حدث في مثل هذا اليوم (5 ذي الحجة)

حدث في مثل هذا اليوم (5 ذي الحجة)

في الخامس من هذا الشهر سنة 2 من الهجرة صارت غزوة السويق، وسببها أن أبا سفيان ـ لما أصاب قريشاً ما أصابها ببدر ـ حلف ألّا يمس النساء والطيب حتى يغزو محمداً (صلى الله عليه وآله) في عقر داره، فخرج في مئتي راكب من قريش ليبرّ قسمه، ومازال حتى نزل بمحل بينه وبين المدينة نحو بريد، فنزل به، ثم أتى ليهود بني النضير واستأذن على سيدهم سلام بن مشكم، واجتمع به، ثم خرج به إلى أصحابه، فبعث رجالاً من قريش، فأتوا ناحية من المدينة، فحرقوا نخلاً منها، ووجدوا رجلاً من الأنصار اسمه معبد بن عمرو، وحليفاً له فقتلوهما، ثم انصرفوا راجعين.

وعلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذلك، فخرج في طلبهم في مئتين من المهاجرين والأنصار، وجعل أبو سفيان وأصحابه يخفقون رواحلهم، ويُلقون جُرُب أزوادهم؛ ليتخففوا للهرب؛ خوفاً من أن يدركهم الطلب. وكان أكثر ما ألقوه من زادهم السويق، وهو ما يتخذ من الحنطة والشعير، فجعل المسلمون يأخذون ذلك؛ ولهذا سميت غزوة سويق. ولما لم يدركوهم رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأصحابه إلى المدينة وكانت مدة غيبتهم في هذه الغزوة خمسة أيام.

***

وفيه وصل النبي (صلى الله عليه وآله) إلى مكة ـ ومعه ألوف المسلمين محرمين ـ في حجة الوداع سنة 10 من الهجرة. وإنما سميت حجة الوداع؛ لأن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يحج بعدها، بل توفاه الله إليه، فنقل إلى دار أصفيائه ومأوى أنبيائه وأوليائه ـ صلى الله عليه وآله وسلّم.

***

ولخمس خلون من ذي الحجة من سنة 380 هجرية توفي بالقاهرة الوزير يعقوب بن يوسف بن إبراهيم بن كلس، وزير المعز الفاطمي. وكان يهودياً فأسلم سنة 356 هجرية، واستوزره المعز، ثم العزيز بن المعز. ومات في أيام وزارته للعزيز الفاطمي، فحزن عليه حزناً شديداً، وسمع منه يقول: وا طول حزني عليك يا وزير([1]). وبكى عليه القائد جوهر بكاء شديداً، ورثاه نحو مئة شاعر. رحم الله الجميع برحمته.

***

وفي هذا اليوم ـ 5/ 12 ـ من سنة 984 هجرية قتل بقزوين الأمير إبراهيم ميرزا الصفوي الموسوي، قتل بحكم ابن عمه الشاه إسماعيل الصفوي الثاني ـ المقتول بتاريخ 13/ 9/ 985 ـ والذي قال عنه القرماني في كتاب (أخبار الدول، وآثار الاُول): إنه كان شيعيا وتسنن، وقتل من الروافض خلقاً كثيراً. وصدق القرماني في قوله، فقد جاء في (الأعيان)([2]) أنه قتل أكثر من أربعين ألفاً، ومنهم هذا الشهيد إبراهيم الذي هو ابن عمه، وزوج أخته، وقتل معه في ذلك اليوم أحد عشر شخصاً من العائلة الصفوية.

وكان المترجم ماهراً في جميع العلوم الأدبية والرياضية، لم يكن له نظير في علم الأصول والأحاديث، والسير والأنساب والتواريخ، وكان مواظباً على قراءة القرآن مع التجويد. وكان ابن عمه الشاه طهماسب الأول والد القاتل قد زوجه ابنته گوهر سلطان خانم، وأعطاه حكومة خراسان، فبقي فيها حاكماً إلى سنة 979 هجرية ـ وذلك اثنتا عشرة سنة كاملة. وكان صاحب أفكار عالية، وله معرفة بالعلوم، وأغلب الصنايع النفيسة.

ولما قبض عليه، وعلمت زوجته بإصدار الحكم بقتله من قبل أخيها، ألقت جميع كتبه في الماء فأتلفتها. و كانت له كتب علمية نفيسة، وجمعت جواهره ونفائس أمواله فكسرتها وألقتها في النار لئلّا يأخذها أعداؤه إلى أخيها. ولما قتل بالتاريخ المذكور ـ 5 /12/ 984، وهو ابن (34) سنة ـ أقامت عليه المأتم، ومن شدة ما أصابها من الحزن عليه صارت طريحة فراش، وتوفيت في ذلك الشهر.

ونقلت ابنته گوهرشاد بيگم نعش والدها ووالدتها من قزوين إلى المشهد المقدس، فدفنا في الحرم المطهر.

ولم يزل الشاه إسماعيل يقتل حتى قتل أكثر من أربعين ألفاً منهم (320) نفساً من ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يبلغوا الحلم. وقد سلط الله عليه من قتله بتاريخ 13/ 9 سنة 985 هجرية، وبعدُ لم تمضِ عليه سنة واحدة في الحكم.

وگوهرشاد بيكم المذكورة في هذه الترجمة هي غير گوهرشاد آغا التي بنت مسجد گوهرشاد العظيم الباقي إلى اليوم بجنب الحضرة الرضوية الشريفة. وكان بناؤه سنة 820 هجرية، وقتلت هي في هراة سنة 861 هجرية بأمر السلطان أبي سعيد بن محمد ميرانشاه بن تيمور لنك. ولم نعرف سبب قتلها. رحمها الله برحمته.

***

وفيه من سنة 1361 هجرية توفي نابغة دهره، وفيلسوف عصره، فقيه الأمة الذي اتجهت الأنظار إليه، وتخرج كثير من الفقهاء على يديه، الشيخ محمد حسين الأصفهاني العرفاني الذي كان شعره مملوءاً بالفلسفة والعرفان. وحسبك من ذلك اُرجوزته (الأنوار القدسية) التي ضمنها أربعاً وعشرين قصيدة في تاريخ حياة النبي (صلى الله عليه وآله) والزهراء والأئمة الاثني عشر، وبعض أولادهم ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ تغمده الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top