كشكول الوائلي _ 189

img
العطاء الثالث: رصيده من المؤلّفات

له عليه السلام من المؤلّفات عشرة:

1 ـ تفسير القرآن الكريم. لقد كان عليه السلام ما إن تنزل آية حتى يسأل عنها رسول اللّه صلى الله عليه وآله وعن معناها ونزولها، فيجيبه الرسول صلى الله عليه وآله. وكان يكتب كل ذلك في ذيل كل آية يسأل عنها، حتى جمع القرآن كله على هذه الشاكلة على ترتيب النزول؛ المكي ثم المدني. وهذا القرآن هو الذي يعبّر عنه الإمام الصادق عليه السلام بقوله: «مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات»، و«ما فيه من قرآنكم شيء»(1)، أي أنّه تفسير فقط.

فرى على الشيعة حول مصحف أمير المؤمنين عليه السلام

فهذا هو مصحف علي عليه السلام، لكن هنا بدأت الأقلام المأجورة والمزيّفة، والأيدي والأفواه غير الشريفة بالتطاول والتقوّل على الشيعة حول هذا المصحف،فيقولون: إنّ للشيعة قرآنا غير قرآن المسلمين، ويزعمون أنّ المهدي حينما يخرج فإنّه يخرج به.

وهذا تخريف، فنحن ليس عندنا سوى هذا القرآن الذي يقرؤه مسلمو الأرض، وكل من يدعي غير ذلك فعليه أن يأتي بالبرهان ولا يكتفي بالتحكّم وإطلاق الدعاوى والفرى بغير دليل. ومن يقلْ بوجود رواية عند الكليني بهذا الخصوص، فنحن مستعدّون لأن نعطيه عشرات الروايات في كتب الحديث والصحاح، تقول بوقوع التحريف في القرآن(2). غير أنّ المسلمين لا يأخذون بهذه الروايات ولا يعتدّون بها.

إنّ هناك روايات تُنسب إلى الخليفة الثاني يصرّح فيها بأنّ هناك آيات قد حذفت من القرآن مثل آية الرجم(3)، وينسب إلى عائشة حذف آيات الرضاعة بنسخ التلاوة(4)، وينسب إلى بعض نساء النبي صلى الله عليه وآله أيضا أنّ بعض الآيات قد أكلها الداجن(5)، غير أنّ المسلمين كما ذكرنا لا يرتّبون على هذا أثرا. والكليني رحمه الله نفسه يشترط لصحة الأحاديث شروطا في مقدّمة (الكافي)، حيث يقول: «فاعلم يا أخي (أرشدك اللّه) أنه لا يسع أحدا تمييز شيء ممّا اختلف الرواية فيه عن العلماء برأيه إلاّ على ما أطلقه العالم عليه السلام بقوله: «اعرضوها على كتاب اللّه؛ فما وافق كتاب اللّه عزّ وجلّ فخذوه، وما خالف كتاب اللّه فردّوه»…»(6).

وليس هناك مسلم يشهد الشهادتين يؤمن بوجود زيادة ونقيصة في القرآن الكريم؛ لأنّه حينذاك سوف لن تسلم له عبادة ولن يتمّ له حكم شرعي؛ إذ من الممكن أن تكون هذه الزيادة أو النقيصة قد تطرّقت لعباداته ومعاملاته وتكاليفه، فتكون ناقصة أو فيها أشياء ليست من اللّه ولا من رسوله صلى الله عليه وآله.

وكان أمير المؤمنين عليه السلام يسلّي فاطمة الزهراء عليها السلام عن فقد رسول اللّه صلى الله عليه وآله بقراءة شروح الآيات لها وما فيها من معانٍ وأحكام؛ فقد كانت عليها السلام تعيش الألم والحزن لفقد رسول اللّه صلى الله عليه وآله، فكان الإمام عليه السلام يسليها بذكر اللّه ومدارسة آيات كتابه العزيز.

2 ـ كتاب علوم القرآن: وهو كتاب جمع عليه السلام فيه أحكام علم التجويد والنحو المرتبط بالقرآن، وعلمي الفقه واُصوله، والآيات التاريخية وغير ذلك.

3 ـ قضايا علي بن أبي طالب عليه السلام. وهو مصنّف جمع فيه القضايا والأحكام القضائية التي استلّها من القرآن، وذلك حينما يترافع عنده اثنان فإنّه يحكم بينهما بالقرآن. وقد جمعت هذه المسائل في كتب مستقلّة.

4 ـ كتاب الجفر. يقول أبو العلاء المعري:

لقد عجبوا لأهلِ البيتِ لمّا *** أتاهم علمُهم في مَسكِ جَفْرِ

ومرآةُ المنّجمِ وهي صغرى *** أرته كلَّ عامرةٍ وقفْرِ(7)

5 ـ الجامعة.

6 ـ كتاب في الزكاة.

7 ـ كتاب في الفرائض والمواريث.

8 ـ كتاب في أبواب الفقه العامّة.

9 ـ كتاب في الفقه، لكن لم يحدّد المؤرّخون موضوعه.

10 ـ نهج البلاغة. وهو كتاب غني عن التعريف.

ومن المختصّين من يجعل مؤلّفاته أحد عشر مصنّفاً بجعل عهده عليه السلام إلى مالك الأشتر كتابا مستقلاًّ، أمّا من يعدّه ضمن (نهج البلاغة) فيجعلها عشرة مصنّفات.

يتبع…

___________________

(1) الكافي 1: 239 / 1، بحار الأنوار 26: 39 / 69.

(2) انظر هذا البحث في محاضرة (تحريف القرآن) ج 4 من موسوعة محاضرات الوائلي، وانظر الهوامش التالية.

(3) وهي: (والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة نكالاً من الله تعالى). انظر: الطبقات الكبرى 3: 334، المنخول في علم الاُصول (الغزالي): 392.

(4) التفسير الكبير 3: 230.

(5) حول هذا الموضوع انظر: مسند أحمد 1: 23، 29، 36، 40، 50، 5: 129، 132، 6: 269، صحيح مسلم 2: 1050 / 726، 1075 / 1452، سنن الدارمي 2: 2179، السنن الكبرى 8: 211، الجامع الصحيح (سنن الترمذي) 456: 3، المصنف (الصنعاني) 7: 467، 11: 470، سنن ابن ماجة 1: 625، المستدرك على الصحيحين 4: 359، 360، الكشاف 3: 518، الجامع لأحكام القرآن 14: 113، 20: 251، مناهل العرفان 1: 27، 257، 2: 111، روح المعاني 1: 25، الطبقات الكبرى 3: 334، الإتقان 1: 242، 3: 82، 84، 206، الدر المنثور 6: 559 ـ 560، وغيرها كثير.

(6) الكافي 1: 8.

(7) وفيات الأعيان 3: 250 / 408، والجفر: ولد المعز، وهو ما بلغ أربعة أشهر. الصحاح 2: 615 ـ جفر. والمسك: الجلد، ومنه قولهم: أنا في مسكك إن لم أفعل كذا وكذا، الصحاح 4: 1608 ـ مسك.

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة