حدث في مثل هذا اليوم (13ربيع الأوّل)

حدث في مثل هذا اليوم (13ربيع الأوّل)

في كتاب (وقائع الشهور والأيام) أن في هذا اليوم صارت قصة أصحاب الرس. أقول: وقد ذكر القرآن الكريم هذه القصة في سورة (الفرقان)، فقال تعالى: ﴿وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً([1]).

وفي سورة (ق)، فقال تعالى: ﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ([2]).

ويستفاد من قول الأكثرين أنهم قوم كان لهم نهر يقال له الرس، وكانوا يعبدون شجرة صنوبر نابتة على شفير عين يقال لها (روشن آب)، قيل: وكان إبليس يكلمهم منها ويمنيهم فبعث الله لهم رسلاً من بني إسرائيل فدعوهم إلى الله، وأخبروهم أن الشيطان لا يمنيهم ولا يعدهم إلا غرورا، فقتلوهم. وفي (نهج البلاغة) أن أميرالمؤمنين (عليه السلام) قال: «أين أصحاب مدائن الرس الذين قتلوا النبيين، وأطفؤوا سنن المرسلين، وأحيوا سنن الجبارين؟»([3]). ويرجح كثير من المؤرخين أن الله أهلكهم بأنواع العذاب، ومنها جفاف الماء، وقد قال تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ([4]).

***

في اليوم الثالث عشر من شهر ربيع الأول أو من شهر ربيع الثاني سنة 132 هجرية بويع أبو العباس السفاح عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس عم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وصلى بالناس صلاة الجمعة بالكوفة، وخطب على المنبر قائماً، وكانت بنو أمية يخطبون جالسين، فضجّ الناس وقالوا: أحييت السنة يابن عم رسول الله. وسيأتي أنه بويع بتاريخ 13 /4/ 132 وتوفي بتاريخ 12 /2/ 136 هجرية، رحم الله المؤمنين برحمته.

***

وفي هذا اليوم 13/ 3 من سنة 300 هجرية توفي يحيى بن علي بن يحيى ابن أبي منصور المعروف (بابن المنجم). نديم أديب، متكلم من فضلاء المعتزلة، مولده ووفاته ببغداد، نادم الموفق بالله العباسي، وعدة من خلفاء بني العباس، وآخرهم المكتفي المتوفى سنة 299 هجرية. وصنَّف كتباً نافعة منها كتاب (الباهر) في أخبار شعراء مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية تممّه ابنه أحمد، وأضاف إليه بعض الشعراء. وله مع المعتضد حوادث ونوادر، وكان آل المنجم من بيوت العلم في العراق، وفيهم يقول الصاحب بن عباد المتوفى 23 /2/ 385:

لبني المنجمّ فطنة لهبية *** ومحاسن عجميه عربيه
ما زلت أمدحهم وأنشر فضلهم
*** حتى عرفت بشدة العصبيه([5])

وسيأتي أنه توفي بتاريخ 17/ 4، رحم الله الجميع برحمته.

***

وفي هذا اليوم 13 /3 من سنة 432 هجرية قُبض على مسعود بن محمود سبكتكين من ملوك الدولة الغزنوية الذي اجتمع له ملك غزنة وخراسان، وبلاد الهند والسند وسجستان، وكرمان ومكران، والري واصبهان، وبلاد الجبل، وعظم سلطانه، وفتح قلاعاً من الهند كانت ممتنعة على أبيه المتوفى سنة 421 هجرية. ودخل السلاجقة خراسان فقاتلهم وأجلاهم عنها، وعاد إلى غزنة وهي مدينة في شرق أفغانستان، ثم خرج منها يريد أن يشتوَ في الهند على عادة أبيه، وأخذ معه أخاه محمداً الذي كان قد بويع قبله، ثم خُلع وبويع هو بدلاً منه. فلما عبر سيحون ائتمر بعض عسكره، وقبضوا عليه، واعتقلوه في قلعة (كيكي بالتاريخ المتقدم 13/ 3/ 432 هجرية)، ثم قتلوه وبايعوا أخاه محمداً مكانه، رحم الله الجميع برحمته.

***

وفيه من سنة 556 توفي السَّلطان محمد بن محمود السلجوقي، وهو الملك الثاني عشر من ملوك بني سلجوق لما وراء النهر، وتولى بعده ابن اخيه أرسلان ابن طغرل السلجوقي، رحم الله المؤمنين برحمته.

***

وفيه أو في الثامن عشر منه من سنة 1300 هجرية توفي السيد الجليل والمرجع الديني الكبير السيد مهدي القزويني الحسيني الحلي الذي قام بزعامة التقليد والمرجعية العامة في أواخر القرن الثالث عشر بعد وفاة الشيخ مرتضى الأنصاري المتوفى بتاريخ 18/ 6/ 1281 هجرية. وقد نال هذا السيد العظيم مرتبة الاجتهاد بإجازات وشهادات من علماء عصره العظام. وهو بعد لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره. وله تصانيف جمّة في الفقه والأصول والرياضيات والطبيعيات والتفسير والحديث وغير ذلك. ومن مصنفاته كتاب (نفائس الأحكام) الذي أشار إليه معاصره السيد حيدر الحلي في قصيدة مدحه بها، فقال:

له نفائس علم كلها دررُ *** والبحر يُبرز عنه أنفس الدررِ
لو أصبحت علماء الأرض واردة
*** منه لما رغبت عنه إلى الصَّدَرِ([6])

***

وتوفي بالتاريخ المذكور 13 /3/ 1300 قبل السماوة بخمسة فراسخ، وهو قادم من الحج؛ ولذلك قال السيد محمد سعيد الحبوبي في قصيدته التي رثاه بها:

سرى وحداء الركب حمد أياديه *** وآب ولا حادٍ له غير ناعيه

رحم الله الجميع برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم 13 من ربيع الأول سنة 1306 هجرية توفي الشيخ الملا محمد باقر الإيرواني، وقد ناف على التسعين. والإيروان مدينة من تركستان، كانت تابعة لمملكة إيران، فأخذتها منهم الروس في بعض الحروب.

قال عنه الأمين في (الأعيان): إنه كان عالماً فقيها رئيساً جليلاً، انتهت إليه رياسة الترك، وصار المرجع العام في تلك البلاد في التقليد بعد وفاة السيد حسين الترك الكوه كمري في 23 /7/ 1299 هجرية. وكان المترجم يدرّس في مسجد الطوسي نهاراً في الفقه وليلاً في الأصول، ويحضُر درسه جلّ فضلاء النجف، وله اليد الطولى في جملة من العلوم العقلية لا سيما الرياضيات. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفيه من سنة 1339 توفي العلامة السيد عبد المطلب ابن السيد داود الحلي علم من أعلام الأدب، كريم النسب والحسب؛ فجده لأبيه السيد مهدي ابن السيد داود الحلي، وعمه أمير شعراء الحسين السيد حيدر الحلي الذي تقدم ذكره بتاريخ 9 /3/ 1304. وكان المترجم يعرض شعره على عمه هذا في حياته، ورثاه بعد وفاته بثلاث قصائد، وقد أطراه الشيخ محمد جواد الشبيبي شيخ الأدب في العراق. وتوفي وهو ابن 59 سنة. ومن روائع شعره في جده الحسين (عليه السلام) قوله (رحمه الله):

أيقظته نخوة العز فثارا *** يملأ الكونين طعناً ومغارا

وقوله (رحمه الله):

بأبي الثابت في الحرب على *** قدم ما هزها الخوف براحا

وقوله وقوله. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم 13/ 3 من سنة 1343 هـ توفي بالنجف الأشرف إسماعيل بن محمد علي بن زين العابدين المحلّاتي؛ نسبة إلى محلات من أعمال اصفهان. في كتاب (معجم المؤلفين) أنه فقيه أصولي متكلم درس على والده بطهران، وهاجر إلى بروجرد فأخذ من علمائها، ثم جاور في النجف إلى أن توفى بالتاريخ المذكور 13 /3/ 1343. من مؤلفاته تنقيح الأبحاث في النفقات الثلاث (نفقة الزوجة والأقارب والمماليك)، و(نفائس الفوائد في مهمات أصول الفقه)، و(لباب الاصول باسقاط القشور والفضول)، و(أنوار العلم والمعرفة في أصول الدين)، وغير ذلك من الكتب النافعة([7]). رحمه الله برحمته.

***

وفي ليلة هذا اليوم وكانت ليلة الجمعة من سنة 1344 هـ هبت عاصفة شديدة، فكانت بسببها حادثة الطبعة المشهورة بالقطيف والبحرين، فقد غرق بسببها من أهالي القطيف نحو من ثلاثمئة ومنهم الشاب الذي كان على وشك الزواج السيد محمد بن علوي السادة من أهالي أم الحمام القطيف، وهو أخٌ للسيد مدن بن علوي والد السيد أحمد والسيد سعيد. وإنما غرق فيها هذا العدد الكثير؛ لأنها كانت في أيام الصيف، والبحر حينئذٍ مملوء بسفن الغواصين. وممن غرق فيها عبد علي بن عباس الصفار التاروتي، وعمه الحاج عبد الله ابن الحاج علي الصفار التاروتي.

ومن العجائب العجيبة أن رجلاً من بلادنا أم الحمام يدعى علي سيف، وهو والد أحمد سيف وحبيب سيف المولود سنة 1348 هـ والموجود حالياً، ونحن الآن سنة 1425 هـ بقي في البحر نحو ثلاثين ساعة، ثم أتاح الله له من أنقذه، وعاد إلى أهله سالماً. وصدق الله حيث يقول: ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُّؤَجَّلاً([8]).

وقد ذكر هذه الحادثة المؤلمة تفصيلاً في كتاب كشكوله الحاج حسن بن علي بن عبد الله أبو السعود، المتوفى بتاريخ 29 /2/ 1348 هجرية. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم وهو اليوم الثالث عشر من ربيع الأول سنة 1366 هجرية توفي بالنجف السيد مهدي ابن السيد هادي القزويني الحلي علم من الأعلام، وفذّ من أفذاذ الأسرة القزوينية الشريفة. وكان مولده سنة 1307؛ فعمره يوم موته 59 سنة فقط، ولكنه وإن كان قصير العمر، وإن لم يعقب بعده ولداً ذكراً إلا إنه خلف تراثاً غالياً من الأدب. ومن شعره القصيدة الدالية في المدح والرثاء:

يا لائميَّ تجنبا التفنيدا *** فلقد تجنبت الحسان الخودا
ما شف قلبي حب هيفاء الدمى *** شغفاً ولا رمت الملاح الغيدا
لكنني أصبحت مشغوف الحشا *** في حب آل محمد معمودا
المانعين لماوراء ظهورهم *** والطيبين سلالة وجدودا
قوم أتى نص الكتاب بحبهم *** فولاهم قد قارن التوحيدا
فلقد عقدت ولايَ فيهم معلناً *** بولاء حيدرة فكنت سعيدا
صنو النبي وصهره ووصيه
*** نصاً بفرض ولائه مشهودا

إلى آخر القصيدة التي ذكر في آخرها مصرع أميرالمؤمنين (عليه السلام). رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفيه من سنة 1399 هجرية كان ابتداء جمهورية إيران بخروج بختيار، وانتهاء دولة الشاه، فسبحان من لا يزول ملكه، ولا ينتهي سلطانه.

***

وفي هذا اليوم 13 ربيع الأول سنة 1402 هجرية، وكان يوم جمعة توفي الشاب المؤمن، الشاعر الأديب، الاُستاذ جواد ابن الحاج صالح العلي من أهالي بلدة الملّاحة بالقطيف، وكان مولده في سنة 1372 هجرية؛ فعمره يوم وفاته 30 سنة فقط. وقد فارق الحياة على أثر اصطدام سيارة في شارع القطيف العام بين القطيف وعنك. ومن شعره (رحمه الله) قصيدته التي رثى بها الحجة الشيخ محمد صالح المبارك قاضي المحكمة الجعفرية بالقطيف، المتوفى بتاريخ 8/ 10/ 1394 هجرية، وقد قال فيها:

ألا أصرخ بصوت عظيم الصدى *** فشيخ القطيف طواه الردى
ربيع الحياة وفخر الكمال *** شريف المقام كثير النَّدى
كثير الندى وعميد القضا *** حميد الخصال مجيب النِّدا
ضياء الزمان ونور المكان *** يعزّ على الخطّ أن يفقدا
عزيز علينا فراق العظيم *** وشيخ الشيوخ أبي أحمدا

رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

________________

([1]) الفرقان: 38.

([2]) ق: 12.

([3]) نهج البلاغة /الخطبة: 180.

([4]) الملك: 30.

([5]) وفيات الأعيان 3: 375.

([6]) ديوان السيد حيدر الحلي 2: 47.

([7]) معجم المؤلفين 2: 292.

([8]) آل عمران: 145.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top