حدث في مثل هذا اليوم (10 ذي الحجة)

حدث في مثل هذا اليوم (10 ذي الحجة)

في اليوم العاشر من شهر ذي الحجة الحرام وهو يوم العيد المبارك يقوم الحاج بأعمالهم في منى، وهي: رمي جمرة العقبة، ثم ذبح الهدي، ثم الحلق أو التقصير، ثم يقومون بعدها بأعمال مكة المكرمة، وهي: الطواف بالكعبة المكرمة، ثم الصلاة خلف المقام، ثم السعي بين الصفا والمروة، ثم طواف النساء وصلاته في عصر ذلك اليوم ـ أو فيما بعده ـ ويقوم الحاج وغيرهم في سائر الأمصار بصلاة العيد ثم بذبح الأضحية، ثم بالتكبير المستحب للرجال والنساء عقيب خمس عشرة صلاة لمن كان بمنى، وعقيب عشر صلوات فقط لمن كان بغيرها في سائر الأمصار، مبتدئين ذلك من صلاة الظهر يوم العيد المبارك.

***

وفي الليلة العاشرة من شهر ذي الحجة الحرام تم ميقات موسى (عليه السلام) أربعين ليلة، وأنزل الله عليه التوراة، وأخبره أن قومه أضلّهم السامري، قال تعالى: ﴿وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ([1]).

فتركه، وأقبل على السامري يتساءل معه، ويعنفه على فعله القبيح، ثم طرده، وأحرق العجل، قال تعالى: ﴿قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا * إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا([2]). ومعنى ﴿فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ﴾، يعني: أنك مطرود من المجتمع، فلا يقربك أحد، ولا تقرب أحداً.

قال صاحب (التفسير الأمثل): وهذا من القوانين الجزائية في شريعة موسى (عليه السلام)، قال بعضهم ولا يبعد أن هذه العقوبة موجودة في الإسلام أيضاً، فقد أمر النبي (صلى الله عليه وآله) المسلمين بأن يعتزلوا الثلاثة الذي خلّفوا في الأرض، وألّا يكلموهم، ولا يخالطوهم، ففعلوا ذلك إلى أن تاب الله عليهم.

***

وفي هذا اليوم من سنة 25 هجرية ولد شبيب بن يزيد بن نعيم الشيباني الحروري زوج غزالة التي خرجت مع زوجها على عبد الملك بن مروان سنة 76 هجرية، فكانت تقاتل مع زوجها قتال الأبطال حتى هرب منها الحجاج في بعض الوقائع، فعيره بعض الشعراء بقوله:

أسد علي وفي الحروب نعامة *** فتخاء تنفر من صفير الصافرِ
هلا برزت إلى غزالة في الوغى *** بل كان قلبك في جناحي طائرِ

وبعد ما يقرب من سنتين من المقاومة قتلت على باب الكوفة، وغرق زوجها بعدها بنهر دجيل بالأهواز. رحم الله المؤمنين والمؤمنات.

***

وفيه أراد الحجّاج أن يضحّي بالعالم الكبير يحيى بن يعمر العدواني ـ المتوفى سنة 129 هـ ـ لأنه يقول: إن الحسنين أبناء رسول الله (صلى الله عليه وآله). ولكن الله صرف عنه شرهم؛ بسبب ما احتج عليه به من كتاب الله، وأثبت به أن الحسنين ابنا رسول الله (صلى الله عليه وآله). رحمه الله.

***

وفيه رجع موسى (عليه السلام) إلى مصر بعد أن قضى أفضل الأجلين وزيادة مع نبي الله شعيب (عليه السلام) بمدين ـ صلوات الله وسلامه عليهما، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ـ .

***

وفي ليلة هذا اليوم من سنة 328 توفي ببغداد محمد بن القاسم بن محمد بن بشار اللغوي النحوي المعروف بابن الأنباري، علّامة وقته، وفقيه عصره الذي ما رأى الناس أحفظ منه، حتى قيل: إنه يحفظ مئة وعشرين تفسيراً للقران الكريم بأسانيدها، وثلاثمئة، الف بيت من الشعر شاهداً في تفاسير القرآن. وقد أملى كتباً كثيرة منها، كتاب غريب الحديث، وشرح المفضّليّات ـ وهو ديوان شعر اختاره المفضل بن محمد الضبي المتوفى في سنة 168 أو سنة 170 هجرية من أشعار العرب ـ ويروي ديوان شعر عامر بن الطفيل العامري المتوفى سنة 9 هـ، وغير ذلك من الكتب والأشعار. رحمه الله برحمته.

***

وفيه من سنة 340 رد الحجر الأسود إلى الكعبة بعد أن غيبه القرامطة عنها ثلاثاً وعشرين سنة، وجاؤوا به إلى القطيف، ثم ذهبوا به إلى الكوفة، ونصبوه في مسجدها.

ومن عجيب ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال في خطبة له: «كأني بالحجر الأسود منصوباً هاهنا ـ وأشار إلى سارية في مسجد الكوفة ـ ويحهم إن فضيلته ليست في نفسه، بل في موضعه وأسه. يمكث هاهنا برهة، وهاهنا برهة ـ وأشار إلى البحرين ـ ثم يعود إلى مأواه وأم مثواه» فكان الأمر كما قال (عليه السلام).

ويروى أنه لما جيء بالحجر الأسود إلى مسجد الكوفة ضج أهلها بالتكبير، ولما سألوهم عن سبب ذلك قالوا: تعجباً من علم علي (عليه السلام)، فقد حدثنا أسلافنا أنهم سمعوا منه (عليه السلام) يقول: «كأني بالحجر الأسود» وقد نصب في مسجدكم هذا.

وروي أيضاً أن القرامطة لما أخذوا الحجر الأسود وتوجهوا به إلى حيث يريدون كان الجمل لا يسير به أكثر من يوم واحد حتى تتفسخ أوصاله ويموت، ولما رجعوا به إلى مكة حملوه على جمل ضعيف هزيل فسمن وقوي.

***

وفي هذا اليوم ـ 10/ 12 ـ من سنة 414 هجرية ـ وكان يوم جمعة ـ قام رجل من مصر بإحدى يديه سيف مسلول، وفي يده الاُخرى دبوس، قام بعدما فرغ الإمام من الصلاة في البيت الحرام، فقصد الحجر الأسود، فضربه ثلاث ضربات بذلك الدبوس، وصرخ برفيع صوته: إلى متى يعبد الحجر الأسود ومحمد وعلي، فليمنعني مانع من هذا؛ فإني أُريد أن أهدم البيت. فخاف أكثر الحاضرين منه، وتراجعوا عنه، وكاد يفلت، ولكن الله أتاح له بعض عباده الصالحين، فثار عليه، وضربه بخنجر، فقتله. وقطع الناس لحمه، وأحرقوه، وقتل معه كل من اتُّهم بمصاحبته. والحمد لله رب العالمين. نقلنا ذلك من كتاب (التوفيقات الإلهامية)([3]).

***

وفي هذا اليوم من سنة 509 هجرية توفي بالمهدية الملك يحيى بن تميم بن المعز بن باديس الصنهاجي الحميري، صاحب أفريقية الشمالية، من ملوك الدولة الصنهاجية، تولاها بعد وفاة أبيه سنة 501 هجرية. وكان عاقلاً، شجاعاً محبّاً للفتح، بنى اُسطولاً ضخماً غزا به بلدة «جنوه» و«سردينيه»، وضرب على أهليهما الجزية. وله اطلاع على الأدب، وكان يقول الشعر، ولكنه تركه بعد أن تولى الحكم في أمارته.

وقد مدحه كثير من شعراء عصره على عدله، وكرمه، وشفقته على الضعفاء، ورحمته للفقراء، وتكريمه للعلماء. وممّن مدحه أبو الصلت أمية بن عبد العزير ـ المتوفى سنة 529 هجرية ـ فقال فيما قال من مدحه:

وارغب بنفسك الاعن ندىً ووغى *** فالمجد أجمع بين الناس في الجودِ
كدأب يحيى الذي والـ أحيت مواهبه *** ميت الرجاء بانجاز المواعيدِ
معطي الصوارم والهيف النواعم *** ـجرد الصلادم والبزل الجلاعيدِ
أشم اشوس مضروب سرادقه *** على أشم بفرع النجم معقودِ
إذا بدا بسرير الملك محتبياً *** رأيت يوسف في محراب داودِ
من أسرة تخِدوا الماذي لبسهُمُ *** واستوطنوا صهوات الضمّر القودِ
محسَّدون على أن لا نظير لهم
*** وهل رأيت عظيماً غير محسودِ

ولما كان يوم موته ـ وهو يوم الأربعاء، يوم عيد الأضحى من السنة المذكورة ـ أدى صلاة العيد، وقرأ القرَّاء شيئاً من القرأن، وأنشد الشعراء مدائحهم، وانصرفوا جميعاً إلى الأيوان، وقدمت أطباق مائدة العيد، وأكل الناس، وقام يحيى إلى البيت، فما خطا من باب البيت سوى ثلاث خطوات حتى وقع ومات رحمه الله برحمته.

***

وفي هذا اليوم من سنة 512 هجرية توفي بأصفهان أبو زكريا يحيى بن عبدالوهاب المعروف بابن مندة الأصفهاني. كان من الحفاظ المشهورين، ومن بيت العلم والحديث، فهو محدث ابن محدث ابن محدث إلى خمسة آباء كلهم علماء محدثون. وكان جده محمد بن يحيى بن مندة أحد الحفاظ الثقات. وقد تقدم أن المترجم ولد بأصفهان في 19/ 10/ 434 هجرية، ولما بلغ الرشد سافر إلى بغداد وحدث بها وأملى بجامع المنصور. ومن كتبه (تاريخ أصفهان) وكتاب (على الصحيحين([4])) في الحديث، وغيرهما من الكتب النافعة. وكان كثيراً ما ينشد:

عجبت لمبتاع الضلالة بالهدى *** ولَلمشتري دنياه بالدين أعجبُ
وأعجب من هذين من باع دينه *** بدنيا سواه فهو من ذين أخيب([5])

وإذا كان تاريخ مولده ووفاته ـ رحمه الله ـ كما تقدم؛ فعمره 78 سنة. رحمه الله برحمته.

***

وفي هذا اليوم ـ 10/ 12 ـ من سنة 535 هـ توفي إسماعيل بن محمد الطلحي التيمي الأصبهاني الشافعي قوام الدين أبوالقاسم، مفسر محدث نحوي، ولد في شهر شوال من سنة 457 هـ، وتوفي بالتاريخ المذكور ـ 10/ 12/ 535 هـ ـ فعمره (78) وشهران تقريباً. ومن مصنفاته: (الجامع في التفسير) في نحو ثلاثين مجلداً، و(المعتمد) في التفسير أيضاً في عشرة مجلدات، و(الترغيب والترهيب) على طريقة المحدثين، و(شرح الجامع الصحيح) للبخاري، و(إعراب القرآن)، وغير ذلك من الكتب النافعة. رحمه الله برحمته.

***

وفيه ـ أو في اليوم الذي قبله ـ من سنة 548 هجرية توفي أمين الإسلام أبو علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي، ابن الفضل وأبوه، والمذعن بفضله أعداؤه ومحبوه، الفقيه النبيه، والثقة الوجيه، العالم العامل، عظيم الشأن، وصاحب تفسير (مجمع البيان) الذي قال في حقه أحد الشهيدين رحمهما الله هو كتاب لم يكتب مثله في التفسير([6]). انتقل ـ رحمه الله ـ من المشهد الرضوي إلى سبزوار سنة 523، وما زال بها إلى أن توفي في 10/ 12/ 548، فنقل إلى مشهد، ودفن في مغتسل الإمام الرضا (عليه السلام). وقبره معروف، يزوره المؤمنون، ويتبرك به الصالحون.

وخلفه في الفضل والفضيلة ولده أبونصر الحسن صاحب كتاب (مكارم الأخلاق) الجامع لمحاسن الأفعال والآداب، الذي طبعوه في مصر وحرفوه. ويطلق الطَّبرسي على الشيخ المحدث صاحب كتاب (الاحتجاج)، وهو من مشايخ ابن شهر آشوب ـ المتوفى بتاريخ 22/ 8/ 588 ـ فهو من أهل القرن السادس. رحم الله الجميع برحمته.

***

وفي هذا اليوم ـ وهو يوم عيد الأضحى ـ من سنة 1150 هجرية توفي بمدينة مشهد خادم الفقراء، ومخدوم العظماء، المير تقي الدين محمود المشهور بالشاهي بن محمد باقر الرضوي النجفي أصلاً، والطوسي مولداً ومسكناً ومدفناً. قال صاحب كتاب (تكملة أمل الآمل): رأيته، وتشرفت بخدمته، وهو من أعاظم السالكين، وأكابر العارفين، وأفاخم المتألهين. ومع كونه محترماً مقدراً عند السلاطين، كان يعدّ نفسه كأقل آحاد الناس، وكان مواظباً في جميع أوقاته على المستحبات والسنن. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفيه من سنة 1315هجرية توفي العالم الجليل، الشيخ أحمد ابن الشيخ صالح آل طعان القطيفي البحراني. درس في النجف، ثم عاد إلى سترة من بلدان البحرين، وصار مرجعاً في الأمور، ومشتغلاً بالتصنيف والتأليف حتى توفي بالتاريخ المذكور. رحمه الله برحمته.

وقد تقدم أنه توفي ليلة عيد الفطر من السنة المذكورة، والله أعلم.

***

وفي هذا اليوم من سنة 1389 هجرية توفي العلامة السيد محمد رضا ابن الإمام المجاهد السيد عبد الحسين شرف الدين ـ المتوفى بتاريخ 8/6/1377 هجرية ـ وكان مولد المترجم ـ السيد محمد رضا ـ في يوم (11) محرم الحرام سنة 1327 هجرية؛ فيكون عمره يوم وفاته نحو (62) سنة. وكان رحمه الله من طليعة العلماء، ومن فحول الشعراء. وقد قيل: إنه الزم نفسه أن ينظم قصيدة في كل عام بمناسبة ذكرى عيد الغدير. ومن شعره في رثاء جده الحسين (عليه السلام) قوله:

أعينيَّ سيلا دماً قانيا *** وبكّي قتيلاً بشطّ الفراتِ
فيا غيرة الله ذا جسمه *** على الترب والرأس فوق القناةِ

إلى آخر القصيدة. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم ـ الموافق يوم السبت 10/12 ـ 1427 هجرية شنق طاغية العراق صدَّام حسين التكريتي، قاتل الصدرين. لعنه الله وأخزاه.

_______________________

([1]) الأعراف: 150.

([2]) طه: 97 ـ 98.

([3]) التوقيفات الإلهامية 1: 446، وانظر الكامل في التاريخ 9: 332.

([4]) في وفيات الأعيان 6: 170 ما نصّه: «وأدرك المشايخ، وصنّف على الصحيحين». والظاهر أن المراد: ألّف كتباً ودراسات حول الصحيحين لا أن له كتاباً اسمه (على الصحيحين) كما توحي به عبارة المتن.

([5]) وفيات الأعيان 6: 170.

([6]) انظر: الكنى والألقاب 2: 444، أعيان الشيعة 10: 184.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top