بقرة بني إسرائيل
﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾
كان السبب في أمر الله تعالى بذبح البقرة فيما رواه العياشي مرفوعاً إلى الرضا× أن رجلاً من بني إسرائيل قتل قرابة له ثم أخذه وطرحه على طريق أفضل سبط من الأسباط بني إسرائيل، ثم جاء يطلب بدمه فقالوا لموسى سبط لفلان قتل فأخبرنا من قتله قال ائتوني ببقرة قالوا أتتخذنا هزواً الآية ولو أنهم عمدوا إلى بقرة أجزأتهم ولكن شددوا فشدد الله عليهم قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال أنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك أي لا صغيرة ولا كبيرة إلى قوله: ﴿قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ﴾ فطلبوها فوجدوها عند فتىً من بني إسرائيل فقال: لا أبيعها إلا بملئ مسكها ذهباً فجاؤا إلى موسى فقالوا له، قال فاشتروها.
قال: وقال لرسول الله| بعض أصحابه أن هذه البقرة ما شأنها؟ فقال إن فتى من بني إسرائيل كان باراً بأبيه وأنه اشترى سلعة فجاء إلى أبيه فوجده نائماً والإقليد تحت رأسه فكره ان يوقظه فترك ذلك واستيقظ أبوه فأخبره فقال له أحسنت خذ هذه البقرة فهي لك عوض لما فاتك، قال فقال رسول الله| انظروا إلى البر ما بلغ باهله.
وقال ابن عباس: كان القتيل شيخاً مثرياً قتله بنو أخيه وألقوه على باب بعض الأسباط ثم ادعوا عليهم القتل فاحتكموا إلى موسى فسئل من عنده عنهم فقالوا أنت نبي الله وأنت أعلم منا فأوحى الله تعالى إليه أن يأمرهم بذبح بقرة فأمرهم موسى أن يذبحوا بقرة ويضرب القتيل ببعضها فيحيي الله القتيل فيبين من قتله، وقيل قتله ابن عمه استبطاء لموته فقتله ليرثه، وقيل إنما قتله ليتزوج ابنته وقد خطبها فلم ينعم له وخطبها غيره من خيار بني إسرائيل فأنعم له فحسده ابن عمه الذي لم ينعم له فقعد له فقتله ثم حمله إلى موسى فقال يا نبي الله هذا ابن عمي قد قتل فقال موسى من قتله فقال لا أدري، وكان القتل في بني إسرائيل عظيماً فعظم ذلك على موسى، وهذا هو المروي عن الصادق×.
وعن ابن عباس: كان في بني إسرائيل رجل صالح له ولد طفل وكان له عجلة فأتى إلى غيضة وقال: اللهم إني أستودعك هذه العجلة لابني حتى يكبر ومات الرجل وشبت العجلة في الغيضة وصارت عواناً وكانت تهرب من كل من رامها فلما كبر الصبي كان باراً بوالدته وكان يقيم الليل أثلاثاً للنوم والصلاة ولخدمة أمه فإذا أصبح انطلق واحتطب على ظهره ويأتي السوق فيبيعه بما شاء الله ثم يتصدق بثلثه ويأكل ثلثه ويعطي أمه ثلثه فقالت له أمه يوماً إن أباك ورثك عجلة وذهب بها إلى غيضة كذا واستودعها فانطلق إليها وادع بإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب أن يردها عليك وإن من علامتها أنك إذا نظرت إليها يخيل إليك أن شعاع الشمس يخرج من جلدها وكانت تسمى المذهبة لحسنها وصفائها فأتى إلى الغيضة فرآها ترعى فصاح بها وقال اعزم عليك بإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب فأقبلت تسعى حتى قامت بين يديه فقبض على عنقها وقادها فتكلمت البقرة بإذن الله تعالى وقالك: يا أيها الفتى البار بوالدته اركبني ليكون أهون عليك فقال الفتى إن أمي لم تأمرني بذلك ولكن قالت خذ بعنقها قالت البقرة بإله بني إسرائيل لو ركبتني ما قدرت علي أبداً فسر لو أمرت الجبل أن ينقلع لفعل لبرك بوالدتك فصار بها إلى أمه فقالت له إنك فقير لا مال لك ويشق عليك الاحتطاب بالنهار والسهر بالليل فانطلق وبع هذه البقرة وانتفع بثمنها فقال لها بكم أبيعها قالت بثلاثة دنانير على رضا مني ومشورتي وكان ثمن البقرة ذلك الوقت ثلاثة دنانير فانطلق الفتى بها إلى السوق فقال له رجل بكم تبيع هذه البقرة يا فتى قال: بثلاثة دنانير على مشورة من أمي فقال له الرجل خذ ستة دنانير ولا تستأمر أمك فقال الفتى لو أعطيتني وزنها ذهباً لم آخذه إلا برضا أمي فردها إلى أمه وأخبرها بالثمن فقالت له اذهب فبعها بستة دنانير على مشورة مني فردها إلى السوق فقال له الرجل استأمرت أمك قال نعم إنها أمرتني أن لا أنقصها من ستة دنانير على أن أستأمرها قال فإني أعطيك اثني عشر ديناراً على أن لا تستأمرها فأبى الفتى ورجع إلى أمه فأخبرها فقالت له يوشك أن يكون هذا ملك من الملائكة فإذا أتاك فقل له تقول لك أمي أتأمرنا أن نبيع هذه البقرة أم لا؟ ففعل فقال له اذهب إلى أمك وقل لها أمسكي هذه البقرة فإن موسى يشتريها منك لقتيل يقتل في بني إسرائيل فلا تبيعوها إلى بملئ جلدها دنانير فامسكوا هذه البقرة، فلما قتل ذلك القتيل قدر الله تعالى على بني إسرائيل ذبح تلك البقرة بعينها مكافأة لذلك الفتى على بره بوالدته فضلاً منه ورحمة فطلبوها فوجدوها عند الفتى فاشتروها بملئ جلدها ذهباً.
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.