حدث في مثل هذا اليوم (18 رجب)
وجاء في بعض التقاويم أن في هذا اليوم أو في اليوم 28 / 7 / 9 توفي إبراهيم بن رسول الله (صلى الله عليه وآله). وسيأتي أنه توفي بتاريخ 30 / 10 / 9 من الهجرة. ولعل هذا القول أقرب إلى الصحة من القول الأول؛ لأنهم قالوا بكسوف الشمس في يوم موته، والشمس لا تنكسف إلا في الأيام الأخيرة من الشهر، والله سبحانه وتعالى أعلم.
***
قالوا وفي هذا اليوم من سنة 200 هجرية مرَّ ركب الإمام الرضا (عليه السلام) بنيسابور في سفره إلى المأمون، وكان في قبة مستورة بالسقلاط([1]) على بغلة شهباء، فعرض له الإمامان أبوزرعة الرازي ومحمد بن أسلم الطوسي، وهما من أجلّاء علماء السنة ورواتهم، ومعهما خلائق لا يحصون من أهل العلم وغيرهم، فقالا: أيها السيد الجليل وابن السادة الأئمة، بحق آبائك الطاهرين إلّا ما أريتنا وجهك الميمون المبارك، ورويت لنا حديثاً عن آبائك عن جدك محمد (صلى الله عليه وآله) نذكرك به.
فاستوقف (عليه السلام) البغلة وأمر الغلمان بكشف المظّلة عن القبة، والناس كلهم على طبقاتهم ينظرون إليه، وهم ما بين صارخ وباكٍ، فصاحت الأيمة والعلماء والفقهاء: أيها الناس، اسمعوا وعوا، وأنصتوا لسماع ما ينفعكم، ولا تؤذونا بكثرة صراخكم وبكائكم. وكان المستملي أبا زرعة ومحمد بن أسلم الطوسي، وكان من جملة الحاضرين محمد بن رافع، وأحمد بن الحارث، ويحيى، وإسحق بن راهويه المتوفى بتاريخ 15 / 8 / 237، وهم أيضاً من أجلة علماء السنة، فأملى عليهم الإمام الرضا (عليه السلام) حديث سلسلة الذهب([2]).
***
في هذا اليوم من سنة 279 هجرية توفي الخليفة الخامس عشر من خلفاء بني العباس المعتمد بن المتوكل بن المعتصم بن هارون الرشيد وهو ابن ثمانٍ وأربعين سنة، ومدة خلافته منها 23سنة. ويبدو من بعض الروايات أنه عندما تولى الخلافة كان يعيش في جو من القلق والخوف بعدما جرى على أسلافه ما جرى من الأتراك والموالي، حتى إن بعضهم قُتل في السنة الأولى من خلافته؛ فالمنتصر قتل ولم يمضِ عليه في الخلافة إلّا ستة أشهر، والمهتدي قتل ولم يمضِ عليه في الخلافة إلّا أحد عشر شهراً وخمسة عشر يوماً لذلك لم يبقَ للمعتمد أمل في البقاء في الخلافة إلّا بدعوة مستجابة، ولم يجد لتلك الدعوة أهلاً إلّا الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، فجاء إليه بيته، وطلب منه أن يدعو الله أن يبقيه في الخلافة ولو عشرين سنة. ولم يتردّد الإمام في إجابة طلبه، فقال: «مد الله في عمرك»([3]). فذهب كل ما في قلبه من الخوف والقلق؛ لمعرفته بما للإمام (عليه السلام) من مكانة عند ربه.
ولكنه مع ذلك فإنه قد وقف منه نفس الموقف الذي وقفه سلفه مع آباء الإمام وأجداده، وتشير بعض الروايات إلى أنه سجنه أكثر من مرة، وقد اشتهر أنه قتله بالسم، فمات مسموماً بتاريخ 8 / 3 / 260 هجرية. ولما مات المعتمد تولى بعده ابن أخيه المعتضد بن الموفق.
***
وفي هذا اليوم من سنة 1424 هجرية توفي بقم المقدسة سماحة الفاضل الشيخ محسن ابن الحاج علي الصادق التاروتي القطيفي الذي أكمل دراسته في ثانوية بلده تاروت العامة بتاريخ 16 / 9 / 1406 هجرية، والتحق بعدها بحوزة الأحساء العلمية، فدرس بعض المقدمات على أيدي بعض الأساتذة الأفاضل، ثم سافر إلى قم سنة 1407 هجرية ومازال بها يدرس ويدرس ويشارك في بعض النشاطات العلمية والاجتماعية إلى أن وافاه الأجل وهو بعد لم يصل الأربعين من عمره، ففجع أهله ومحبوه بفقده.
وقد تم تشييعه يوم الأربعاء 20 / 7 / 1424 هجرية في موكب مهيب، وصلى عليه آية الله الشيخ الميرزا جواد التبريزي المتوفى بتاريخ 29 / 10 / 1427، ووري الثرى عند مغيب الشمس مخلفاً في قلوب المؤمنين جرحاً نازفاً وحزناً طويلاً. وقد رثاه ابن عمه الشاعر أبوهشام الصادق فقال:
رحيلك أفجع العلماء حقاً *** بكا من أجله الشيخ الكبيرُ
فتلك عمائم وردت لقم *** لنعشك في أناملها زهورُ
تعزي فيكُمُ حوزات قم *** بفقدك أيها الشيخ الوقورُ
ستبقى للعقيدة مد فكر *** بأعماق النفوس له جذورُ
إذا ما أجدبت منا سماء *** ففكرك شيخَنا قبس ونورُ
رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
_______________
([1]) السقلاط، أو السقلاطونيّة: ثياب تنسب إلى بلد في الروم يقال له سقلاطون. تاج العروس 10: 292 ـ سقلط.
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.