كشكول الوائلي _ 181

img

المبحث الثالث: رؤيا الرسول الأكرم في اُحد وإرهاصات المعركة

يقول المؤرخون: إنّ رسول اللّه صلى الله عليه وآله قبل معركة اُحد أخبر أصحابه برؤيا رآها، قال صلى الله عليه وآله: « رأيت البارحة في منامي خيرا: رأيت بقرا تذبح، ورأيت في ذبابة سيفي ثلما، فكرهته؛ وهما مصيبتان، ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة، وأني مردف كبشا ». فقالوا: يا رسول الله، وما أوّلتها؟ قال صلى الله عليه وآله: « فأما البقر فناس من أصحابي يقتلون، وأمّا الثلم الذي رأيت في سيفي فهو رجل من أهل بيتي ـ وفي رواية: ـ « من عترتي يقتل ». وفي رواية: « رأيت أن سيفي ذا الفقار فُلّ، فأوّلته فلاًّ فيكم. وأما الدرع الحصينة فالمدينة، وأما الكبش فإني أقتل كبش القوم ». وقال صلى الله عليه وآله لأصحابه: « إن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا؛ فإن أقاموا أقاموا بشرّ مقام، وإن هم دخلوا علينا قاتلنا فيها ». وكانوا قد شبكوا المدينة بالبنيان من كل ناحية فهي كالحصن. وقد حصل في حدّ سيفه صلى الله عليه وآله كسور، وحصل انفصام ظُبته وذهابها، فكان ذلك علامة على حصول كلّ ذلك(1).

إثارات حول مناسبة النزول

ولنا هنا ثلاث إثارات حول هذا الأمر:

الاُولى: مشورة المسلمين على الرسول صلى الله عليه وآله بالخروج من المدينة

كان رسول اللّه صلى الله عليه وآله قد جمع المسلمين وناقش أمر المعركة معهم، فأشاروا عليه بألاّ يبقى في المدينة؛ لأنّ في بقائه فيها خطرا عليه. فدخل ولبس لامة حربه ودرعه، فندم المسلمون على مشورتهم تلك على الرسول صلى الله عليه وآله، وقرّروا بأن يذهبوا إليه صلى الله عليه وآله؛ ليسحبوها، فأجابهم الرسول صلى الله عليه وآله بقوله: « لا ينبغي لنبي يلبس لامة حربه أن ينزعها »(2).

ولا شكّ أنّ المدينة المنوّرة كانت الدرع الحصين، وهكذا قتل في هذه المعركة سبعون صحابيا وقتل الحمزة بن عبد المطّلب.

الحمزة رضي الله عنه أسد اللّه ورسوله

لقد كان الحمزة رضي الله عنه سيفا للّه تعالى يقاتل دون رسوله صلى الله عليه وآله، يقول المؤرّخون: إن أبا جهل تعرض لرسول الله صلى الله عليه وآله وآذاه بالكلام، وألقى السلى على ظهره وهو يصلّي، فاجتمع بنو هاشم، وأقبل حمزة من الصيد، فنظر إلى اجتماعهم فقال: ما هذا؟ فقالت له امرأة من بعض السطوح: إن عمرو بن هشام تعرّض لمحمد وآذاه. فغضب حمزة ومرّ نحو أبي جهل وأخذ قوسه فضرب بها رأسه، ثم احتمله فجلد به الأرض، فاجتمع الناس، وكاد يقع بينهم شرّ، فقالوا له: يا أبا يعلى، صبوت إلى دين ابن أخيك؟ فقال: نعم، أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأن محمدا رسول اللّه. ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: أيرضيك هذا فقال صلى الله عليه وآله: « نعم يرضيني ياعمّ »(3).

يتبع…

__________________

وقد كان له مواقف عديدة، وقد عبّر عنه الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله بأنه « أسد اللّه وأسد رسوله »(4).

(1) سيرة ابن إسحاق 3: 303، السيرة الحلبية 2: 490.

(2) تذكرة الفقهاء 2: 566 ( حجري )، بحار الأنوار 16: 387، المجموع شرح المهذّب 16: 142، كشاف القناع 5: 25.

(3) إعلام الورى 1: 123 ( قريب منه ).

(4) الكافي 1: 224 / 2، المستدرك على الصحيحين 2: 119، 3: 194. وفيهما أنه صلى الله عليه وآله قال: « على قائمة العرش مكتوب: حمزة أسد الله وأسد رسوله ».

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة