد الأديب العربي المهجري جبران خليل جبران في قرية بشري في لبنان. وقد توقّف قلبه بتاريخ 10/ 4/ 1931ميلادية.
***
وفي هذا اليوم 6/ 2/ 1405هجرية، والموافق تقريباً 31/ 10/ 1984 ميلادية أقدم ثلاثة من طائفة السيخ من حرس رئيسة وزراء الهند أنديره غاندي ابنة الزعيم جواهر لال نهرو على قتلها بالرصاص، فقتلت أمام منزلها في الساعة السادسة والنصف صباحاً، وكان عمرها حينئذ 67 سنة.
________________________
([1]) مناقب آل أبي طالب 1: 169.
([2]) شرح نهج البلاغة 20: 227، تاريخ بغداد 6: 159.
([4]) لم نعثر عليه في معجم البلدان، انظر: أعيان الشيعة 8: 284، لسان الميزان 4: 240.
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.