حدث في مثل هذا اليوم ( 24 شعبان )

حدث في مثل هذا اليوم ( 24 شعبان )

في هذا اليوم من سنة 392 هجرية توفي أبوالحسن أحمد بن الفرج الفارسي الوراق المولود 28 / 6 / 312 هجرية. كان ممن يديم قراءة القرأن، حتى قيل: إن له في كل يوم ختمة. وكان من شعراء أهل البيت عليهم السلام، وقد نقل عنه ابن شهر أشوب المتوفى 22 / 8 / 588 بعض مدائحه لهم صلوات الله عليهم. رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

وفيه من سنة 1312 هجرية توفي بسامراء آية الله العظمى مجدد المذهب الحاج الميرزا محمد حسن ابن السيد الميرزا محمود ابن السيد الميرزا إسماعيل الحسيني الشيرازي الذي كتب عنه كثير من العلماء، ومنهم الشيخ المتتبع آقا بزرك الطهراني رحمه الله؛ فقد كتب عنه (تحفة الرازي إلى المجدد الشيرازي). ومما كتبوه قولهم: إنه ولد بتاريخ 15 / 5 / 1230 هجرية، وحضر درس المحقق السيد حسن المدرس، وبحث المحقق الكلباسي. وقصد العراق في حدود سنة 1259 هجرية، وحضر الأندية العلمية، حتى نص صاحب (الجواهر) على اجتهاده، واختصّ بالتلمذه والحضور لأبحاث الشيخ الأنصاري رحمه الله، و صارت له الحظوة الكبرى عنده. فلما توفي الشيخ الأنصاري ماج الناس في تعيين المرجع بعده، فنص أعيان تلامذة الشيخ كلهم على تعيينه، فأجمع الناس على مرجعيته من ذلك اليوم 18 / 6 / 1281 هجرية. وحج& سنة 1288 هجرية، وهاجر إلى سامراء سنة 1291 هجرية، ثم تبعه أصحابه وتلامذته، فصارت سامراء مدينة للعلم. وقد أخذ عنه الكثير من فطاحل العلماء، وعادوا بسببه أئمة يقتدى بهم. وقد نشروا علمه الزاهر، وفضله الباهر على صهوات المنابر، وبين طيات الكتب والدفاتر([1]). وقد اجتمع له من الفضائل ما لم يجتمع لغيره فهو كما قيل:

ليس على الله بمستنكر *** أن يجمع العالم في واحدِ([2])

ولذلك فقد تفرد بالمرجعية الكبرى، والزعامة العظمى، حتى هابته الملوك، لا سيما بعد فتوى التنباك التي أصدرها في عام 1309، حيث منح شاه إيران ناصر الدين القاجاري المتوفى 17 / 11 / 1313 هـ امتيازاً لشركة إنجليزية بحصر توريد التبع، فأدرك رحمه الله أن هذا الامتياز أكبر خطر يهدد اقتصاد إيران، وأنه طريق لتحكم الاستعمار في مصير إيران، فأصدر فتواه المباركة بتحريم التدخين، فما شاع خبر الفتوى وإذا الناس يتركون التدخين، ويكسرون كل آلة من آلاته، وحطمت نساء الشاه كل ما في القصر ومن آلات التدخين حتى نارجيلة الشاه الخاصة به، ولم يكن للشاه حول ولا قوة أمام ذلك العمل الجبار، وجاء رئيس الشركة ومديرها يتساءل: كم يملك صاحب هذه الفتوى من الجيوش والأساطيل؟ فقيل له: إنه لا يملك شيئاً من ذلك. قال: وكم تبلغ ثروته من الملايين؟ قيل له: ولا شيء من ذلك أيضاً. فقال: إن مثل هذا لا تمكن مقاومته بالقوة.

وحاولوا بمعونة الشاه إليهم أن يوجدوا الفرقة بين العلماء، فكان مما عملوه أن الشاه جمع جماعة من العلماء وقال لهم فيما قال: إن كان التنباك حلالاً فحلال محمد حلال إلى يوم القيامة، وإن كان حراماً فلماذا كنتم تستعملونه قبل ذلك؟ فأجابه بعض العلماء بأن التنباك حلال في نفسه، ولكنه حرام بالعنوان الثانوي، وهو جلب الضرر على الإسلام والمسلمين، كما أن الماء حلال، ولكن شربه للمريض الذي يوجب له الضرر حرام. وهكذا فإن «حلال محمد حلال إلى يوم القيامة، وحرام محمد حرام إلى يوم القيامة»، ولكنَّ إلى جنب هذا القانون قانوناً يحلل الحرام، ويحرم الحلال. وبعد مناقشات حامية دارت بين الشاه وبين أولئك العلماء، غضب الشاه وقال: وأخيراً ماذا تريدون أن تفعلوا؟ فقال له بعض العلماء الجريئين: إن إمام المسلمين حرم التنباك؛ لأن فيه ضرراً على المسلمين، ونحن بانتظار أن ينفذ الشاه حكم الإمام، فإن نفذه وإلا فنحن ننفذه.

فازداد غضب الشاه، وقام وخرج من دون أن ينال شيئاً مما أراد. رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

ثم حركت سفارة الإنجليز في بغداد عدة من ذوي المظاهر الدينية للذهاب إلى المجتهد الكبير الموجود في ذلك الزمان في العراق الشيخ زين العابدين المازندراني المتوفى بتاريخ […]؛ لمحاولة الحصول على فتوى منه بحلية التبغ، ولما دخل عليه هؤلاء المغفلون، سأله أحدهم عن رأيه في الحديث القائل: «حلال محمد حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة». فأجاب الشيخ: إنه حديث صحيح، فقال ذلك المغفل: فهل كان التبغ قبل أن يحرمه الميرزا الشيرازي حلالاً أم حراماً، فقال: كان قبل ذلك حلالاً. فقال ذلك المغفل: فكيف أصبح الآن حراماً؟

فرد عليه المازندراني رحمه الله أن التبغ اليوم حرام، وحرمته الآن لا تنافي حليته السابقة؛ لأن بعض الأشياء قد تأخذ عنوانين اثنين يسمى أحدهما بالعنوان الأولي، والثاني بالعنوان الثانوي، ومثلاً من ذلك صوم شهر رمضان؛ فإنه عنوانه الأولي الوجوب، ولكن إذا طرأت حاله اضطرارية على شخص، كما إذا أصبح مريضاً مثلاً فإنه يحرم عليه الصوم بالعنوان الثانوي، وهو الضرر على المريض. فالتبغ حلال بعنوانه الأولي، ولكنه بسبب الحالة الطارئة التي تجلب الضرر على المجتمع الإسلامي فإنه أصبح حراماً بعنوانه الثانوي، وعندما تنتهي الحالة الطارئة تعود الحلية على حسب عنوانه الأولي.

وبهذا الجواب رجع اُولئك المغفلون خائبين. رحم الله علماء الدين العاملين، وأيد الله الباقين، وحفظ بهم شريعة سيد المرسلين (صلى الله على محمد وآل محمد).

***

في هذا اليوم 24 / 8 / 1369 هجرية توفي بالنجف الأشرف العلّامة الجليل الشيخ جعفر البديري النجفي. وآل بدير قبيلة عراقية، قال السيد في (الأعيان): إنه كان عالماً فاضلاً كاملاً سكن النجف ورأيناه هناك أيام وجودنا في النجف لطلب العلم، ثم رأيناه أيضاً عند تشرفنا بالزيارة عام 1352 هجرية. قال: ولما مات بالنجف الأشرف شُيِّع بتشييع حافل، وأقيمت له عدة فواتح([3]). رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

___________________

([1]) الكنى والألقاب 3: 223.

([2]) الكشاف 2: 433، شرح نهج البلاغة 7: 203.

([3]) أعيان الشيعة 4: 87.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top