حدث في مثل هذا اليوم (12 رجب)

حدث في مثل هذا اليوم (12 رجب)

في هذا اليوم، أو في اليوم الرابع عشر منه، أو في الرابع عشر من شهر رمضان سنة 32 تُوفّي العباس بن عبد المطلب عمّ رسول الله|. وإذا كان مولده قبل عام الفيل بثلاث سنين؛ فعمره يوم وفاته 88 سنة. وقد روي عنه (رحمه الله) أنّه إذا سُئل: أيّكما أكبر؛ أنت، أم رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ يقول: رسول الله أكبر منّي وأنا أَسَنُّ منه([1]).

وكان قد أسلم قبل أن يهاجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة، وكان مقامه بمكّة أنّه كان يكتب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكلّ ما يحصل بمكّة، وكان مَن هناك من المؤمنين يتقوَّون به ويصيرون إليه، وكان عوناً لهم على إسلامهم، وقد كتب إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) يطلب منه أن يأذن له بالهجرة إليه، فكتب إليه النبي (صلى الله عليه وآله): «إنّ مقامك مُجاهد حسن»([2]).

فبقي بمكّة ولم يهاجر منها إلّا عام الفتح سنة 8 هجرية، فالتقى برسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو في طريقه إلى فتح مكّة، فرجع معه إلى مكّة، وخرج معه إلى حرب هوازن، ثمّ جاء معه إلى المدينة، وما زال بها حتى تُوفّي (رحمه الله). وقد روي أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أوصى المسلمين به وقال: «احفظوني في بقيّة الآباء عمّي العباس»([3]).

وجاء في كتاب الطبقات: أنّه أصاب الناس قَحْطٌ في عهد الخليفة عمر، فخرج يستسقي، فأخذ بيد العباس، واستقبل به القبلة وقال: اللّهمّ إنّا كنّا نتوسّل إليك بنبيّنا (صلى الله عليه وآله) إذا قحطنا فتسقينا، وإنّا نتوسّل إليك بعمّ نبيّنا فاسْقنا. فما رجعوا حتى سُقُوا([4]). وفي ذلك يقول حسّان بن ثابت (رحمه الله):

سأل الخليفةُ إذا تتابع جَدْبنا *** فسقى الغمامٌ بغُرّة العبّاسِ
أحيا به اللهُ البلاد فأصبحتْ *** مخضرّةَ الأجنابِ بعد الياسِ([5])

وقال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب:

بعمّي سقى اللهُ الحجازَ وأهلَه *** عشية يستسقي بشيبته عُمَرْ
توسّل بالعبّاس في الجَدْب راغباً *** فما كرّ حتّى جاء بالديمةِ المطرْ([6])

وقد استدلّ العلماء من هذا الموقف الشريف على جواز التوسّل بالأعيان كما يجوز التوسّل بالأعمال، وسيأتي أنّه تُوفّي بتاريخ 15 / 7.

***

وفي هذا اليوم الموافق يوم السبت لاثنتي عشر ليلة خلتْ من رجب سنة 306هـ تُوفّي أبو عبد الله أحمد بن يحيى بن الجلَّاء من أهالي بغداد، ولكنّه انتقل إلى الشام، كان من أهل الخير والصلاح. ومن كلامه أنّه قال: من علتْ همّته عن الأكوان، وَصَلَ إلى مكونها، ومَن وقف بهمّته على شيء سوى الحق جلّ وعلا فاته الحق، لأنّه جلّ وعلا أعزّ من أن يرضى معه بشريك. رحمه الله برحمته.

***

وفي هذا اليوم 12 من شهر رجب الحرام سنة 703 هـ وُلد الرحّالة الكبير محمد بن محمد بن عبد الله الطنجي المعروف بـ(ابن بطّوطة). كان سيّاحاً، كثير الأسفار، وقد دوّن أسفاره في رحلة سمّاها (تحفة النُظَّار في غرائب الأمصار)، وقد ذكر في رحلته وصوله إلى النجف وتحدّث عنها، وأنّه شاهد فيها جماعة من ذوي الأمراض المزمنة الذين ينتظرون ليلة المحيا وهي ليلة 27 / 7 حتى يأخذوا شفاءهم من الله جلّ وعلا ببركة ضريح أمير المؤمنين (عليه السلام). وقد تُوفّي ابن بطّوطة سنة 779 هجرية. رحمه الله برحمته.

***

وفي هذا اليوم أو في اليوم الخامس عشر من هذا الشهر من سنة 479 هجرية، والموافق تقريباً 23 / 10 / 1086م انتصر المسلمون في معركة الزَّلاقة ـ وهي أرض بالأندلس بقرب قرطبة ـ بقيادة الملك يوسف بن تاشفين اللمتوني قائد قوات المرابطين المتوفّى يوم الاثنين 4 / 1 / 500 هجرية عن عمر ناهز التسعين. وقد تقدّم ذكره بتاريخ 4 / 1.

وبقيادة المعتمد بن عباد قائد قوات الأندلس انتصروا على ملك الإفرنج الفونسو ملك قشتالة ويسمّيه ابن خلكان([7]): «الأدفونش»، وكان عدد جيش المسلمين 48 ألفاً، وعدد الجيش المقابل (80) ألفاً من الصليبيين.

***

في هذا اليوم من شهر رجب الأصب من سنة 1336 هجرية تُوفّي أعجوبة بغداد في عصره أسطا علي البناء، الذي كان ينظم الشعر الجيّد مع كونه أُمِّيَّاً لا يقرأ ولا يكتب، ومشغولاً بعمله وهو البناء. ومن شعره قوله:

أيُّها المَغْرَم في ذِكْر الحمى *** ومغانيه وهاتيكَ الظّبَا
دعْ مناحَ الورق في الغُصْن وخُذْ *** بالبُكا في رزء أصحاب العبا
واندبِ الفرسان مَن عمرو العُلا *** وابْلغِ الشكوى لهم عن زينبا
فهي تدعو قومَها من غالب *** جرَّدوا للثار مصقولَ الشبا
حَرَّة الأحشاء لكن دمعها *** ساكب يحكي الغمام الصيبا

إلى آخر القصيدة المذكورة في مظانّها. رحمه الله برحمته وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم من سنة 1344 هجرية، الموافق تقريباً 27 / 1 / 1926 م، اخترع العالم الإنجليزي «جون بيرد» جهاز التلفزيون.

***

وفي هذا اليوم من سنة 1375 هجرية تُوفّي العالم الفاضل، والأديب الكامل الشيخ عبد الكريم ابن الشيخ محمد الممتنّ الأحسائي الذي من شعره (رحمه الله) قوله:

بدينِ الحقّ دنتْ بلا ارتيابِ *** حليف هدىً بنصٍّ في الكتاب
وحيث أصبتْ شاكلةُ الصواب *** بحبي للوصيِّ أبي ترابِ

أتيت لدى العدى شيئاً فريَّا

لذا كانوا كأهل العِجْل صُمّا *** سواءً في العَمَا حدّاً ورَسْمَا
وحذوهُمُ حَذَوا عملاً واِسْما *** فكنتُ كتابعي هارونَ حُكْمَا

أُسمّى في البريةِ رافضياً

وما لهُمُ على رفضي دليل *** يكونُ لهم عليَّ به سبيلُ
وما نقموهُ لي فيه مثيلُ *** فربّي والنبيّ وجبرئيلُ

بخالص وُدِّهم خَصَّوا الوصيَّا

وإذ منحوه صِدْقَ الوُدِّ مَحْضَا *** له حبّاً وللأعداءِ بَغْضَا
تبعتُهُمُ فإنْ يَكُ ذاك رَفْضَا *** فهم يا معشرَ النُّصّابِ أيضا

روافض إذ هُممُ حَبّوا عليّا

وقد رثاه جماعة من الأدباء منهم الشيخ ملّا كاظم بن مطر الأحسائي المتوفى سنة 1389، فإنّه رثاه بقصيدة عصماء قال فيها (رحمه الله):

أهلُ الجبيل ثكلتُمُ جبلا *** في ظِلّه العافون قد قَطَنُوا
بمعينه وُرّاده نهلوا *** وبكهفه رُوّاده أَمِنُوا
وانهارَ عنكم لا فحسبَ فقد *** جزعتْ قرىً وتزعزعتْ مُدُنُ
إن أوحشتْ منه مساجده *** فله حشا عُمّارها وطنُ

رحم الله الجميع برحمته وأسكنهم فسيح جنّته.

____________________

([1]) تاريخ مدينة دمشق 26: 282 ـ 283 تهذيب الكمال 14: 227، سير أعلام النبلاء 2: 97.

([2]) الطبقات الكبرى 4: 31، تاريخ مدينة دمشق 26: 286، تهذيب الكمال 14: 227، سير أعلام النبلاء 2: 99.

([3]) المسترشد في الإمامة: 690/ 358، الأمالي (الطوسي): 362/ 754، المعجم الأوسط 4: 283، تخريج الأحاديث والآثار 1: 89، وفي بعضها: «فإنه بقية آبائي»، وفي البعض الآخر: «فإن عم الرجل صنو أبيه».

([4]) الطبقات الكبرى 4: 29.

([5]) الاستيعاب 2: 815، اُسد الغابة 3: 111، الوافي بالوفيات 16: 361.

([6]) شرح الأزهار 1: 391، الاستيعاب 2: 815، سير أعلام النبلاء 2: 94.

([7]) لم نعثر عليه، وقد ذكره بهذا اللقب كل من الذهبي والصفدي. انظر: تاريخ الإسلام 322: 24، 25، 29، 30، 33: 266، 267، 268، الوافي بالوفيات 28: 98، 102.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top