شعراء القطيف (المرهون)

img

{71} الشيخ عبد الحميد الخطي[1]

المتولّد (5/9/1332) ه

هو الفاضل الشيخ عبد الحميد ابن العلاّمة الأكبر الشيخ علي بن حسن بن مهدي بن كاظم بن علي بن عبد اللّه بن مهدي الخنيزي. وآل الخنيزي اُسرة عربية عريقة تنحدر من عبد القيس، نزحت من جزيرة اُوال (البحرين) منذ عهد سحيق لا يعرف تاريخه على وجه الدقة، ولعله في القرن العاشر. تلقّى بعض المبادئ العربية في القطيف، ثم سافر إلى النجف سنة (1356)، فواصل دراسته مثابراً حتّى تحصل على فضيلة علمية، تشهد له بذلك شهادات أعلام كبار، ومن بينهم آية اللّه المرجع الأعلى السيّد محسن الحكيم. ظل مثابراً على الدرس والتدريس والتأليف حتّى بعد هبوطه إلى القطيف، فنتج من ذلك آثار يمكن تلخيصها فيما يلي:

1 ـ اللحن الحزين.

2 ـ ديوان شعر.

3 ـ من كل حقل زهرة.

4 ـ معركة النور والنور.

5 ـ خاطرات الخطي.

6 ـ أدبه وشعره.

ليس في وسعنا في هذا المجال الضيق أن نبسط الحديث عن شاعرية الخطي، ونعطي البرهان ونقدم الدليل؛ لأن كتابنا لم يوضع لهذه الغاية، وإنما هو يتناول الشعراء بإيجاز مقصور على لون من الشعر وحده في هذا اللون الخاصّ بأهل البيت عليهم السلام. فإلى القارئ الكريم هاتين الزهرتين الفوّاحتين من شعره العامر ( مدّ الله في عمره، وكثّر الله رجال الدين من أمثاله ):

الصرخة الخالدة

ألا وقفة في الطفّ تبتعث الذكرى *** ومن اُفقه نستنزل الوحي والشعرا

قفا ثَم نخشَ هيبة لجلاله *** هنا عبرة الألباب والعظة الكبرى

قفا نبّها من ذكرياتي هواجعاً *** وهِيجا دفين الوجد من كبدي الحرّى

قفا نسأل الوادي ونستنطق الثرى *** لعلّ جواباً منهما يثلج الصدرا

وقفت اُجيل الطرف في عرصاته *** وقد وقفت في مقلتي دمعة حيرى

وثارت بصدري عاصفات من الأسى *** وطيّ ضلوعي لوعة تقذف الجمرا

ولست أراني بالغاً ما أرومه *** كفى إنني أعددت مدمعي الأخرى

أيشفي غليل النفس إهراق عبرة *** ويضمد جرح الدهر تأنيبي الدهرا

ففي النفس أشياء يدقّ بيانها *** إذن فاقرأنها على جبهتي سطرا

على أنني مهما يكن لست قائلاً *** بأن فلاناً سدّ في وجهي المجرى

قف استعرض التاريخ واستقصِه خبرا *** فتاريخ يوم الطف ألواحه حمرا

غداة استفز الحق غيرة باسل *** أقلّ أمانيه تضيء بها الغبرا

هنا استصرخ الإسلام ليث عرينه *** فلم ير إلاّ الموت والمسلك الوعرا

فهب حسين لا يبالي مصيره *** أيسمو لصدر الملك أو ينزل القبرا

تلقى المنايا كالحات عوابساً *** وآثران يقضي بظل القنا صبرا

وشمر بالغلب الميامين وامتطى *** متون المنايا يهدم البغي والكفرا

يشق عليه أن يرى الدين لعبة *** يباع على وفق المطامع أو يشرا

وعاد الفضاء الرحب سيفاً وذابلاً *** وجيشاً يعيد الروض ملتهباً قفرا

أيلقي اضطراراً لابن ميسون مقوداً *** وورد الردا بالحر أولى إذا اضطرا

أيضحى ابن ميسون وتاج محمد *** يكلل رأساً منه ممتلئاً عهرا

ويرفل في برد الخلافة آمناً *** ومن كرمة الاسلام يعتصر الخمرا

ويصفو لمن لم يصطفوا حوض ملكه *** وتنبذ خلف الظهر عترته الغرا

ويبسط ظل الجور في الارض كلها *** يزيد وركب السبط ملتمس شبرا

لقد غره حلم فتي بجفنه *** وأبصر عود الملك ريان مخضرا

وظن بأن الدهر نامت عيونه *** ولم يدر أن الدهر يرمقه شزرا

تهتك لم يترك من الدين حرمة *** ألم تره كيف استباح الطلي جهرا

فضاق خناق الحق واستحكم البلا *** وهل غير سبط المصطفى يدفع الضرا

رمته يد لا تعرف الضعف ان رمت *** وتصفع من ينأ بجانبه كبرا

رمى عن يد رعناء كاساً وميسراً *** وبات ندي اللهو مكتسياً صفرا

أثارت يزيداً كامنات حقوده *** فقام يحد الناب أو يصلح الظفرا

تجلى بذاك اليوم كل محجب *** فلذة يوم لم يدع للخفا سترا

أهانت دماها فيه أبطال هاشم *** ومن يحتقر قدر الحياة يعشْ حرّا

وقد سطرت فيه البطولة صفحة *** من المجد والأقلام أشلا فتى الزهرا

أيا صرخة مل‏ء الزمان دويّها *** مفتقة اُذن الذي يشتكي الوقرا

تردّدها الأجيال اُغرودة الإبا *** ستفنى الليالي وهي باقية ذكرى

مشرّفة التاريخ يعبق نشرها *** عليها أبيّ الضيم قد سكب العطرا

أقول لمن غطّى على الصبح ليلهم *** ألا إن صبح الحقّ قد لاح مفترّا

ويا أيها النش‏ء الجديد إصاخة *** فأنت بما أنشدت دون الورى أحرى

أقم هذه الذكرى كفرض محتم *** وثق كل خير اُمّه هذه الذكرى

ولا تتبع رهطا عموا عن حقائق *** وأنى إلى الرمداء أن تبصر البدرا

فويل لهم من عصبة طاش سهمهم *** يحيلون وجه الصبح أسود مغبّرا

قليل اختبار جل ما يحسنونه *** لقد رسموا سطراً وقد قرأوا سفرا

يتبع…

___________________

[1] توفي رحمه الله في 14 / 1 / 1422 ه.

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة