حدث في مثل هذا اليوم ( 14 جمادی الاُولى)
وفيه من سنة 338 هجرية توفي بشيراز عماد الدولة علي بن بويه أول من ملك من بني بويه. وقد تقدم الكلام عن ابتداء دولتهم بتاريخ 19/ 1 عند الكلام على وفاة أخيه ركن الدولة فراجع.
وقد ساعد هذا الرجل الحظّ في أمور منها أن الجند طلبوا أرزاقهم منه، ولم يكن عنده ما يعطيهم، فكاد ينحلّ أمره، وأصابه غم شديد. فبينما هو مستلقٍ على ظهره يفكر ماذا يصنع، إذ رأى حية قد خرجت من موضع في سقف الغرفة ودخلت في ثقب، فخاف أن تسقط عليه، فدعا الفراشين ففتحوا الموضع، فرأوا وراءه غرفة أخرى، فدخلوها، فوجدوا فيها عشرة صناديق مملوءة ذهباً وفضة فأنفق منه على الجند، وثبت ملكه بعد أن أشرف على الانحلال.
ومنها أنه أراد أن يفصّل له ولحاشيته ثياباً، فدلوه على خياط لياقوت حاكم شيراز الأول، فلما استدعاه حضر وهو في حال شديد من الخوف، فقال له عماد الدولة: لا تخف، إنما أحضرناك لتفصل لنا ثياباً. فلم يفهم ما قال له عماد الدولة؛ لأنه كان أصمّاً، وبدأ يحلف بالطلاق والبراءة من الإسلام أن الصناديق التي أودعها عنده الحاكم السابق ياقوت على ما هي، وأنه لم يخن منها شيئاً. فتعجب عماد الدولة، وأمر بإحضار الصناديق، فاُحضرت، وإذا هي ثمانية صناديق مملوءة من المال والثياب. رحمه الله برحمته.
***
في هذا اليوم من سنة 349 هجرية توفي بنيسابور أبو علي الحسين بن علي بن يزيد بن داود النيسابوري الحافظ الكبير صاحب التصانيف النافعة، وهو أستاذ الحاكم النيسابوري محمد بن عبد الله المتوفى 3/ 2/ 405 هجرية، كما تقدم. روي عن أبي بكر بن أبي دارم الكوفي الحافظ أنه قال: ما رأيت أبا العباس ابن عقدة المتوفى سنة 323 هجرية يتواضع لأحد من حفاظ الحديث كتواضعه لأبي علي النيسابوري([1]). رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.
***
وفي اليوم 14/ 5 من سنة 498 هجرية توفي بواسط أبو الحسن محمد بن علي الواسطي المعروف بابن أبي الصقر الفقيه الشافعي الأديب الشاعر، وكان عمره يوم وفاته نحو 80 سنة؛ ولذا ضعف عن القيام لاستقبال زائريه، فقال معتذراً:
علة سميت ثمانين عاماً *** منعتني للأصدقاء القياما
فإذا عُمّروا تمهد عذري *** عندهم بالذي ذكرت وقاما([2])
وقال أيضاً عن نفسه:
ابن أبي الصقر افتكرْ *** وقال في حال الكبرْ
والله لولا بولة *** تحرقني وقت السحرْ
لما ذكرت أن لي *** ما بين فخديّ ذكرْ([3])
رحمه الله برحمته.
***
في هذا اليوم 14/ 5/ 1343 هجرية، والموافق تقريباً 11/ 12/ 1924م صدرت أول صحيفة سعودية، وهي صحيفة (أم القرى)، ولا تزال تصدر حتى الآن أسبوعياً، ونحن الآن في سنة 1424 هجرية.
***
وفي هذا اليوم من سنة 1359 هجرية ـ وكان يوم الخميس ـ توفي بالمحمرة العالم الجليل السيد علي ابن السيد عدنان الغريفي، فشيع جثمانه الطاهر إلى النجف الأشرف، فصلى عليه المرجع الكبير السيد أبوالحسن الأصفهاني، ودفن في جوار جده (عليه السلام).
وقد اُقيمت له الفواتح في كثير من البلدان، ورثاه كثير من الشعراء، ومنهم الشيخ علي الجواهري بقصيدة غرّاء قال فيها:
مالي أرى نادياً قد كان مأهولا *** بالعلم والفضل معقولا ومنقولا
أضحى من العلم خلواً بعد بهجته *** وعاد صارمه البتار مغلولا
رحلت لكن أملاك السما زمراً *** من حول نعشك تقفو إثر جبريلا
لخير مثوى تعالى أن تدانيَه *** مقدسات الأراضي كلها طولا
أبكي على مجد عدنانٍ لقد عصفت *** به المنون فعاد اليوم مجدولا
رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.
***
وفي هذا اليوم وهو اليوم الرابع عشر من شهر جمادى الأولى ـ وكان يوم الاثنين ـ من سنة 1424 هجرية توفي خطيب العلماء، وعالم الخطباء، المقرِّب المصلح، الدكتور الشيخ أحمد ابن الشيخ حسون بن سعيد بن حمود الليثي الوائلي المولود 17/ 3 سنة 1346، وهو يوم مولد الرسول (صلى الله عليه وآله)؛ ولذلك سماه أبوه أحمد، وتفاءل له بالخير، فحصل له ما أمّل. وقد توفي بالتاريخ المذكور 14 /5/ 1424 هـ فعمره يوم وفاته يقارب 78. وقد اشتهرت اُسرته في النجف باُسرة آل حرج، وهو اسم الجدّ الأعلى لهذه الاُسرة، وهو أول من نزح من بلدة «الغرّاف» بلدتهم الاُولى، وجاء إلى النجف الأشرف، واتخذها موطناً ومسكناً له ولعياله. وقد عرفت هذه الاُسرة بالجودة والثقل العلمي والأدبي، ولكن الشيخ الوائلي هو الذي نبه الناس إلى معرفة اُسرته، وجعل اسمها لامعاً شائعاً في دنيا العلم والأدب، فهو كما قال الشاعر:
كم من أب قد سما بابن له شرفاً *** كما سما برسول الله عدنانُ([4])
وكان قد أجاد قراءة القرآن وهو ابن سبع سنين، وواصل دراسته بجد واجتهاد في المدارس الرسمية، ثم التحق بكلية الفقه وتخرج منها، وانتقل إلى بغداد وواصل دراسته في معهدها معهد العلوم الإسلامية حتى حصل على الماجستير، ثم سافر إلى القاهرة وحصل على شهادة الدكتوراه في العلوم الإسلامية.
وهو مع جميع هذه المراحل الدراسية الشاقة كان يصعد المنبر للتوجيه والإرشاد والدعوة إلى الإسلام، ويتتلمذ في العلوم الحوزوية على ثلة من أساطين العلماء، ومن أبرزهم العلامة الشيخ محمد رضا المظفر مؤسس كلية الفقه بالنجف الأشرف، وقد توفي هذا الشيخ بتاريخ 16 /9/ 1383 هجرية. وقد رثاه الشيخ الوائلي بقصيدة قال فيها:
لا لن يموت ندي منك مؤتلقٌ *** بالنيرات وبالأمجاد منعقدُ
يا أيها النبع ثرَّاً في تدفقه *** أيام أغزر ما في دهرنا الثمدُ
ستون عاماً ضخاماً في حصائلها *** وإن تبدّى قصيراً عندها العددُ
ومن عطائك فيها ألف باسقة *** شوامخ في نداها للسما نُهدُ
لا يأكلُ التربُ روحاً منك خالدة *** بل كل ما للتراب الشلو والجسدُ
وكان الخطيب الكبير في الأوساط العلمية في النجف وغيرها في الخمسينيات هو السيد صالح الحلي المتوفى بتاريخ 29 /10/ 1359 هجرية، والذي رثاه الشيخ عبد المهدي مطر بقصيدة قال فيها:
بكتك الخطابة والمنبرُ *** وناح لك الطرس والمزبرُ
وفيك انطوت صفحة للبيانِ *** بغير لسانك لا تنشرُ
ثم كان البديل منه هو الشيخ محمد علي اليعقوبي المتوفى بتاريخ 21 /6/ 1385 هـ، ولما توفي (رحمه الله) لم يكن من السهل أن تتصور الذهنية العامة بروز خطيب يخلفه؛ لِما وصل إليه من المستوى الرفيع في الخطابة العلمية والأدبية، ولكن المفاجأة كانت غريبة وعجيبة جداً بظهور الدكتور الشيخ أحمد الوائلي الذي فاق من مضى قبله، وأعجز من يأتي بعده. وقد كانت وفاته ببغداد بعد اُسبوع واحد من قدومه إلى العراق التي فارقها أكثر من عشرين سنة لأمور سياسية. وقد عبر عن حنينه إليها بقوله:
وادي الغري وحق رملك وهو ما *** أشتاقه في غدوتي ومسائي
لوتستبين على البعاد مشاعري *** ملهوبة كالجمر في الظلماءِ
وصبابتي وأنا القصي عن الحمى *** وبمقلتيَّ تلفت الغرباءِ
لحزنت لي ولحنّ رملك مثلما *** ضج الحنين بأدمعي ودمائي
فأنا ابنك البر الوفي وفطرةٌ *** عطف الأب الحاني على الأبناءِ([5])
إلى آخر القصيدة رحمه الله برحمته وأسكنه فسيح جنته.
مؤلفاته:
1ـ الشعر الواله ج1 ـ 2
2ـ هوية التشيع
3ـ أحكام السجون
4ـ من فقه الجنس
5ـ الأولويات في حياة الإمام علي
6ـ جمعيات حماية الحيوان في الشريعة الإسلامية
7ـ الخلفية الحضارية لموقع النجف قبل الإسلام
8ـ تجاربي مع المنبر
9ـ إيقاع الفكر
10ـ استغلال الأجير وموقف الإسلام منه
وأخيراً قامت مؤسسة المصطفى (صلى الله عليه وآله) للنشر والتحقيق بالعمل على طبع محاضراته وقد طبع منها حتى عام 1432هـ (21) مجلداً وفقهم الله لمراضيه.
_________________
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.