حدث في مثل هذا اليوم (24 رجب)

حدث في مثل هذا اليوم (24 رجب)

في هذا اليوم من سنة 7 من الهجرة تمَّ فتح خيبر. وقد تقدم أنّه حصل بتاريخ 15 / 1 / 7 أو بتاريخ 14 / 1 / 7 وفي السيرة التي ألفها ابن اسحاق المتوفى ببغداد سنة 151 هجرية، والتي هذبها ابن هشام المتوفى سنة 218 هجرية أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما رجع من الحديبية أقام بالمدينة المنورة ذا الحجة وبعض المحرم، ثم خرج في بقيته إلى خيبر وكان فتح خيبر في شهر صفر سنة 7 من الهجرة. وقد روى صاحب هذه السيرة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث أبابكر الصديق برايته، وكانت بيضاء إلى بعض حصون خيبر، فقاتل ورجع ولم يك فتح وقد جهد، ثم بعث الغد عمر بن الخطَّاب، فقاتل ثم رجع ولم يك فتح وقد جهد، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، يفتح الله على يديه ليس بفرار». قال يقول سلمة بن عمرو بن الأكوع: فدعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) علياً (عليه السلام) وهو أرمد، فتفل في عينه ثم قال: «خذ هذه الراية فامضِ بها حتى يفتح الله عليك». يقول سلمة: فخرج بها يأنح ـ أي يهرول هرولة ـ وإنا لخلفه نتبع أثره حتى ركز رايته في رضمّ من حجارة تحت الحصن، فاطّلع إليه يهودي من رأس الحصن، فقال: من أنت؟ فقال: «أنا علي بن أبي طالب (عليه السلام)». قال سلمة: فما رجع حتى فتح الله على يديه ([1]).

وروى عن أبي رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: خرجنا مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) حين بعثه رسول الله برايته، فلما دنا من الحصن، خرج إليه أهله فقاتلهم، فضربه رجل من اليهود فطاح ترسه من يده، فتناول باباً كان عند الحصن فتترّس به عن نفسه، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه، ثم ألقاه من يده حين فرغ، فلقد رأيتني في سبعة نفر معي أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه([2]).

ويتضح مما تقدم أن خروج النبي (صلى الله عليه وآله) إلى خيبر بشهر المحرم، وأن فتحها بشهر صفر سنة 7 هجرية والله سبحانه أعلم.

***

وفيه من سنة 101 هجرية توفي الخليفة الثامن من خلفاء بني أمية، وهو الخليفة العادل، والملك الفاضل عمر بن عبدالعزيز. وقد تقدم أن مولده بتاريخ 9 / 1 / 61 هجرية؛ وبموجب هذا التاريخ يكون عمره يقارب أربعين سنة. وقد ذكرنا عند ذكرنا لتاريخ مولده أنه رفع السب عن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام). وقد ذكر ابن الأثير في تاريخه في حوادث سنة 99 من الهجرة أن بني أمية كانوا يسبون علياً (عليه السلام)، فلما ولي عمر بن عبد العزيز ترك ذلك، وكتب إلى العمال في الآفاق بتركه([3]).

وقال ابن الأثير: وكان سبب محبته علياً (عليه السلام) أنه قال: كنت بالمدينة أتعلم العلم، وكنت ألزم عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، فبلغه عني شيء من ذلك، فأتيته يوماً وهو يصلي، فأطال الصلاة، فقعدت أنتظر فراغه، فلما فرغ من صلاته التفت إلي فقال لي: متى علمت أن الله غضب على أهل بدر وبيعة الرضوان بعد أن رضي عنهم؟ قلت: لم أسمع ذلك. قال: فما الذي بلغني عنك في علي (عليه السلام)؟ فقلت: معذرة إلى الله وإليك. وتركت ما كنت عليه.

وكان أبي إذا خطب فنال من علي (عليه السلام) تلجلج، فقلت: يا أبت، إنك تمضي في خطبتك، فإذا أتيت على ذكر علي عرفت منك تقصيراً؟ قال: أو فطنت لذلك؟ قلت: نعم. قال: يا بني، إن الذين حولنا لو يعلمون من علي ما نعلم تفرقوا عنا إلى أولاده([4]).

قال ابن الأثير: فلما ولي الخلافة لم يكن عنده من الرغبة في الدنيا ما يرتكب لأجله هذا الأمر العظيم، فترك ذلك، وكتب بتركه، وقرأ عوضه: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى([5]). قال: فحلَّ هذا الفعل من الناس محلاً حسناً، وأكثروا مدحه بسببه، فمن ذلك قول كثير عزّة المتوفى سنة 105 هجرية (رحمه الله):

وليت فلم تشتم علياً ولم تخف *** بريئاً ولم تتبع مقالة مجرمِ
تكلمت بالحق المبين وإنما *** تبين آيات الهدى بالتكلم
وصدقت معروف الذي قلت بالذي *** فعلت فأضحى راضياً كل مسلم([6])

ومن ذلك قول السيد الرضي المتوفى بتاريخ 6 / 1 / 406 هجرية.

يابن عبدالعزيز لو بكت العيـ *** ـن فتى من أمية لبكيتكْ
أنت نزهتنا عن السب والشتـ *** ـم فلو يمكن الجزا لجزيتكْ
ولو اني رأيت قبرك لاستحيـ *** ـيت من أن أُرى وما حييتكْ
وعجيب أني قليت بني مر *** وان طرّاً و أنني ما قليتكْ
قرب العدل منك لما نأى الجو *** ر بهم فاجتويتهم واجتبيتكْ
دير سمعان لا أغبك غيث *** خير ميت من آل مروان ميتكْ

رحم الله الجميع برحمته وأسكنهم فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم من سنة 1366 هجرية توفي بالقطيف الفاضل الشيخ محمد بن أحمد بن محسن آل فرج العوامي القطيفي، أحد تلامذة الشيخ محمد بن نمر المتوفى بتاريخ 9 / 10 / 1348. رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

_________________

([1]) السيرة النبوية (ابن هشام) 3: 797.

([2]) تاريخ الطبري 2: 301.

([3]) الكامل في التاريخ 5: 42.

([4]) المصدر نفسه.

([5]) النحل: 90.

([6]) الكامل في التاريخ 5: 42 ـ 43.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top