حدث في مثل هذا اليوم ( 17 رمضان )
في اليوم السابع عشر من شهر رمضان المبارك، وقيل: في السابع والعشرين منه يوم الجمعة من سنة 2 من الهجرة حصلت معركة بدرالكبرى التي أعز الله بها الاسلام وأهله، وأذل بها الشرك وأهله، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾([1]). وسمى الله سبحانه وتعالى يومها يوم الفرقان؛ لأنه جلّ وعلا فرق فيها بين الحق والبطل، فقال: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾([2])، فقد قتل في هذه الواقعة المباركة من صناديد قريش سبعون منهم فرعون الأمة أبو جهل الحكم بن هشام المخزومي صرعه غلامان من بني عفراء، واحتزّ رأسه عبد الله بن مسعود رض، ومنهم عتبة بن ربيعة صرعة عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، وجهز عليه علي(عليه السلام)، وأخوه شيبة بن ربيعة قتله علي وحمزة بن عبد المطلب رض، وولده الوليد قتله علي(عليه السلام) وحده. ومنهم حنظلة بن أبي سفيان بكر هند شرك علي(عليه السلام) في قتله ولذلك كانت هند تندبهم وتقول:
أبي وعمي وشقيق بكري *** أخي الذي كانوا كضوء البدرِ
بهم كسرت يا علي ظهري([3])
ومنهم أُمية بن خلف الجمحي الذي كان يعذب بلالاً على الإسلام، قتله بلال. قال بعض المؤرخين: وكان ممن قتلهم علي(عليه السلام) أو شارك في قتلهم في هذا اليوم سبعة عشر على أقل الأقوال، وأما المشهور فإنه قتل النصف، وشارك المسلمين في النصف الثاني. وخسرالمسلمون في هذه المعركة أربعة عشرشهيداً: ستة من المهاجرين ومنهم من بني هاشم عبيدة الحارث بن عبد المطلب الذي قال له النبي(صلى الله عليه وآله): «أنت أول شهيد من أهل بيتي»([4]). وثمانية من الأنصار: خمسة من الخزرج، وثلاثة من الأوس وأسر من قريش سبعون، ولم يؤسر من المسلمين ولا واحد، والحمد لله رب العالمين.
***
وفي هذا اليوم من سنة 40 من الهجرة خطب أمير المؤمنين(عليه السلام) على منبره في مسجد الكوفة، ثم التفت إلى ولده الإمام الحسن(عليه السلام) وكان عن يمين المنبر، فقال: «كم مضى من شهرنا هذا؟». قال: «سبعة عشر ليلة يا أمير المؤمنين». ثم التفت إلى ولده الحسين(عليه السلام) وكان عن يسار المنبر وقال كم بقي من شهرنا هذا قال ثلاثة عشر ليلة يا أمير المؤمنين فضرب بيده على لحيته وكانت بيضاء، وقال: «أما آن لأشقاها أن يخضبها بدمها؟»([5]). ولذلك قال بعض الشعراء من معاصريه(عليه السلام):
قد كان يخبرنا أن سوف يخضبها *** أشقى البرية أشقاها وقد كانا([6])
***
وفيه من سنة 58 توفيت أم المؤمنين عائشة، وصلى عليها أبو هريرة، وكان حينئذٍ أميراً على المدينة نيابة عن مروان الذي ذهب للعمرة الرمضانية، ودفنت في البقيع، وتغمدها الله برحمته.
***
وفيه من سنة 124 هجرية توفي محمد بن مسلم المدني الزهري. روى صاحب كتاب (كشف الغمة)([7]) أن الزهري (رحمه الله) كان عاملاً لبني أمية، فعاقب رجلاً بالضرب فمات، فندم وخرج هارباً على وجهه، وتوحش ودخل في كهف، وطال شعره، وساء حاله، فحجّ الإمام زين العابدين(عليه السلام) فدخل عليه وكلمه في ذلك وقال له: «إني أخاف عليك من قنوطك أكثر مما أخافه عليك من ذنبك، فابعث بدية مسلمة إلى أهله، وكفّر عن ذنبك، واخرج إلى أهلك ومعالم دينك». فقال: فرجت عني يا سيدي، و﴿اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾([8]). قال القمي في (سفينة البحار) و(في الكنى والألقاب): وقد اختلفت كلمة علمائنا في مدحه وقدحه، والله أعلم.
***
وفيه من سنة 256 هجرية دخل صاحب الزنج إلى الأهواز، وسيأتي أن ابتداء أمره 26 / 9 / 255، وأن دخوله البصرة 17 / 10 / 257.
***
وفيه من سنة 361 هجرية فرغ جوهر الصقلي من بناء الأزهر بالقاهرة التي بناها هو أيضاً سنة 358 هجرية.
***
وفي الليلة السابعة عشرة من سنة 373 هجرية رأى الشيخ حسن بن مثلة الجمكراني جماعة قد أقبلوا إليه في بيته، وأيقظوه من نومه، وذهبوا به إلى الإمام الحجة المنتظر# في موضع مسجد جمكران الموجود الآن، وهو حينئذٍ في مزرعة رجل يسمى حسن بن مسلم القمي، فقال له الإمام ما معناه: «قل لمحمد ابن مسلم يتخلى عن هذه القطعة من مزرعته؛ فإنها ليست له، وإنما ضمها إلى مزرعته من قبل خمس سنين بغير حق، فعليه أن يتخلى عنها، ويدفع ريعها لهذه المدة إليكم؛ لتبنوا عليها مسجداً؛ فإنها أرض شريفة، وإن الله اختارها لتكون مسجداً».
وانتبه من نومه، وجدَّ في تحقيق ما رآه في رؤياه، حتى تكوَّن المسجد الموجود خارج قم المقدسة، والذي يقصده الناس ولا سيما ليلة الأربعاء، ويتوسلون إلى الله فيه بالإمام المهدي(عليه السلام) لقضاء حوائجهم.
***
وفي هذا اليوم من سنة 710 هجرية توفي القطب الشيرازي عن عمر يناهز 77، واسمه محمود بن مسعود بن مصلح الكازروني الفاضل العلّامة الفهامة الشافعي، تلميذ الخواجة نصير الدين الطوسي. وكان وحيد عصره في المعقول والمنقول، وله تلاميذ كثيرة، وتصانيف شهيرة. وحكي عنه أنه سئل في مجمع من السنة والشيعة عن أفضل الناس بعد النبي(صلى الله عليه وآله)، فأجاب بقوله:
خير الورى بعد النبي *** من بنته في بيته
من في دجى ليل العمى *** ضوء الهدى في زيته([9])
وقد ذكر عن ابن الجوزي أنه أجاب بمثل هذا الجواب، وتوفي القطب الشيرازي في تبريز، ودفن إلى جنب البيضاوي، ورثاه ابن الوردي المتوفى بتاريخ 17 / 12 / 749 بقوله:
لقد فقد الأعلام حبراً مبرزاً *** كريم السجايا فيه من بُعده قربُ
عجبت وقد دارت رحى العلم بعده *** وهل للرحى دور وقد عدم القطبُ([10])
***
وفيه أو في يوم عيد الفطر من سنة 716 هجرية توفي الجايتو محمد خدابنده بن أرغون بن أبغا بن هولاكو المغولي الذي طلق زوجته ثلاثاً بكلمة واحدة، وفي مجلس واحد، ثم أراد مراجعتها فأبى عليه علماء المذاهب الأربعة، وقالوا: إنها لا تحلّ لك حتى تنكح زوجاً غيرك. فعظم ذلك على السلطان، وسأل: هل يوجد في مذاهب المسلمين من يرى عدم صحّة هذا الطلاق؟ فقالوا: ليس هناك إلا الشيعة، وهم فئة قليلة. فطلب السلطان عالماً من علمائهم، فجاؤوا له بالعلامة الحلي(رحمه الله) المتوفى بتاريخ 11 / 1 / 726 فناظر علماء المذاهب في ذلك، وألزمهم الحجة، وبيّن لهم أن مثل هذا الطلاق لا يكون إلّا طلقة واحدة، فلو أراد صاحبه الرجوع إلى مطلّقته جاز له ذلك. وبسبب ذلك تشيّع السلطان خدابنده، ورجع إلى زوجته، فخطب العلّامة خطبة الشكر، ضمنها الحمد والثناء على الله، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله الطاهرين، فاعترضه السيد الموصلي الحنبلي، وقال له: بأي دليل تجوز الصلاة على غير الأنبياء؟ فقال العلّامة الدليل على ذلك قوله تعالى ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ*أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾([11]). فقال السيد الموصلي: وأي مصيبة أصابت أهل البيت، حتى تجوز الصلاة عليهم؟ فقال العلّامة: لو لم يكن من مصائبهم إلّا أنك من أبنائهم، وأنت تفضل عليهم من هو دونهم، لكفى([12]). فاُعجب الحاضرون بجوابه، وضحكوا على المعترض عليه.
وكان تشيّعه سنة 708، وقيل بوفاة الملك خدابنده(رحمه الله) في التاسع والعشرين من شهر رمضان والله سبحانه وتعالى أعلم.
ومعنى الجايتو يعني السلطان المبارك. وقيل: كان مولده بتاريخ 11 / 12 سنة 680هجرية، وعليه فعمره (36)سنة فقط، وقيل: عمره 63؛ وعليه فلابد أن يكون ميلاده قبل هذا التاريخ.
***
وفي هذا اليوم 17 / 9 / 1272 هجرية الموافق 22 / 5 / 1856م ولد في لبنان الأديب الكبير سليمان البستاني، وهو من رجال الأدب والسياسة، تسلم وزارة التجارة والزراعة، وتنقل كثيراً في البلاد العربية والأوروبية، ونشر كتباً وأبحاثاً كثيرة، وتولى تحرير مجلة لبنان. ومجلة الجنة ومجلة الجنينية، وتوفي عام 1925م وعمره 61 سنة.
***
وفيه من سنة 1318 توفي آية الله السيد محمد هاشم الموسوي الخونساري الأصفهاني(رحمه الله).
***
وفي هذا اليوم 17 / 9 أو 18 / 9 من سنة 1322 هجرية توفي بالنجف الأشرف المولى محمد بن المولى فضل علي بن عبد الرحمن الشرابياني؛ نسبة إلى شرابيان (قرية من أعمال سراب) من مضافات تبريز. ولد سنة 1245 هجرية، وهاجر إلى النجف سنة 1272 هجرية، وحضر بحث العلّامة الأنصاري المتوفى 18 / 6 / 1281هـ وبعده حضر بحث الحجة السيد حسين الترك الكوه كمري المتوفى 23/ 7/ 1299 هـ. ولما توفي الكوه الكمري المتوفى 23 / 7 / 1299هـ طفق المذكور يقرر أبحاثه على الطلبة، فازدلفوا إليه، وكان قد ألف أبحاثه في تسع مجلدات، فانتهت إليه وإلى معاصره المامقاني المتوفى في المحرم سنة 1323 رئاسة بلاد الترك من القفقاز وتبريز وغيرها من بلاد أذربيجان. رحمهم الله برحمته وأسكنهم فسيح جنته.
______________________
([3]) مناقب آل أبي طالب 2: 313، سعد السعود: 104.
([4]) مناقب آل أبي طالب 1: 163، بحار الأنوار 19: 225.
([5]) تاريخ مدينة دمشق 42: 537، باختلاف يسير.
([6]) وفيات الأئمة(عليهم السلام): 59.
([7]) كشف الغمّة 2: 317 ـ 318.
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.