الإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه ـ القسم الأول

img

إن الكلام عن الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف يكون حديثاً عن موضوع ديني عقائدي له غاية الأهمية وله الصلة الكاملة بالإسلام والمسلمين. إنها امتداد للإسلام والقرآن إنها مسألة جوهرية مهمة بشر بها القرآن الكريم وتحدث عنها الرسول الأعظم صلى الله عليه واله وسلم في مواطن كثيرة ومناسبات عديدة، وبشّر بها ائمة المسلمين عليهم السلام شيعتهم، بل بشّروا بها الأمة الإسلامية جمعاء.

اسمه و نسبه:

هو الإمام محمد المهدي المنتظر بن الإمام الحسن العسكري بن الإمام علي الهادي بن الإمام محمد الجواد بن الإمام علي الرضا بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام زين العابدين بن الإمام الحسين الشهيد بن الإمام علي بن ابي طالب وابن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين.

وأمه السيدة الجليلة السعيدة المعظمة المسماة بـ (نرجس) أو صيقل أو ريحانة أو سوسن أو مليكة.

أسماء الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف):

1ـ المهدي: سمي بالمهدي؛ لأن الله تعالى يهديه ويرشده إلى الأمور الحقية التي لا يطلع عليها أحد.

2ـ القائم: يسمى بالقائم؛ لأنه يقوم بأعظم قيام عرفه التاريخ البشري ويقوم بالحق الذي لا يشوبه باطل أبدا.

3ـ المنتظر: يسمى بالمنتظر؛ لأن الناس كانوا وما زالوا ينتظرون ظهوره وخروجه لتطهير الكرة الأرضية من كل ظلم وجور.

4ـ صاحب الأمر: يسمى صاحب الأمر؛ لأنه الإمام الحق الذي فرض الله طاعته على العباد في قوله تعالى: ﴿أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ حيث صرحت الأحاديث الصحيحة أن ﴿أُوْلِي الأَمْرِ﴾ هم أئمة أهل البيت عليهم السلام.

5ـ الحجة: يسمى بالحجة؛ لأنه حجة الله على العالمين وبه يحتج الله تعالى على خلقه.

ترجمه حياة السيدة نرجس (عليها السلام):

كانت جارية للسيدة حكيمة.

أسماءها ثمانية أسماء: نرجس، سوسن، صيقل، حديثة، حكيمة، مليكة، ريحانة، خمط.

كنيتها: أم محمد، كانت ابنة ملك ثم كانت جارية للسيدة حكيمة. وإن الإمام الهادي(عجل الله تعالى فرجه الشريف) قال لأخته حكيمة: (يا بنت رسول الله خذيها إلى منزلك وعلميها الفرائض والسنن فإنها زوجة أبي محمد وأم القائم).

ميلاد الإمام المهدي عليه السلام:

روی الشيخ الصدوق في (إكمال الدين) بإسناد عن حكيمة بنت الإمام الجواد (عليه السلام)، قالت: بعث إِلي أبو محمد الحسن بن علي (عليه السلام) فقال: يا عمة اجعلي إفطارك الليلة عندنا، فإنها ليلة النصف من شعبان، وإن الله سبحانه وتعالى سيظهر في هذه الليلة الحجة وهو حجته في أرضه،ـ وفي رواية: فإنه سيولد ـ الليلة ـ المولود الكريم على الله عزوجل، الذي يحيي الله (عزوجل) به الأرض بعد موتها.

وفي رواية قول السيدة حكيمة: خرجت السيدة نرجس من مكان مصلاها فزعة، فصاح أبو محمد (عليه السلام) أقرأي عليها  ﴿ِإنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ فقرأت عليها فأجابني الجنين  من بطنها يقرأ كما أقرأ ففزعت، فصاح لا تعجبي من أمر الله تعالى إن الله تعالى ينطقنا بالحكمة صغاراً ويجعلنا حجة في أرضه كباراً، وإذا بولي الله متلقيا الأرض بمساجده وعلى ذراعه الأيمن مكتوب ﴿جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ ويقول: أشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأن جدي محمد رسول الله وأن أبي أمير المؤمنين ولي الله ثم عدد الأئمة إِماماً إِماماً إِلى أن بلغ إِلى نفسه ثم قال: اللهم أنجز بي ما وعدتني وأتمم لي أمري وثبت وطأتي وأملئ الأرض بي عدلا وقسطا، ثم رفع رأسه من الأرض وهو يقول: ﴿شَهِدَ اللهَ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِندَ الله الإِسْلاَمُ﴾.

كيف غاب الإمام (عجل الله تعالى فرجه) عن الأبصار:

كلمة (الغيبة) لها معنيان:

الأول: إِنه لا يعيش في المجتمعات البشرية ولا يكون في متناول الناس كما هو شأن الإنسان العادي المتعارف.

الثاني: الاختفاء عن العيون ـ حسب إِرادته ـ فلا تراه العيون مع كونه وجوداً. كما إِن العيون لا ترى الملائكة والجن مع تواجدها في المجتمعات البشرية.

الغيبة الصغرى:

لقد كانت الغيبة الصغرى مقدمة تمهيدية مدخلاً للغيبة الكبرى، والغيبة الكبرى مقدمة للظهور وكانت الغيبة الصغرى حداً وسطاً بين الغيبة الكبرى وبين تواجد الإمام المهدي في المجتمعات البشرية.

كان الناس بصورة عامة، والشيعة بصورة خاصة بإِمكانهم أن يلتقوا بالأئمة الطاهرين (عليهم السلام) في أي وقت شاؤوا، وفي أي مكان أرادوا، حتى زمان الإمام الهادي(عجل الله تعالى فرجه الشريف) حيث اشتدت فيه الرقابة على الأئمة(عليهم السلام) من قبل السلطات الجائرة فكانت العيون تراقب حركاتهم واتصالاتهم ولقاءاتهم بالأفراد.

ومن جملة الطرق والوسائل الحكيمة التي اختارها الأئمة(عليهم السلام) للتخلص من مشاكل الرقابة ومضاعفاتها هي: إِنه عين بعض الثقاة من شيعته ليكونوا مرجعاً لقضايا الشيعة ومصدراً لأمورهم الدينية والدنيوية.

ولما استشهد الإمام العسكري(عليه السلام) أبقى الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) الوكلاء على وكالتهم وهذه الوكالة تعتبر من المناصب الخطيرة والخاصة ذات الأهمية الكبرى.

النواب الأربعة:

1/ النائب الأول: عثمان بن سعيد، كنيته: أبو محمد، لقبه: السمان، الريان كان يلقب بـ «السمان» الزيات؛ لأنه كان يتجر بالسمن والزيت، تغطية على مقامه، وتقية من السلطة، فكان الشيعة يحملون إِليه الأموال والرسائل، فيجعلها في جراب السمن وزقاقه كي لا يعلم بذلك أحد و يبعثها إِلى الإمام.

روي عن أحمد بن إِسحاق قال: سألت الإِمام الهادي (عليه السلام) وقلت من أعامل؟ وعمن آخذ؟ وقول من أقبل؟

فقال الإمام: (العمري ثقتي، فما أوى إِليك عني فعني يؤدي، وما قال لك عني فعني يقول، فاسمع له وأطع، فإنه الثقة المأمون).

وبعد وفاة الإمام الهادي (عجل الله تعالى فرجه) زاد الله العمري شرفا على شرفه، إِذ صار وكيلا للإمام العسكري أيضا.

وبعد وفاة الإمام العسكري (عليه السلام)، أبقى الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه) العمري على وكالته.

2/ النائب الثاني: محمد بن عثمان، كنيته: أبو جعفر، لقبه: العمري، العسكري.

لقد رزق الله عثمان بن سعيد العمري ولداً صالحاً يشبه أباه في المؤهلات والمزايا والفضائل فاختاره مولانا الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) ليقوم مقام أبيه عثمان ويمارس أعماله.

ولقد بعث الإمام رسائل متعددة إِلى زعماء الشيعة يخبرهم فيها بأنه قد عين محمد بن عثمان نائباً عنه.

3/ النائب الثالث: الحسين بن روح، كنيته: أبو قاسم، لقبه: النوبختي. كان الحسين بن روح شخصية مشهورة ومعروفة عن الشيعة. وقبل  وفاة النائب الثاني، صدر الأمر من الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) إِليه بأن يقيم الحسين بن روح مقامه في النيابة الخاصة، فامتثل النائب الثاني وأعلن أن النائب الثالث: هو الحسين بن روح. وبذلك يكون السفير بين الشيعة وبين صاحب الأمر (عجل الله تعالى فرجه) والوكيل والثقة الأمين حتى سنة 326هـ وكانت مدة سفارته إِحدى وعشرين أو اثنين وعشرين سنة.

4/ النائب الرابع: علي ابن محمد. كنيته: أبو الحسن. لقبه: السمري.

اختاره الإمام المهدي(عجل الله تعالى فرجه) ليكون سفيرا له، فأمر الحسين بن روح بأن يقيم علي بن محمد السمري مقامه ونفذ الحسين بن روح أمر الإمام.

وبوفاة السمري انقطعت السفارة وانتهت الغيبة الصغرى، وابتدأت الغيبة الكبرى التي امتدت إلى يومنا هذا،  وسوف تنتهي بظهور الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه).

الكاتب زهرا آل محمد علي

زهرا آل محمد علي

مواضيع متعلقة