حدث في مثل هذا اليوم (22 جمادى الاُولى)

حدث في مثل هذا اليوم (22 جمادى الاُولى)

وجاء في بعض التقاويم أن في هذا اليوم 22 /5/ 189 هجرية توفي القاسم ابن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) المدفون بالقرب من الحلة.

***

وفي هذا اليوم 22 من شهر جمادي الأولى سنة 1217 هجرية قتل ببغداد السيد الشريف الشيخ الحاج أحمد آقا من السلالة النبوية العلوية الفاطمية. كان من أهل العراق، وسكن دمشق الشام، وتولى فيها منصب آغات القول مدة من الزمان في أواخر القرن الثاني عشر. وهو من المناصب العسكرية في الدولة العثمانية، ثم نقل إلى العراق، وما زال بها حتى قتل بالتاريخ المذكور 22 /5/ 1217 هجرية. وللشيخ إبراهيم بن يحيى العاملي فيه مدائح كثيرة موجودة في ديوانه، ومنها قوله في بعض قصائده:

حليف العلى والمكرمات وتربها *** وأكرم فرع طبن منه العناصرُ
من النفر الغرّ الذين إليهمُ *** تؤول المعالي كلها والمفاخرُ
إذا ولد المولود منهم تهلّلت *** له الأرض واهتزّت إليه المنابرُ
وإن ذكرت أسماؤهم سلَّم الصفا *** عليهم وعجّت بالصلاة المشاعرُ
بحور أحاطت بالعباد هباتهم *** فغرَّد بادٍ بالثناء وحاضرُ
نبذت الورى لما ظفرت بحبهم *** يعاف الحصى من في يديه الجواهر

رحم الله الجميع برحمته وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم 22/ 5 /1316 هجرية توفي بالكاظمين السيد هادي شرف الدين الصدر العاملي الأصفهاني الكاظمي. ولد في النجف الأشرف سنة 1235 هجرية، وسافر به أبوه في أيام رضاعه إلى زيارة الإمام الرضا (عليه السلام) مع الأهل والعيال، ثم زار أخاه وشقيقه السيد صدر الدين الساكن بأصفهان، فأقام عنده قليلاً. توفي بأصفهان سنة 1237 هجرية، فكفله عمه صدر الدين، ورباه كأعز ولده، وشوَّقه إلى طلب العلم، فدرس منذ نعومة أظفاره. وما بلغ اثنتي عشرة سنة إلّا وهو يحضر دروس عمه في الفقه. ثم هاجر إلى النجف وبقي بها خمس سنين، ثم رجع إلى أصفهان، وتزوج ابنة عمه السيد قاسم. وبعد سنة عاد إلى النجف، فلازم درس الشيخ حسن ابن الشيخ جعفر صاحب أنوار الفقاهة، ثم لازم درس الشيخ مرتضى الأنصاري.

وفي سنة 1236 توفيت زوجته بأصفهان، وتوفي عمه صدر الدين بالعراق عندما جاء لزيارة العتبات المقدسة والمترجم حينئذٍ بالكاظمية يمرّض عمته التي سقطت من السطح فتكسرت أعضاؤها، فأراد الرجوع إلى النجف، فطلب منه جماعة منهم الفقيه الشيخ محمد حسن آل يس المتوفى في رجب سنة 1308 هـ الإقامة عندهم بالكاظمية، فأقام، واشتغل بالتدريس وحضور درس الشيخ المذكور، وتزوج ببنت بعض التجار. واستدام على تدريس العلوم الدينية بالكاظمية، فكان يجلس من أول الصبح إلى الظهر يدرس في الفقه والأصول والعربية والمنطق والكلام، لا مدرس في ذلك غيره. ويقوم مع ذلك بقضاء حوائج المحتاجين وعلاج المتمرضين؛ لأنه كان خبيراً بالطب، وقد نظم فيه أرجوزة ضمنها نفائس مطالب الطب والأخلاق، وكانت بالفارسية.

وكان جيد التحرير، حسن التقرير، قليل النوم، لا يأكل في الليل والنهار إلا مرة واحدة. وما زال على هذه الطريقة إلى أن توفي بالتاريخ المذكور 22 /5/ 1316 هجرية، وعمره (81)، ودفن في الحجرة الثانية من حجر الصحن الكاظمي الشريف على يمين الداخل من الباب الشرقي المعروف بباب المراد. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفيه من سنة 1362 هجرية توفي العلامة الجليل، والشاعر الشهير، السيد رضا الهندي عميد الأدب في العراق. وإذا كان مولده بتاريخ 8/ 12/ 1290 هجرية؛ فعمره (71) سنة وأشهر. وكان (رحمه الله) آخر أساتذة والدي الشيخ منصور المرهون المتوفى 30 /6/ 1362. وقد عزاه في والده المرحوم الحاج علي بن محمد بن حسين المرهون المتوفى بتاريخ 9 /12/ 1322 هجرية بقصيدة كان مطلعها:

لا يستخفن حلمك الأسفُ *** بالله من كل فائت خلفُ

ومن روائعه التي اشتهرت بين الناس قصيدته الكوثرية التي قالها في مدح أميرالمؤمنين (عليه السلام)، ومطلعها:

أمفلج ثغرك أم جوهرْ *** ورحيق رضا بك أم سكرْ
قد قال لثغرك صانعه *** إنا أعطيناك الكوثرْ
سودت صحيفة أعمالي *** ووكلت الأمر إلى حيدرْ
هو كهفي من نُوَب الدنيا *** وشفيعي في يوم المحشرْ
قد تمت لي بولايته *** نعم جلّت من أن تشكرْ
لأصيب بها الخطب الأوفى *** وأخصصّص بالسهم الأوفرْ
بالحفظ من النار الكبرى *** والأمن من الفزع الأكبرْ
هل يمنعني وهو الساقي *** أن أشرب من حوض الكوثرْ
أم يطردني عن مائدة *** وضعت للقانع والمعترْ
يا من قد أنكر من آيا *** ت أبي حسن ما لم ينكرْ
إن كنت لجهلك بالأيا *** م جحدت مقام أبي شبرْ
فاسأل بدراً واسأل أحداً *** وسل الأحزاب وسل خيبرْ
من دبّر فيها الأمر ومن *** أردى الأبطال ومن دمّرْ
من هدّ حصون الشرك ومن *** شاد الإسلام ومن عمرْ
من قدمه طه وعلى *** أهل الإيمان له أمّرْ
قاسوك أبا حسن بسوا *** ك وهل بالطود يقاس الذرْ
من غيرك من يدعى للحر *** ب وللمحراب وللمنبرْ
أفعال الخير إذا انتشرت *** في الناس فأنت لها مصدرْ
وإذا ذكر المعروف فما *** لسواك به شيء يذكرْ

أحييت الدين بأبيض قد *** أودعت به الموت الأحمرْ
قطباً للحرب يدير الضر *** ب ويجلو الكرب بيوم الكرْ
فاصدع بالأمر فناصرك الـ *** ـبتار وشانئك الأبترْ
أنت المهتم بحفظ الديـ *** ـن وغيرك بالدنيا يغترْ
أفعالك ما كانت فيها *** إلا ذكرى لمن أذكرْ
حججاً ألزمت بها الخصما *** ء وتبصرة لمن استبصرْ
آيات جلالك لا تحصى *** وصفات كمالك لا تحصرْ
من طول فيك مدائحه *** عن أدنى واجبها قصّرْ
فاقبل يا كعبة آمالي *** عن هدي مديحيَ ما استيسرْ

وبعث أحد شعراء بغداد إلى النجف بقصيدة عام 1317 هـ وفيها يسخر من وجود الحجة المهدي المنتظر ومطلعها:

أيا علماء العصر يا من لهم خبرُ *** بكل دقيق حار في مثله الفكرُ

فأجابه بقصيدة غراء، تركناها مخافة الإطالة.

أما الرائعة التي ختم بها حياته، وأوصى أن تكون معه في قبره، فهي:

أرى عُمُري مؤذناً بالذهابِ *** تمر لياليه مر السحابِ([1])

رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم 22/ 5، أو الذي قبله من سنة 1430 هـ توفي بقم المقدسة آية الله العظمى الشيخ محمد تقي بهجت عن عمر ناهز (96)؛ فقد كان مولده سنة 1334 هجرية. فثلم الدين بفقده؛ فقد كان (رحمه الله) مرجعاً كبيراً من مراجع التقليد، ونموذجاً عالياً من نماذج العرفان والتقوى والزهد في الدنيا.

ذكروا عنه أنه جاءه يوماً أحد علماء طهران، ففتح له الشيخ باب مجلسه، فلم يحتمل الشيخ الطهراني أن هذا هو الشيخ بهجت؛ لِما رأى من هيئته المتواضعة، فقال له: لدي شغل مع الشيخ. فقال له: تفضل بما تريد. فظن الطهراني أن هذا الرجل هو خادم المجلس، فقال: إن لي شغلاً معه هو شخصياً. فقال له الشيخ مرة ثانية: تفضل بما تريد. ولما لم يخطر بباله أنه الشيخ نفسه، خرج بدون أن يذكر حاجته، ولما صار وقت الصلاة ذهب إلى مسجد الشيخ ليصلي معه ويذكر له حاجته، فوجده هو هو. رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

آية الله العظمى الشيخ بهجت إلى الرفيق الأعلى

توفي المرجع الديني الإيراني آية الله الشيخ بهجت عن سن ناهز 96 عاماً يوم الأحد في مستشفى «ولي العصر#» بمدينة قم المقدسة إثر إصابته بنوبة قلبية.

لمحة عن حياته الشريفة

ولد آية الله الشيخ محمد تقي بهجت في عام 1334 هجري قمري في عائلة متدينة من أهل الورع والتقى في مدينة (فومن) التابعة لمحافظة جيلان في شمال إيران، وكان والده الكربلائي محمود من رجال تلك المدينة الموثوقين، والذين يرجع إليهم في حل مشاكل الناس ونزاعاتهم، وتزكى وتؤيّد سندات الملكية والمعاملات بشهاداتهم وتوقيعهم. كما كان الكربلائي محمود أيضاً من أهل الأدب والذوق الحسن، ولا يزال شعره المملوء حرارة، والذي كان يلقيه في مراثي أهل البيت وخاصة الإمام الحسين (عليه السلام) متداولاً على ألسن المداحين والقراء إلى اليوم.

أنهى آية الله الشيخ بهجت المرحلة الابتدائية من دراسته في كتاتيب (فومن)، ليتوجه بعد ذلك إلى تحصيل العلوم الدينية. وقد تجلت فيه منذ الطفولة ملامح النبوغ، وحب التحصيل، ورجاحة العقل بشكل كان يمتنع معه عما يمارسه الأطفال عادة من أنحاء اللعب واللهو. وقد قام العلامة الشيخ بهجت بالهجرة بعد تحصيل المقدمات من علوم العربية في مدينة (فومن) سنة 1348. وبعد التوقف فترة في مدينة قم قبل تأسيس الحائري (رحمه الله) للحوزة يمم شطر العراق ليقيم حوالي أربع سنوات في كربلاء المقدسة يستفيد من كبار الأساتذة كالشيخ المرجع السيد أبي القاسم الخوئي وضياء الدين العراقي والميرزا النائيني، والمحقق الشيخ محمد حسن الأصفهاني.

وكان الشيخ بهجت يتميز بالنقاش الدقيق والإيراد الناضج، وقد تحدث عنه العلّامة المرحوم السيد محمد حسين الطهراني حيث قال عنه: (إن الشيخ بهجت كان زمان المرحوم القاضي واجداً لحالات ومكاشفات غيبية إلهية، وكان حائزاً للحد الأعلى من مراتب المراقبة والصمت).

وعرف الشيخ (دام ظله) منذ طفولته بالإقبال على العبادة، والاستغراق في ذكر الله، والمواظبة على الطاعات والنوافل، وقد قيض الله له منذ ذلك الحين وقبل بلوغه سن التكليف أولياء وعلماء مربين اكتشفوا قابلياته وطهارته الذاتية، فاعتنوا بتوجيهه وإرشاده في طريق العبودية والسلوك إلى الله عزوجل. ولعل أهمهم وأعظمهم في هذا المجال العارف الكبير وأستاذ السلوك السيد علي القاضي الطباطبائي (رحمه الله).

ويتحدث المطلعون على أحوال الشيخ عن مواظبته التامة وإقباله منذ شبابه على النوافل وإحياء الليالي بالعبادة في مقامات العراق ومساجدها المعروفة كمسجد السهلة، وتروى عنه حكايات وكرامات في هذا المجال. وفي أيامنا هذه يزدحم المسجد الذي يؤم الشيخ بهجت الجماعة فيه بالمصلين من خواص فضلاء الحوزة العلمية في قم أو عوامّ المؤمنين الذين يجدون في الصلاة خلفه روحانية خاصة لا تحصل في سائر جماعات قم رغم كثرتها وكثرة الصلحاء من أئمتها، لكن أجواء الخشوع التي تفرضها قراءته وحالاته في الصلاة مما يعزّ وجوده في الأماكن الأخرى. وقد ترتفع أصوات المصلين، ويضجّ المسجد بالبكاء والتضرع أحياناً تأثراً بحالة الانقطاع والخشوع التي تتصف بها صلاة إمامهم.

ويرتبط الشيخ بهجت بزيارة يومية إلى حرم السيد فاطمة المعصومة (سلام الله عليها) في قم يقضي خلالها فترة من التوسل والدعاء والتلاوة والصلاة، ولا ينسى زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) عن بعد يومياً بزيارة عاشوراء المعروفة إلى جانب التزاماته العبادية الأخرى التي تشغل كل أوقاته قبل التدريس وبعده، فلا تجده إلّا ذاكراً أو متفكراً أو منشغلاً بطاعة في سائر أطراف ليله ونهاره. وقد اطّلعنا من بعض مقربيه أن من جملة التزاماته اليومية عدا القيام للتهجد وزيارة العاشوراء صلاةَ جعفر الطيار، وقراءة سورة القدر ألف مرة.

وكان له ارتباط بالإمام الخميني (قدس سره) الشريف الذي كان يكن محبة واحتراماً خاصين للشيخ، ولم ينقطع الإمام عن الاتصال به وزيارته في بيته إلى حين وفاته رغم الظروف الخاصة والمسؤوليات التي عاشها الإمام الخميني (قدس سره) آخر عمره.

_______________

 ([1]) ديوان السيد رضا الهندي: 39.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top