حدث في مثل هذا اليوم (3 ربيع الثاني)

حدث في مثل هذا اليوم (3 ربيع الثاني)

وفي هذا اليوم 3/ 4/ 11 هجرية أنفذ الخليفة أبو بكر جيش اُسامة بن زيد الذي كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) هيأه للذهاب إلى مشارف الشام حيث قتل زيد بن حارثة وصاحباه جعفر الطيار وعبد الله بن رواحة في مؤتة. وكان في هذا البعث الذي هيأه رسول الله (صلى الله عليه وآله) قبل وفاته بأيام أبو بكر وعمر وكثير من كبار الصحابة، وبعد أن عزم هذا البعث على مغادرة المدينة مرض رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فتوقف البعث خارج المدينة على الرغم من كل ما بذل الرسول (صلى الله عليه وآله) من إلحاح وإصرار في إنفاذه، وكرَّر (صلى الله عليه وآله): «أنفذوا جيش اُسامة»([1]). ولكنه لم يزل متوقفاً بالجرف على ثلاثة أميال من المدينة إلى أن توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فرجع الجيش إلى المدينة، ثم أنفذه الخليفة أبوبكر في 3 /4/ 11 هجرية.

***

في كتاب تقويم الحياة أن في هذا اليوم 3 /4/ 31 أو 32 هجرية توفي بالربذة أبوذر الغفاري الذي أسلم في الأيام الاُولى من الدعوة بمكة، فكان خامس المسلمين أو سادسهم، والذي أسلمت ببركات دعوته وجهوده قبيلتا غفار وأسلم، ولما جاء بهما مسلمين إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالمدينة دعا لهما (صلى الله عليه وآله) فقال: «غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله»([2]). وقال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله): «ما أقلت الغبراء، وما أظلت الخضراء أصدق لهجة من أبي ذر»([3]).

وبهذه اللهجة الصادقه قاوم ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ([4]).

واستمر في معارضته التي لا تعرف الهوادة ولا المجاملة لأخطاء الحكم وأخطاء المال حتى اُبعد عن المدينة إلى الشام، ثم اُعيد من الشام إلى المدينة، ومنها إلى الربذة، فمات بها وحيداً طريداً، وسعد بمواراته قوم من أهل العراق منهم الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود، والتابعي الكبير مالك الأشتر في نفر من خيار المسلمين. وكان الأمر كما أخبر به رسول الله (صلى الله عليه وآله) حيث قال له: «يا أباذر، تعيش وحدك، وتموت وحدك، ويسعد بمواراتك قوم من أهل العراق»([5]).

وسيأتي أن وفاته في شهر ذي الحجة سنة 32 هـ. اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تضلّنا بعدهم.

***

وفيه من سنة 498 هجرية توفي ببلدة بروجرد السلطان الملك بركيارق بن ملك شاه السلجوقي وعمره 38، وقيل: 25. وكانت مدة ملكه اثنتي عشرة سنة وأشهراً، وتولى الملك بعده أخوه أبو شجاع بن ملك السلجوقي، رحم الله الجميع برحمته.

***

وفي هذا اليوم 3/ 4 من سنة 585 هجرية توفي بأربل الموفق أبو عبد الله محمد بن يوسف الأربلي أصلاً ومنشأً، البحراني مولداً؛ فقد كان أبوه يمتهن التجارة، وكان يتردد من أربل إلى البحرين، ويقيم بها مدة لتحصيل اللآلئ كأمثاله من التجار، فاتفق أن ولد له هناك ولده الموفق المذكور، فنسب إلى البحرين لهذا السبب. وكان مقدماً في علم العربية متفنناً في الشعر، ومن أعلم الناس بالقوافي والعروض، وقد رحل من أربل إلى شهرزور وأقام بها مدة، ثم رحل إلى دمشق ومدح بها السلطان صلاح الدين الأيوبي المتوفى 27/ 2/ 589 هجرية، ومدح بأربل أبا المظفر يوسف بن زين الدين صاحب أربل المتوفى بتاريخ 28 /9/ 586 هجرية بالناصرة، وهي قرية بالقرب من عكَّا، فقال في مدحه من قصيدة له:

ربّ دار بالغضا طال بلاها *** عكف الركب عليها فبكاها
كان لي فيها زمان وانقضى *** فسقى الله زماني وسقاها
وقفت فيها الغواني وقفةً *** ألصقت حر حشاها بثراها
وبكت أطلالها نائبة *** عن جفوني أحسن الله جزاها

إلى أن قال فيها:

لا تظنوا لي إليكم رجعة *** كشف التجريب عن عيني عماها
إن زين الدين أولاني يداً *** لم تدع لي رغبة فيما سواها

قال ابن خلكان: وهي قصيدة طويلة، وقد أجاد في مدحه([6]). رحمه الله برحمته.

***

وفيه من سنة 610 هجرية توفي بالسَّلامية قاضي السلامية ظهير الدين إبراهيم بن نصر الموصلي. كان فقيهاً فاضلاً، تفقه في المدرسة النظامية ببغداد، ثم تولى القضاء بالسلامية، وهي بلدة بأعمال الموصل، وما زال بها إلى أن توفي بالتاريخ المذكور. وغلب عليه نظم الشعر، ونظمه رائق، فمن شعره قوله:

جود الكريم إذا ما كان عن عدةٍ *** وقد تأخر لم يسلم من الكدرِ
إن السحائب لا تجدي بوارقها *** نفعاً إذا هي لم تمطر على الأثرِ
وماطل الوعد مذموم وإن سمحت *** يداه من بعد طول المطل بالبدرِ([7])

وله قصيدة يرثي بها الإمام الحسين (عليه السلام) قال فيها:

يا شهر عاشوراء أذكرتني *** مصارع الأشراف من هاشمِ
أبكي ولا لوم على من بكى *** وإنما اللوم على اللائمِ
ما من بكى فيك أشد البكا *** وناح بالعاصي ولا الآثمِ
رزية ما قام في مثلها *** نائحة تندبُ في ماتم
آل رسول الله خير الورى *** وصفوة الله على العالمِ
مثل مصابيح الدجى عفّرت *** وجوههم في الرهج القائمِ
رؤوسهم تحمل فوق القنا *** مظلومة شلّت يد الظالمِ
كأنما الزهراء ليست لهم *** أماً ولا الجد أبو القاسمِ([8])

إلى آخر القصيدة الموجودة في كتاب (أدب الطف) للسيد جواد شبر، رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

وفيه من سنة 1236 هجرية ولد أبو القاسم كلانتر الطهراني، وفيه من سنة 1292 هجرية توفي وعمره 56 سنة. وكان عالماً فاضلاً فقيهاً أصولياً مدققاً، وله عدة تقريرات في الأصول. وكان من مشاهير تلامذة الشيخ الأنصاري (رحمه الله)، وكانت وفاته بالري، فدفن في جوار أبي القاسم الشاه عبد العظيم الحسني في صحن حمزة بن موسى بن جعفر (عليه السلام) في مقبرة أبي الفتوح الرازي. وقد رثاه ولده العالم الأديب الحاج الميرزا أبوالفضل صاحب كتاب (شفاء الصدور في شرح زيارة العاشور) المتوفى في طهران في حدود سنة 1317 هجرية، فقال رحمه الله:

دع العيش والآمال واطوِ الأمانيا *** فما أنت طول الدهر والله باقيا
رمى الدهر من سهم النوائب ماجداً *** أعز كريما طاهر الأصل زاكيا
وعلامة الدنيا وواحد أهلها *** ومن كان عن سرب العلوم محاميا

إلى أن قال:

وقد نلتَ من عبد العظيم جواره *** جواراً له طول المدى كنت لاحيا([9])

رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم 3/ 4 سنة […] هجرية ذهب الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) إلى جرجان، وهي مدينة عظيمة بين طبرستان وخراسان؛ فبعض يعدها من هذه، وبعض يعدّها من هذه. فتحها يزيد بن المهلّب 716 م وبنى بها مدينة استراباد، وذلك في عهد سليمان بن عبد الملك الذي كانت خلافته من 15 /6 /96 إلى 10/ 2/ 99 هجرية.

وقد روى الكثير من كتاب الشيعة عن أحمد بن محمد بن جعفر بن شريف الجرجاني قال: حججت سنة، فدخلت على أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام) بسر من رأى، وقد كان أصحابنا حملوا معي شيئاً من المال فأردت أن أسأله: إلى من أدفعه؟ فقال لي قبل أن أسأله: «أدفع ما معك إلى المبارك خادمي». قال: ففعلت ذلك، وخرجت وقلت له عند الخروج: إن شيعتك بجرجان يقرؤون عليك السلام. فقال: «أولست منصرفاً بعد فراغك من الحج؟». قلت: بلى. قال: «إنك تصير إلى جرجان من يومك هذا إلى مئة وسبعين يوماً، وتدخلها يوم الجمعة لثلاث ليال يمضين من شهر ربيع الآخر في أول النهار فأعلمهم أني أوافيهم في ذلك اليوم لآخر النهار، فامضِ راشداً؛ فإن الله يسلمك ويسلم ما معك، فتقدم على أهلك وولدك ويولد لولدك الشريف ولداً فسمه الصلت، وسيبلغ الله به، ويكون من أوليائنا».

فقلت: يابن رسول الله، إن إبراهيم بن إسماعيل الجرجاني من شيعتكم، وهو كثير المعروف إلى أوليائكم، يخرج إليهم من ماله في السنة أكثر من مئة ألف درهم، وهو أحد المتقلبين في نعم الله بجرجان. فقال: «شكر الله لأبي إسحاق إبراهيم بن إسماعيل الجرجاني صنيعه لشيعتنا، وغفر له ذنوبه ورزقه ذكراً قائلاً بالحق، فقل له: يقول لك الحسن بن علي: سم ابنك أحمد».

قال: فانصرفت من عنده، وحججت وسلمني الله حتى وافيت جرجان في اليوم الذي ذكره وهو يوم الجمعة 3/ 4 من أول النهار على ما ذكر×، وجاءني أصحابنا يهنّئونني، فوعدتهم أن الإمام وعدني أن يوافيكم في آخر هذا اليوم، فتهيؤوا للقائه، وأدوا مسائلكم وحوائجكم كلها. فلما صلوا العصر اجتمعوا كلهم في داري، فوالله ما شعرنا إلا وقد وافانا أبو محمد (عليه السلام)، وقضى كثيراً من حوائجنا، فسلام الله عليه ورحمة الله وبركاته([10]).

***

وفي هذا اليوم 3/ 4 أو في الذي قبله من سنة 1303 هـ توفي بطهران السيد صالح ابن السيد حسن ابن السيد يوسف الداماد الموسوي الفقيه الاُصولي الذي من تأليفه (المهذب في أصول الفقه)، وغيره من الكتب العلمية النافعة. وقد حملت جنازته إلى كربلاء المقدسة ودفن فيها. رحمه الله برحمته.

_______________

([1]) الاحتجاج 1: 381، الطبقات الكبرى 4: 67.

([2]) مسند أحمد 2: 117.

([3]) الاختصاص: 13، باختلاف.

([4]) التوبة: 34 ـ 35.

([5]) الخصال: 183.

([6]) وفيات الأعيان 5: 10 ـ 11.

([7]) وفيات الأعيان 1: 37.

([8]) أدب الطفّ 4: 23.

([9]) الكنى والألقاب 1: 144.

([10]) الناقب في المناقب: 215.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top