حدث في مثل هذا اليوم (12 محرم الحرام)

حدث في مثل هذا اليوم (12 محرم الحرام)

وفيه أرجع موسى بن عمران (عليه السلام) وصيه يوشع بن نون (عليه السلام) إلى مصر، وأرجع معه أربعة وعشرين ألفاً من بني إسرائيل إلى مصر ليتصرفوا في أموال فرعون ومن أغرقه الله معه من القبطيين. وهذا القول يتناسب مع ما تقدّم من أنّ الله سبحانه أغرق فرعون وقومه في اليوم الخامس أو العاشر من المحرم، وقد قيل في ذلك غير ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

وفي هذا اليوم قُتل عبدالله بن عفيف الأزدي، وقد قيل في سبب شهادته: إنّ ابن زياد صعد المنبر في مسجد الكوفة وخطب الناس، وقال في خطبته: الحمد لله الذي أظهر الحقّ وأهله، ونصر أمير المؤمنين وحزبه، وقتل الكذّاب ابن الكذّاب وشيعته. فقام إليه عبد الله بن عفيف، وكان ضريراً قد ذهبت إحدى عينيه يوم البصرة، والثانية يوم صفين بين يدي مولانا أميرالمؤمنين (عليه السلام)، فقال: يابن مرجانة، الكذّاب أنت وأبوك، والذي ولّاك وأبوه، تقتلون أولاد النبيين وتتكلمون بكلام الصديقين؟ فقال ابن زياد: من هذا المتكلم؟ فقال أنا المتكلم يا عدو الله، تقتل الذرية الطاهرة الذين أذهب الله عنهم الرجس، وتزعم أنّك على دين الإسلام؟ وكانت النهاية أن قتله ابن زياد لعنه الله([1]).

***

في اليوم الثاني عشر من هذا الشهر من سنة 61 هجرية دخلوا بعيال آل رسول الله‘ سبايا إلى الكوفة، وقد فرق ابن زياد في الكوفة عشرة آلاف من جنده، ونادى مناديه بمنع حمل أي شيء من السلاح لأي أحد من الناس حتى السيف والعصا كلّ ذلك خوفاً من الناس أن تحرّكهم الحمية على آل رسول الله (صلى الله عليه وآله).

فلما دخل السبي في غمار الناس نادت اُم كلثوم: «يا أهل الكوفة، سوءة لكم؛ خذلتم حسيناً وقتلتموه، ونهبتم أمواله وورثتموه، وسبيتم نساءه ونكبتموه، فتبّاً لكم وسحقاً. ويلكم، أتدرون أيّ دواهٍ دهتكم، وأيّ وزر على ظهوركم حملتم، وأيّ دماء سفكتموها، وأيّ كريمة أصبتموها، وأي صبية سلبتموها، وأيّ أموال انتهبتموها؟ قتلتم والله خير رجالات بعد النبي (صلى الله عليه وآله)، ونزعت الرحمة من قلوبكم، ألا إنّ حزب الله هم الغالبون، وحزب الشيطان هم الخاسرون». ثم أنشدت:

قتلتم أخي صبراً فويل لاُمكُمْ *** ستجزون ناراً حرّها يتوقدُ
سفكتم دماء حرّم الله سفكها *** وحرّمها القرآن ثم محمدُ
ألا فابشروا بالنار إنكُمُ غداً *** لفي سقر حقّاً يقيناً تخلدوا

قال أهل السير: فضجّ الناس بالبكاء والنحيب، ولم يُرَ باكٍ ولا باكية أكثر من ذلك اليوم([2]). فـ ﴿إنَّا لِله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾.

***

وفي هذا اليوم من سنة 735 هجرية توفي في أردبيل صفي الدين أبو الفتح إسحاق ابن السيد أمين الدين الأردبيلي الموسوي، ينتهي نسبه الشريف إلى حمزة ابن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)، وهو جدّ السادة الملوك الصفويين الذين ملكوا من سنة 906 هجرية إلى سنة 1140 هجرية، أولهم الشاه إسماعيل الأول ابن السلطان حيدر ابن السلطان شيخ جنيد المقتول ابن السطان الشيخ إبراهيم ابن الخواجة علي المتوفى ببيت المقدس سنة 833 هجرية ابن الشيخ صدر الدين موسى ابن الشيخ صفي الدين الموسوي الأردبيلي المذكور.

ملك الشاه إسماعيل من سنة 906 هجرية إلى سنة 930 هجرية، وسيأتي الكلام عليه بتاريخ 15/ 1. وملك بعده ولده الشاه طهماسب من سنة 930 إلى سنة 984 هجرية، وسيأتي الكلام عنه.

وملك بعده ولده الشاه إسماعيل الثاني، ولم تطل مدّته فتوفي سنة 985هجرية.

وملك بعده أخوه السلطان محمد المكفوف إلى سنة 996 هجرية.

وملك بعده ولده الشاه عباس الأول إلى سنة 1038 هجرية.

وملك بعده ولده الشاه صفي الأول إلى سنة 1052 هجرية.

وملك بعده ولده الشاه عباس الثاني إلى سنة 1078 هجرية.

وملك بعده ولده الشاه صفي الثاني إلى سنة 1105هجرية.

وملك بعده ولده السلطان حسين إلى سنة 1140 هجرية، وبه انتهت دولتهم، فسبحان من لا يزول ملكه. وسيأتي الكلام على كل من نظفر بتاريخ مولده أو وفاته.

ولما توفّي الأردبيلي (رحمه الله) دفن ببلدة أردبيل، وهي بلدة بآذربيجان شمال إيران، ودفن عنده جماعة من أولاده وأحفاده كالشيخ صدر الدين، والشيخ جنيد، والسلطان حيدر، والشاه إسماعيل، والشاه محمد خدابنده، والشاه عباس الأول، وغيرهم. رحمهم الله برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

قال صاحب (وقائع الأيام والشهور): وقد صُنّف في حالات الأردبيلي وكراماته عدّة كتب منها كتاب (صفوة الصفا) لابن البزار (رحمه الله).

***

وفي هذا اليوم 12 من شهر المحرم الحرام سنة 1183 هجرية توفي الشيخ حسن ابن الحاج علي آل حلاوة القاقعاني، نسبه إلى بلدة قاقعية الجسر من جبل عامل. وآل حلاوة عائلة شهيرة في بلدة قاقعية وصور من بلدان عامل، ومنهم المترجم، وكان عالماً فاضلاً. قال الأمين في (الأعيان): ومنهم العالم الفاضل المعاصر الشيخ علي بن الشيخ جواد حلاوة الذي يسكن القاقعية([3]). رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

وفي ليلة هذا اليوم سنة 1308 هجرية توفي بالنجف الأشرف الشيخ محمد حسين ابن الشيخ هاشم، العاملي أصلاً، الكاظمي مولداً ومنشأً، النجفي مسكناً ومدفناً. كان أبوه ضعيف الحال، وله دكان يعمل فيه، فلمّا قرأ ولده القرآن أخذه معه في الدكان ليعينه على كسب المعيشة، فتاقت نفسه إلى طلب العلم، فسأل بعض أهل العلم، كيف يصنع من يريد طلب العلم؟ فقال: احفظ أولاً الأجرومية، فالتمسه أن يكتبها له ففعل، فجعل يقرأ فيها، فلما رأه أبوه غضب عليه وضربه، وقال: إن هذا يلهيك عن الكسب فدعه.

فجعل إذا غاب أبوه قرأ فيها، وإذا حضر خبّأها، فلما أكملها سأل مرشده، كيف يصنع؟ فأشار عليه بالذهاب إلى النجف، فاكترى دابة وخرج إلى النجف بدون أن يعلم أبوه، وليس معه شيء إلّا كراء الدابة، فأطعمه المكاريَّة في الطريق من فاضل طعامهم، وأوصلوه إلى النجف، فدخل الصحن الشريف، فجلس فيه إلى أن انصرف الناس، فجاء السدنة ليخرجوه، فأخبرهم بخبره، فسلّموا إليه حجرة، فنام فيها، وجاؤوا له بعشاء، فتعرّف على طلبة العلم، وجعل يأخذ عنهم وهو في تلك الحجرة، ويعيش على الدعوات والصدقات، وإذا لم يجد شيئاً يبيت طاوياً حتى اشتهر أمره، وظهر فضله. وما زال حتى صار مرجعاً تجبى له الأموال، فكان يصرفها في وجوهها، ويأكل الجشب، ويلبس الخشن، حتى مات ولم يترك لورثته شيئاً.

وكان لا تفوته عيادة مريض، ولا تشييع جنازة، ولا زيارة قادم، وكان محافظاً على كرامة أهل العلم حتى قيل: إن بعض سدنة المشهد الشريف أهان بعض الطلبة، فبلغه ذلك، فلقي رئيس السدنة ـ وهو يومئذ أجلّ مَنْ في البلد ـ فتهدده، وقال له: لئن لم تردع أعوانك عن إهانة العلماء لأخرجنك من النجف.

فلم يستطيع أن يردّ عليه الرئيس بشيء لعظمته في نفوس الناس، ثم زاره الشيخ وقال له: إنّما أردت بقولي لك أن اُؤدب السدنة. فقال له: لست أخرج عن أمرك.

وتوفّي بعض العلماء في وقت كانت الحكومة تمنع دخول الجنائز إلى المشهد الشريف، فجاء إليه الطلبة يستشيرونه في أمر الجنازة، فمشى بهم وشيعوا الجنازة، وهو يقول:

وآية السيف *** تمحو آية القلمِ

حتى دخلوا بها المشهد، ولم يسع الحكومة إلّا السكوت عنه لعظيم شأنه وسعة مرجعيته([4]). رحمه الله برحمته.

***

في ليلة هذا اليوم، وكانت ليلة جمعة 12 /1/ 1415 هجرية استشهد حجّة الإسلام السيد محمد تقي الخوئي، مع رفيقه السيد محمد أمين الخلخالي، وطفله البالغ من العمر ست سنوات في حادث سيارة مدبّر من قبل النظام البعثي الحاكم في العراق بين النجف وكربلاء: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ([5]).

___________________

([1]) مثير الأحزان: 72، تاريخ الطبري 4: 351.

([2]) مثير الأحزان: 69.

([3]) أعيان الشيعة 5: 187.

([4]) انظر في كل ذلك أعيان الشيعة 9: 257.

([5]) النمل: 227.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top