حدث في مثل هذا اليوم ( 5 ربيع الأوّل)
في اليوم الخامس من شهر ربيع الأول سنة 182 هجرية توفي ببغداد أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم صاحب أبي حنيفة، أول من سمي باسم قاضي القضاة، وأول من غير لباس العلماء إلى هذه الهيئة التي هم عليها في هذا الزمان. وكان لباس الناس قبل ذلك شيء واحد لا يتميز فيه أحد، عن أحد وكان يحفظ التفسير والمغازي وأيام العرب، وأقل علومه الفقه. وهو أول من وضع الكتب في أصول الفقه على مذهب أبي حنيفة، وبثّ علم أبي حنيفة في شرق الأرض وغربها. ولولا أبو يوسف ما ذكر أبو حنيفة؛ لأنه هو الذي روَّج مذهبه الذي يسمى مذهب القياس.
روى الشيخ الكليني (رحمه الله) أن أبا يوسف سأل الإمام الكاظم (عليه السلام) يوماً فقال له: ما تقول في المحرم، أيستظل على المحمل؟ فقال له: «لا». قال: أفيستظل في الخيام؟ فقال له «نعم». فأعاد عليه القول وهو يضحك شبه المستهزئ، فلما أجابه الإمام بمثل جوابه الأول قال: فما الفرق بين هذا وهذا؟ فقال له الإمام (عليه السلام): «يا أبا يوسف، إن الدين ليس بقياس كقياسك، إنا صنعنا كما صنع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقلنا كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يركب راحلته فلا يستظلّ عليها، وتؤذيه الشمس فيستر جسده بعضه ببعض، وربما ستر وجهه بيديه، وإذا نزل استظلّ في الخباء وفي البيت وبالجدار»([1]). فسكت أبو يوسف.
وكان عمره يوم وفاته 69 سنة. رحمه الله برحمته.
***
وفي اليوم الخامس من الشهر المذكور سنة 886 هجرية توفي السلطان السابع من سلاطين الدولة العثمانية التركية السلطان محمد خان ابن السلطان مراد خان التركي، وهو الذي فتح مدينة القسطنطينية. وكان فتحها يوم الأربعاء 20 /6/ 857 هجرية بعد أن حاصرها 57 يوماً. وقد رام كثير من الملوك والخلفاء فتحها فلم ينالوه، وقد ضمَّن بعضهم هذا المعنى في تاريخ الفتح فقال (رحمه الله):
رام أمر الفتح قوم أولون *** حازه بالنصر قوم (آخرون)([2])
فحروف كلمة (آخرون) تاريخ فتح المدينة سنة 857 بحسب حساب الجمَّل. كما جاء تاريخ فتحها في حروف كلمتي (بلدة طيبة)([3]) أي سنة 857 أيضاً. ولما فتحها بنى قبة على قبر أبي أيوب الأنصاري المتوفى سنة 50 من الهجرة. واسم أبي أيوب زيد بن خالد الأنصاري النجَّاري الخزرجي، شهد العقبة وبدراً وسائر المشاهد، وعليه وفي بيته نزل رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما قدم المدينة وهو حينئذٍ من أفقر الناس. وشهد مع أميرالمؤمنين (عليه السلام) مشاهده كلها، وفي واقعة النهروان كانت معه راية أمان، فمن خرج من عسكر الخوارج إلى تحت رايته كان آمناً.
ولما غزا يزيد بن معاوية القسطنطينية أخذ معه أبا أيوب الأنصاري، وكان شيخاً هرماً لا يقدر على القتال، وإنما أخذه للبركة، فتوفي عند القسطنطينية، فدفن عند سورها، وعلِّم قبره (رحمه الله).
قال صاحب (سفينة البحار): وقد أخبر النبي (صلى الله عليه وآله) عن ذلك فقال: «يدفن عند سور القسطنطينية رجل صالح من أصحابي»([4]). رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
***
وفيه من سنة 1092 هـ توفي الشيخ صالح بن محمد المعروف بابن أبي الرجال. قال عنه صاحب كتاب (معجم المؤلفين): إنه مؤرخ مشارك في كثير من العلوم([5]). ولد في شعبان سنة 1029 هـ وتوفي بالتاريخ المذكور 5 /3 /1092 هجرية؛ فعمره لا يزيد عن 62. ومن مؤلفاته كتاب (مطلع البدور ومجمع البحور)، ترجم فيه رجالاً من أعيان الزيدية. رحمه الله برحمته.
***
وفيه من سنة 1306 هجرية توفي العلامة الكبير، والشاعر الشهير، السيد صالح ابن السيد مهدي ابن السيد رضا القزويني النجفي، تلميذ صاحب (الجواهر) وصهره على ابنته. وكان عمره يوم وفاته (رحمه الله) 98 إلا شهرين واثني عشر يوماً؛ فقد كان مولده 17 /7 /1208، ووفاته 5 /3/ 1306. وهو من المكثرين في مدح أهل البيت ورثائهم (عليهم السلام)، ومن شعره قوله:
ما أحدث الحدثان خطبا فاظعاً *** إلّا وخطب السبط فيه أفظعُ
دمه يباح ورأسه فوق الرما *** ح وشلوه بشبا الصفاح موزعُ
بالعاديات مرضض بالمائدا *** ت مظلّل بنجيعه متلفعُ
يا كوكب العرش الذي من نوره الـ *** ـكرسي والسبع العلا تتشعشعُ
كيف اتخذت الغاضرية مضجعاً *** والعرش ودَّ بأنه لك مضجعُ
لهفي لآلك كلما دمعت لها *** عين بأطراف الأسنة تقرعُ
تدمى جوانبها وتضرم فوقها *** أبياتها ويماط عنها البرقعُ
وإلى يزيد حواسراً تهدى على الـ *** أقتاب تحملها النياق الضلّعُ
وهو غير السيد صالح ابن السيد مهدي ابن السيد حسن القزويني الذي مولده بتاريخ سنة 1257 هـ، ووفاته بتاريخ 20 /1/ 1304 هجرية كما تقدم، رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.
***
وفي هذا اليوم 5/ربيع الأول من سنة 1326 هجرية توفي في الكاظمية الشيخ الملا أحمد التبريزي الكوزكناني؛ نسبة إلى كوزكنان، وهي قرية كبيرة من نواحي تبريز. وكان عالما فاضلاً ذكياً متوقّد الفهم، وكان من مؤسسي حزب المشروطة، وله في ذلك رسالة في السلطنة المشروطة والاستبدادية. قال الشاعر:
تغيرت الدنيا وأصبح شرها *** يروح بإفراط ويغدو بتفريطِ
إلى أين يمضي من يروم سلامة *** وما الناس إلاّ مستبد ومشروطي([6])
وقد كان مقيماً بالنجف وجاء زائراً إلى الكاظمين (عليهما السلام)، فتوفي هناك، ونقلت جنازته إلى النجف، ودفن في مقبرة اُستاذه الشيخ المامقاني، رحم الله الجميع برحمته.
***
وفي هذا اليوم 5 /3/ 1387 هجرية الموافق 14 /6/ 1967 م انطلقت المركبة الأمريكية «ماينر» في رحلة نحو كوكب الزهرة، لاكتشاف إمكانية وجود الحياة على هذا الكوكب العظيم.
***
وفي هذا اليوم من سنة 1369 هجرية توفي الخطب الكبير، والشاعر الشهير الشيخ محسن الصغير ابن الشيخ محمد حسن ابن الشيخ محسن أبو الحب. وقد ولد المترجم سنة 1305 هجرية، وهي السنة التي مات فيها جدّه وسميه الشيخ محسن أبو الحب الكبير. وسيأتي الكلام عليه بتاريخ وفاته 20 /11/ 1305 إن شاء الله. وقد احتضنت المترجم كربلاء المقدسة، واعتبرته خطيبها الأول، وما زال كذلك معززاً مكرماً إلى أن توفي فجأة في صباح يوم الخميس الموافق 5 /3/ 1369 هجرية، فصار لموته الأثر العظيم في نفوس المؤمنين، وقد دفن في روضة أبي الفضل العباس (عليه السلام)، واُقيم له في يوم أربعينه حفل تأبيني رائع ساهم فيه ثلة من الأدباء ورجال الفكر. ومن شعره (رحمه الله) قصيدة قالها بمناسبة ذكرى مولد الإمام الحسين (عليه السلام) منها:
سبط النبي أبو الأيمه *** من للخلائق جاء رحمه
هذا الحسين ومن ساق *** العرش خط الله اِسمه
وبقلب كل موحد *** قد صور الرحمن رسمه
هذا سليل محمد *** لبني الولا كهف ورحمه
هذا ابن بنت المصطفى *** مولىً له شأن وحرمه
من أهل بيت زانهم *** كرم ومعروف وحشمه
في شهر شعبان علينا *** الخير خالقنا أتمه
ولد الحسين ونوره *** مذ شع أذهب كل ظلمه
جبريل هنأ جده *** وأباه والزهراء أمه
كان النبي إذا رآه *** إليه أدناه وضمه
غذاه من إبهامه *** لبناً وقبله وشمه
فيه تبرك فطرس *** وبه محى الرحمن جرمه
وكذاك دردائيل أعتقه *** وأذهب عنه إثمه
وله أجل مناقب *** وفضائل في الدهر جمه
كم قد أفاض على الورى *** من جوده فضلاً ونعمه
وإذا أتاه لاجئ *** يوماً كفاه الله همّه
وله ضريح طالما *** تتعاهد الزُّهرا لثمه
قد شع نور جبينه *** فجلى الليالي المدلهمة
رام العداء إطفائه *** والله شاء بأن يتمه
بشراكم بولادة *** السبط الحسين أبو الأيمة
وقد أرخ عام وفاته الاستاذ السيد مرتضى الوهاب المتوفى بتاريخ 3 /7/ 1393 هجرية، فقال (رحمه الله):
برزت شقائقه فكانت مورداً *** خصباً وكان قطافها للمجتني
يشدو بذكر المصطفى وبآله *** فوق المنابر ما دحاً لا ينثني
خمسين عاماً راقياً أعوادها *** يبكي الحسين وصنوه الحسن السني
فبكاه منبره وحنّ مردداً *** كيف السبيل إلى وصالك دلني
وعراه بعد الحزن في تاريخه *** (أسفا لفقد أبي ضياء المحسنِ)
1369
رحمهم الله برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.
***
وفي هذا اليوم 5/شهر ربيع الأول من سنة 1413 هجرية توفي بالأحساء العلّامة الجليل، قاضي المحكمة الجعفرية بالأحساء، الشيخ باقر نجل الحجة الشيخ موسى أبو خمسين، المتوفى في شهر رجب سنة 1353 هجرية. وقد كان عمر المترجم يوم وفاته نحو 77 سنة، وقد نقل جثمانه الشريف إلى البقيع، ودفن في جوار الأئمة الطاهرين بالمدينة المنورة. وقد أشار إلى ذلك الخطيب الكبير، والشاعر الشهير، الشيخ عبد الكريم بن محمد بن حسين الحمود القطيفي السيهاتي (حفظهم الله) (المتوفى بتاريخ 22/ 4/ 1431هـ)، فقال في قصيدته التي رثاه بها:
فيا راحلاً دارُ النعيم جواره *** وزائر قبر الطهر بوركت زائرا
فنم في جوار المصطفى جار سبطه *** وجار حفيْديه صدوقاً وباقرا
أيمة حق لا يخاف بقربهم *** دفين ولا يخشى نكيراً وناكرا
فمثواك في أرض البقيع بطيبة *** فبوركت مقبوراً وبوركت زائرا
لقد كنت زواراً لقبر محمد *** كما كنت زواراً بنيه الأزاهرا
رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.
_____________________
([1]) تهذيب الأحكام 5: 31 / 1061.
([2]) معجم البلاغة العربية: 32.
Related posts
Leave a Comment
You must be logged in to post a comment.