حدث في مثل هذا اليوم (1 جمادى الاُولى)
في اليوم الأولى من شهر جمادي الأول سنة 982 هجرية توفي أبو السعود محمد بن محمد بن مصطفى العمادي الحنفي القسطنطيني، الفاضل الأديب، الشاعر المفسر. ولي التدريس والقضاء في القسطنطينية وغيرها. له كتاب التفسير المعروف بتفسير أبي السعود، واسم الكتاب (إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم). وله كتاب (تحفة الطلاب) في المناظرة، وكان يقرأ ويكتب ويتكلم باللغة التركية والفارسية والعربية. وله شعر جيد، وكان مهيباً حظياً عند السلطان سليمان خان المتوفى سنة 974 هـ، ثم عند ولده السلطان سليم خان. وقد دفن (رحمه الله) بالقسطنطينية عند مرقد الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري المتوفى سنة 50 هـ. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
***
وفي هذا اليوم من سنة 1211 هجرية توفي العلامة الجليل الشيخ كاظم ابن الحاج محمد بن الحاج مراد الأزري التميمي البغدادي صاحب القصيدة المشهورة:
لمن الشمس في قباب قباها *** شف جسم الدجى بروح ضياها
التي قالوا عنها: إنها كانت تزيد على ألف بيت، وكانت مكتوبة في طومار، فأكلت الإرضة جملة منها، ثم وقعت البقية بيد السيد صدر الدين العاملي المتوفى 14 /1/ 1263 كما تقدم، فاستخرج منها الموجود المطبوع الذي خمّسه المقدس الشيخ جابر الكاظمي المتوفى في شهر صفر سنة 1312 هجرية([1]). يحكى أن العلامة الطباطبائي الملقب ببحر العلوم المتوفى 1212 هجرية كان يعظمه ويجله لحسن مناظرته مع الخصوم.
كل يوم للحادثات عوادٍ *** ليس يقوى رضوى على ملتقاها
كيف يرجى الخلاص منهن إلا *** بذمام من سيد الرسل طه
معقل الخائفين من كل خوف *** أوفر العرب ذمةً أوفاها
مصدر العلم ليس إلّا لديه *** خبر الكائنات من مبتداها
هو ظل الله الذي لو أوته *** أهل وادي جهنم لحماها
علم تلحظ العوالم منه *** خير من حل أرضها وسماها
ما تناهت عوالم العلم إلّا *** وإلى كنه أحمد منتهاها
أي خلق لله أعظم منه *** وهو الغاية التي استقصاها
قلب الخافقين ظهراً لبطن *** فرأى ذات أحمد فاجتباها
لم يكن أكرم النبيين حتى*** علم الله أنه أتقاها
وكان العلامة الشيخ محمد حسن الجواهري صاحب (الجواهر) المتوفى 1 /8/ 1266 هجرية يتمنى أن تكتب في ديوان عمله القصيدة الهائية، ويكتب (الجواهر) في ديوان الأزري؛ كل ذلك لما فيها من جميل الثناء، وعظيم المدح للرسول (صلى الله عليه وآله) وآله، فمنها:
ثم تخلص الى مدح أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال:
فارس المسلمين في كل حرب *** قطب محرابها إمام وغاها
أسد الله ما رأت مقلتاه *** نار حرب تشبّ إلا اصطلاها
ذاك رأس الموحدين وحامي *** حوزة الدين من أكف عداها
من ترى مثله إذا جرت الحر *** ب ودارت على الكماة رحاها
ذاك قمقامها الذي لا يروي *** غير صمصامه أوام صداها
وبه استفتح الهدى يوم بدر *** من طغاة أبت سوى طغواها
صب صوب الردى عليهم همام *** ليس يخشى عقبى التي سواها
يوم جاءت وفي القلوب غليل *** فسقاها حسامه ما سقاها
كيف يخشى الذي له ملكوت ال *** أمن والنصر كله عقباها
وبأحدكم فل آحاد شوس *** كلما أوقدوا الوغى أطفاها
يوم دارت بلا ثوابت إلا *** أسد الله كان قطب رحاها
قد أراها في ذلك اليوم ضرباً *** لو رأته الشبّان شاب لحاها
يوم سالت سيل الرمال ولكن *** هب فيها نسيمه فذراها
ذاك يوم جبريل أنشد فيه *** مِدَحاً ذو العلا له أنشاها
لافتى في الوجود إلا علي *** ذاك شخص بمثله الله باهى
لا تخل سيفه سوى نفخة الصو *** ر يسلّ الأرواح من أشلاها ([2])
إلى آخر القصيدة. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
وقد نقل عنه (رحمه الله) أنه أمر أن يكتب على كفنه شعره التالي:
أنا مذنب أنا مجرم أنا عاصي *** هو غافر هو راحم هو كافي
قابلتهن ثلاثة بثلاثة *** وستغلبنْ أوصافه أوصافي([3])
***
في هذا اليوم وهو يوم غرة جمادى الأولى من سنة 1324 هجرية توفي بالنجف الأشرف العالم الجليل الشيخ محمود الذهب بن ذهب الظالمي؛ نسبة إلى قبيلة الظوالم إحدى قبائل العراق العربية المعروفة في الرميثة، وهو من آل بو حسين فرقة من الظوالم بين السماوة والديوانية.
قال عنه صاحب كتاب (الأعيان): إنه كان عالماً فقيهاً أصولياً مجتهداً ثقة ورعاً معتمَداً بالعلم والعمل عند علماء عصره، وتصدى للتدريس والقضاء والإمامة. ولو عاش قليلاً لقلده الناس؛ لأنه كان مشهوراً بالفضل وجميل الصفات والأخلاق، وكان يصلي جماعة في الصحن الشريف([4]). ولما توفي صار له تشييع عظيم، ودفن في الصحن العلوي الشريف. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
***
وفي هذا اليوم 1 /5/ 1362 هـ توفي المنيب الأواه، علم الأعلام، وحجة الإسلام، صاحب المكارم والكرامات الشيخ عبد الله بن معتوق القطيفي التاروتي مضرب المثل في العلم والعمل والتقى والورع والزهد والنزاهة والعبادة. وكان عمره حينئذٍ 88 سنة؛ فقد كان مولده رحمه الله سنة 1274 هجرية.
وقد ذكر الحجة الشيخ فرج العمران في كتابه (الأزهار الأرجية) من كرامات هذا الشيخ الجليل أنه ذهب إلى زيارته يوماً ومعه الشيخ طاهر البدر المتوفى 25/ 12/ 1377 هجرية، فلما صار وقت الظهر قدم لهما غداء إعتقدا بعدم كفايته لهما، حتى ولو لم يكن سماحة الشيخ معهما، فكيف وقد جلس معهما؟ قال: وبينما نحن نتغدّى من ذلك الغداء القليل وإذا بالباب تطرق، فقام الشيخ إلى الطارق، وعاد لنا ومعه ثلاثة رجال طوال من سادات العجم قد أقبلوا من مكان بعيد، ولا نظنهم إلّا محتاجين، فقال لهم الشيخ (رحمه الله) «بفرما»، أي تفضلوا على الغداء، فجلسوا معنا، فأكلوا وأكلنا حتى شبع الجميع، ورفعت المائدة وفيها بقايا: قال (رحمه الله): ولا ريب أن هذه من كراماته (قدس سره)([5]). وأقول:
هذه من علاه إحدى المعالي *** وعلى هذه فقس ما سواها
فقد تحدثت بكراماته الركبان، وشاع ذكرها في البلدان.
وقد كتب له الحجة الشيخ فرج العمران المتوفى 22 /3/ 1398 هـ ترجمة مطولة في الجزء الثاني من كتابه المذكور استفرقت ما يقارب مئة صفحة، فمن أراد المزيد عن هذه الشخصية الفذة فليراجع هذه الترجمة الشريفة([6]).
وقد أرخ موته الشاعر الشهير زين العابدين الكويتي في قصيدة رثاه بها فقال:
لما قضى النحب روح القدس أرخه *** (تبكي المجالس حزناً لابن معتوق)
1362
وقد ترجم له كتاب (شعراء القطيف)([7]) رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
***
وفي هذا اليوم من سنة 1365 هجرية توفي بالنجف الأشرف الشيخ الجليل الشيخ محمد ابن الشيخ علي آل حرز الدين النجفي. وآل حرز من البيوت العلمية في النجف؛ فإن والد المترجم له وجده وأعمامه وإخوته من العلماء المشهورين. وقد ترجم أكثرَهم المترجمُ له في كتابه (معارف الرجال). وكان مولده سنة 1273 هجرية؛ فعمره يوم موته لا يقل عن 91 سنة. وكان عالماً فاضلاً، أديباً متبحراً في جميع العلوم العقلية والنقلية والرياضية، متضلعاً في السير والتواريخ وأيام العرب ووقائعها، وحافظاً لأخبار العلماء وقصصهم. ومن شعره في رثاء الحسين (عليه السلام) قوله:
رسوماً عفتها الذاهبات العوائدُ *** بها اندرست فاستوطنتها اللوائدُ
وقفت بها والدمع أدمى محاجري *** أناشد رسماً عزّ فيه المناشدُ
وأسألها عن ساكنيها وإنها *** وإن جاوبت لم تشفِ ما أنت واجدُ
كأني بفتيان تداعت إلى الردى *** ورحب الفلا بالخيل والجند حاشدُ
أقامت بجنب النهر صرعى جسومهم *** عليها من النقع المطل مجاسدُ
إلى آخر القصيدة. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
______________
([2]) تخميس الأزرية: 59 (الأصل).
([3]) تفسير الآلوسي 9: 71، ولم ينسبهما.
([5]) الأزهار الأرجية م1، ج2: 338.
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.