حدث في مثل هذا اليوم (12ربيع الأوّل)

حدث في مثل هذا اليوم (12ربيع الأوّل)

في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة 1 من الهجرة ـ وكان ذلك اليوم يوم الاثنين عند الزوال ـ وصل النبي (صلى الله عليه وآله) إلى قبا قادماً من مكة ومهاجراً إلى المدينة. وكثير من المسلمين يرون هذا اليوم يوم مولده، ويوم وصوله إلى قبا، ويوم وفاته. وعلى أي حال فقد فرح أهل المدينة بقدومه، وصاروا يتغنون بشعرهم المشهور:

طلع البدر علينا *** من ثنيات الوداعْ
وجب الشكر علينا *** ما دعا لله داعْ
أيها المبعوث فينا *** جئت بالأمر المطاعْ
جئت شرفت المدينه *** مرحباً يا خير داعْ([1])

***

وفي هذا اليوم لاثنتي عشر ليلة من شهر ربيع الأول على رأس اثني عشر شهراً مضت من مقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة ـ أي في أول السنة الثانية للهجرة خرج النبي (صلى الله عليه وآله) إلى غزوة ودَّان، وقد قال بعض المؤرخين: إن النبي (صلى الله عليه وآله) خرج إليها في الثاني عشر من شهر صفر، ولكن قولهم لاثني عشر شهراً مضت من مقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة لا يتناسب مع شهر صفر، بل يتناسب مع شهر ربيع الأول. ويقال: إن هذه الغزوة وقعت لاثنتي عشر ليلة خلت من السنة الثانية، فتكون في (24) من ربيع الأول. قال ذلك الخضري في كتابه (نور اليقين). وتسمى غزوة ودّان غزوة الأبواء؛ لأن ودّان والأبواء قريتان متقاربتان في وادي الفرع، بينهما ستة أميال.

وهي أولى غزواته (صلى الله عليه وآله)، خرج في ستين راكباً من المهاجرين يريد عِيراً لقريش، فلم يلق كيداً، ووادع في طريقه بني ضمرة، وكتب بينه وبينهم كتاباً. قال ابن سعد: وكان لواؤه مع حمزة بن عبد المطلب([2])، ولكن المفيد في (الإرشاد) روى بسنده عن أبي البختري القرشي أن النبي (صلى الله عليه وآله) أعطى رايته علي بن أبي طالب (عليه السلام) في هذه الغزوة([3]). أقول: ولعل هناك لواء وراية؛ فلواؤه بيد حمزة، ورايته بيد علي، وحينئذٍ فلا منافاة. وكانت غيبته (صلى الله عليه وآله) في هذه الغزاة خمسة عشر يوماً وبموجب ذلك يكون رجوعه (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة بتاريخ 26 /3/ 2.

***

وفي هذا اليوم من السنة 3 من الهجرة وقعت غزوة غطفان، ويقال لها غزوة أنمار. وسببها أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بلغه أن جمعاً من بني ثعلبة ومحارب بذي أمر قد تجمعوا يريدون أن يصيبوا من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)، فندب المسلمين، وخرج في أربعمئة وخمسين رجلاً. فلما سمعوا بمسير النبي (صلى الله عليه وآله) إليهم، هربوا في رؤوس الجبال، ولما عرف النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك رجع بأصحابه إلى المدينة، ولم يلقوا كيداً.

***

وفي هذا الشهر على رأس ستة وثلاثين شهراً من الهجرة أي بتاريخ 12 /3/ 3 صارت واقعة الرجيع، وقد ذكرها ابن الأثير([4]) في شهر صفر سنة 3 من الهجرة. ولا منافاة بين القولين؛ إذ من الممكن أن يكون الرسول (صلى الله عليه وآله) أرسل أصحابه الذين قتل بعضهم في الرجيع في أواخر صفر، ثم لم تكن الواقعة التي قتلوا فيها إلّا في شهر ربيع من السنة المذكورة، والله سبحانه وتعالى أعلم.

***

وفي هذا اليوم ـ وكان يوم جمعة ـ وقيل: في هذا اليوم من شهر ربيع الثاني سنة 241 توفي ببغداد الإمام أحمد بن حنبل الشيباني النسب، المروزي الأصل، البغدادي المنشأ والمسكن والمدفن. قالوا: وكان مولده ببغداد في شهر ربيع الأول من سنة 164 هجرية؛ وبموجب ذلك يكون عمره 77 سنة فقط. وفي كتاب (روضات الجنات) أنه لم يكن في آخر عصره مثله في العلم والورع، وقد حضر تشييع جنازته من الرجال نحو ثمانمئة الف، ومن النساء نحو ستين ألفاً. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم 12 من شهر ربيع الأول من سنة 318 هجرية توفي الحسن بن علي بن زكريا العدوي البزوفري؛ نسبه إلى (بَزَوْفَر) قرية كبيرة من أعمال قوسان قرب واسط وبغداد. وكان مولده سنة 210؛ فعمره يوم وفاته 92 سنة. ومما ذكر عنه أنه قال: مررت بالبصرة سنة 222 هجرية وأنا ابن 12 سنة وإذا الناس مجتمعون في محل طحان فنظرت كما ينظر الغلمان فإذا بشيخ فقلت: من هذا؟ فقالوا: هذا خراش بن عبد الله خادم أنس بن مالك، له مئة وثلاثون سنة، ففرجت الناس، ودخلت إليه وبين يديه جمع من الناس يكتبون عنه والباقون نظارة فأخذت قلماً من يد رجل، وكتبت عنه ثلاثة عشر حديثاً كلها في فضل علي (عليه السلام)([5]).

قالوا ومما روى عنه عن سلمان الفارسي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «كنت أنا وعلي نوراً يسبّح الله ويقدسه قبل أن يخلق آدم بأربعة آلاف عام»([6]).

وروي بسنده عن جابر أنه قال: «أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن نعرض أولادنا على حب علي بن أبي طالب (عليه السلام)»([7]). رحم الله الجميع برحمته.

***

وفي هذا اليوم من سنة 358 توفي ناصر الدولة الحسن بن أبي الهيجاء عبد الله الحمداني والي الموصل وتوابعها، وليها بعد أبيه، فظل يحكمها بيد من حديد إلى أن توفي (رحمه الله)، وهو أخو سيف الدولة الحمداني صاحب حلب الذي مرّ أن وفاته 25 /2/ 356. وسيأتي أن مولده 17/ 12/ 303 هجرية، رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

وفي كتاب (وقايع الشهور والأيام) أنَّ في هذا اليوم ـ وكان يوم جمعة ـ من سنة 400 هجرية توفي في غار بدخشان ناصر خسرو بن الحارث بن علي بن الحسين بن الإمام علي الهادي×. وقد كان عبد الله في هذا الغار عشرين سنة، وقد عاش أكثر من مئة وعشرين سنة. وقد أخبر عن موته، كما أخبر عن حضور مؤمني الجن لدفنه، قال صاحب الكتاب المذكور: وله حالات عجيبة، وسياحات أخبر عنها في رسالة كتبها بنفسه في حالاته، وجميع الرسالة مسطورة في كتاب خطي في الأقاليم عندي.

وفيه ـ أي وفي ذلك الكتاب الخطي ـ أن له ولدين عالمين عابدين اسم اكبرهما جمال الدين محمد بن ناصر، والأخر اسمه السيد حسن، كان يجلس في مجلس وعظه أكثر من ألف نسمة، رحم الله الجميع برحمته، وأسكنهم فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم ـ وكان يوم الثلاثاء ـ 12/ 3/ 675 هجرية توفي بطنطا مدينة مشهورة من مدائن مصر السيد القطب أحمد البدوي العلوي (رحمه الله) عن عمر يناهز 79؛ لأن مولده كان سنة 596 هجرية. وهو من سلالة الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)؛ فهو علوي، وإنما سمى البدوي؛ لتشبهه بأهل البادية. وقد هاجر أهله من الحجاز إلى بلاد المغرب الأقصى في زمن الحجاج هرباً مما حل بالعلويين منه من الظلم والاضطهاد، فولد بمدينة فاس من بلاد المغرب، وفي السابعة من عمره رحل به والده وبجميع أهله إلى الحجاز، وأقاموا بمكة، ثم رحلوا منها ثم عادوا إليها. وقد توفي بها أبوه علي بن إبراهيم العلوي سنة 627 هجرية ودفن بباب المعلّى، وكان قبره معروفاً يزار.

وبقى ولده أحمد البدوي في حلّ وترحال حتى استقرت به الدار بطنطا من أرض مصر، وقد توفي بها، وقبره بها معروف مقصود للزيارة والتقدير، ويعدونه أحد الأقطاب الأربعة، وهم بالترتيب المذكور في كتاب (نور الأبصار) للشبلنجي:

1ـ أحمد بن يحيى بن حازم الرفاعي الشريف العلوي الشافعي المولود سنة 500 هجرية، والمتوفى (رحمه الله) بأم عبيدة من أرض البطايح بالعراق يوم الخميس وقت الظهر بتاريخ 12 /5/ 570 هجرية.

2ـ الشيخ عبد القادر بن موسى بن عبد الله بن يحيى الزاهد الجيلاني الحسني الهاشمي الحنبلي من ولد الحسن بن الحسن السبط (عليه السلام)، المولود سنة 470 هجرية، والمتوفى ببغداد بتاريخ سنة 561 هجرية.

3 ـ صاحب الترجمة أحمد البدوي العلوي الشافعي.

4 ـ إبراهيم الدسوقي الهاشمي الشافعي من نسل وسلالة الإمام الهادي (عليه السلام). توفي (رحمه الله) سنة 676 هجرية وعمره 43 سنة، ودسوق مدينة بمصر.

وقد ذكر الشبلنجي الشافعي في كتابه (نور الأبصار) لهؤلاء الأربعة الأقطاب من الكرامات ما تنبهر منه العقول، وتحير فيه الأفكار.

وقد ذكر الدكتور أحمد الشرباصي الاُستاذ بجامعة الأزهر في كتاب (يسألونك) للمترجم أحمد البدوي من الشعر قوله:

إلهي أنت للإحسان أهل *** ومنك الجود والفضل الجزيلُ
إلهي بات قلبي في هموم *** وحالي لايُسَرّ به خليلُ
إلهي ثوب جسمي دنسته *** ذنوب حملها أبداً ثقيلُ
إلهي جد بعفوك لي فإني
*** على الأبواب منكسر ذليلُ

رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم 12 /3 من سنة 736 هجرية توفي ببلقان آران السلطان أبو سعيد بهادر خان ابن السلطان محمد خدا بنده الملقب بالجايتو خان المغولي الشيعي على ما ذكره الأمين في كتابه (الأعيان)([8])، وكان عمره يوم وفاته 32 سنة فقط. وقد نقلت جنازته من بلقان إلى مدينة سلطانية، فدفن في المقبرة التي كانت في «قورق سلطانية». ثم إن الميرزا ميرانشاه ابن الأمير تيمور الكوركاني أمر بتخريب تلك القبة، فنقل من ذلك المكان، ودفن في قبة أبواب البر بجانب أبيه الجايتو خدابنده المتوفى بتاريخ 17 /9/ 716 أو بتاريخ 1/ 10 هـ، رحم الله الجميع برحمته.

***

وفي هذا اليوم 12 ربيع الأول من سنة 1284 هجرية توفي في لكهنو السيد محمد ابن السيد دلدار علي النقوي اللكهنوي. وكان فقيهاً حكيماً متكلماً حسن المحاضرة جيد التحرير تخرج على والده وانتقلت له الرياسة الجعفرية بعد أبيه، وفوض إليه الحكم والقضاء على عهد السلطان أبي المظفر مصلح الدين أمجد علي شاه، وألزم قضاة البلاد بتطبيق أحكامهم على فتواه. وكان لا يعدو له أمراً، ولا يتخلّف عن إشارته. ولما توفي السلطان المذكور حذا حذوه خلفه ناصر الدين محمد واجد علي شاه.

وكان للمترجم عدة مؤلفات منها كتاب (أصل الأصول) في الرد على الأخباريين، ومنها (الضربة الحيدرية) مجلدان ضخمان مطبوعان، ومنها (إحياء الاجتهاد) في أصول الفقه، إلى غير ذلك من الكتب النافعة. ولما مات بالتاريخ المذكور 12 /3/ 1284 هجرية دفن بجنب والده في حسينية غفراغاب في لكهنو، وأرّخوا موته بكلمة (مات مجتهد العصر). رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفيه من سنة 1368 هجرية توفي بكربلاء المقدسة الميرزا السيد هادي ابن العلامة السيد علي السجستاني الخراساني الحائري الذي كان من أعاظم علماء الفقه والأصول، فأُغلقت من أجل تشييعه الأسواق وعطّلت الدروس، وتأثرت لفقده القلوب والنفوس، ودفن في الحجرة الكبيرة في صحن الإمام الحسين (عليه السلام)، وأقيمت له الفواتح في العراق وإيران وغيرهما من البدان. رحمه الله برحمته، وأسكنه فسيح جنته.

***

وفي هذا اليوم 12/ 3 من سنة 1375 هجرية ولد ببلدة أم الحمام القطيف الشاعر العبقري الاُستاذ سعيد معتوق أحمد الشبيب الذي يعمل حالياً مساعداً لمدير قسم الخدمات التجارية في البنك السعودي الهولندي بالخُبر، والذي من شعره (حفظه الله) قوله في أميرالمؤمنين (عليه السلام):

عذراً أبا حسن فالقلب يضطربُ *** ودمع عينيَّ في الخدين ينسكبُ
أشواق حبك ما زالت تراودني *** ذكراك أحضنها والقلب ينتحبُ
أبكي وأضحك في حيني فلا عجب *** من ذاق حبك لا يرقى له العجبُ
فها أنّا سيدي قد حار بي قلمي *** من بحر وصفك كيف الشعر يقتربُ

ومنه قوله (حفظه الله) في قصيدة قالها في السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام):

وليس يضيرك من يجهلون *** ولا من أصر بألاّ يعي
رضيناك سيدة العالمين *** فمثلك حواء لم تُرضعِ
سنلقاكِ يوم يشيب الشباب
*** سكارى ولسنا ألا فاشفعي

وفق الله الأستاذ الحبيب لما فيه الخير والصلاح.

***

وفيه من سنة 1395 هجرية الموافق 25 /3/ 1975 م استشهد صاحب الجلالة الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود الذي اغتاله أحد أفراد أسرته وهو ابن أخيه فيصل بن مساعد بن عبد العزيز الذي قتل بعد ذلك بقطع رأسه بالسيف تنفيذاً لقوله تعالى: ﴿النَّفْسَ بِالنَّفْسِ([9]).

______________

([1]) مناقب آل أبي طالب 1: 194.

([2]) عنه في أعيان الشيعة 1: 245.

([3]) عنه في المصدر نفسه.

([4]) أسد الغابة 4: 345.

([5]) لسان الميزان 2: 229.

([6]) ميزان الاعتدال 1: 507.

([7]) ميزان الاعتدال 1: 509.

([8]) أعيان الشيعة 2: 355.

([9]) المائدة: 45.

Leave a Comment

You must be logged in to post a comment.

© 2016 كل الحقوق محفوظة لمؤسسة المصطفى للتحقيق والنشر

Scroll to top