شعراء القطيف (المرهون)

img

{67} الشيخ منصور البيات[1]

( 1325 )

هو العلاّمة المفضال، الشيخ منصور ابن المرحوم الحاج عبد اللّه البيات القطيفي. أشهر أفراد هذه الاُسرة العريقة في النسب بما امتاز به من مواهب شتى كما ستعرف. كان مولده في سنة ( 1325 ) ـ الخامسة والعشرين بعد الثلاثمئة وألف ـ وبعد ثلاث سنوات ذهب بصره، وهذا الحادث أحد العراقيل الهامّة التي تعرقل سير ذوي الهمم، فضلاً عن غيرهم. قام أبوه البارّ بتربيته أحسن قيام، فنشأ محبّاً للعلم وذويه طبق الأصل، وما بلغ سن المراهقة حتّى تقشّع عنه ذلك الظلّ الوارف، وأصبح مسؤولاً عن كل ما يتعلق بأبيه إلاّ أشياء قام بها عمه الحاج سليمان.

وغير خفي أن موت أب كهذا لَعقبة كؤود في مواصلة السير العلمي، لكن مترجمنا لم يعقه كلّ عائق، فقد واصل السير المنقطع النظير مستعيناً باللّه تعالى، ثم بابنه المرحوم أحمد المتوفّى سنة (1369)، فكان لموته في نفس أبيه أثره الفعال، بل في نفوس الآخرين، الأمر الذي أوجب عرقلة اُخرى في حركته العلمية، غير أنا لم نجده إلاّ صامداً أمام الكوارث، يدرّس تلامذته، ويكتب ما يخطر بباله من مواضيع هامة هي بالخلود
أحقّ من كثير مما كتب، فمنها ما يتعلق بالتوحيد والنبوّة وغيرهما، كأشعته الحسينية وأمثالها (أطال اللّه بقاه، وكثر اللّه في رجال العلم والدين أمثاله). وأدبه الفياض ينم عن عبقرية فذة، فلنستمع إليه يقول:

في مولد أمير المؤمنين عليه السلام

قد أشرق الحقّ في شهر به بزغت *** شمس الإمامة إذ بالرشد قد برزت

تلألأ الكون بالأنوار في رجب *** من وجهة الحق خيرات به نشرت

شهر به مولد الكرّار حيدرة *** في ثالث العشر أنوار له زهرت

بمولد الطهر كان الحق منتعشاً *** هواتف النصر بالمختار قد هتفت

قد نالت الفخر اُمّ الطهر فاطمة *** على الرخامة بالكرار إذ وضعت

فتلك مكرمة لم يعطَها أحد *** قد خصّها ربها بالفضل فافتخرت

وليس بدعا بأن خصّت بها فلقد *** توشّحت برداء الفضل واتّزرت

لأنها فلك الأنوار مطلعها *** وأصل كلّ منير للرشاد غدت

فإنها لعماد الكون والدة *** وهو المنير شموس الدين منه بدت

لأن ذرية المختار قد حصرت *** فيه فلولاه ما كانت ولا وجدت

فمنه شعّت شموس الحق بازغة *** عشر وواحدة للرشد قد طلعت

أنعم بها من شموس بعد حيدرة *** من فاطم الطهر نوراً للهداء علت

فاقرأ لنا (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ)[2] تلقَ بها *** عيون فضل لهم بالكون قد نبعت

فإنها فسرت فيهم وبينهما *** محمّد برزخ فيه النصوص أنت [3]

ولؤلؤ الحق مرجان الرشاد هما الـ*** ـسبطان أضواهما للدين قد سطعت

والتسعة الغرّ من صلب الحسين هُمُ *** شموس شرع رسول اللّه قد ظهرت

من أجل هذا اغتدى المختار مبتهجاً *** بمولد الطهر والأكوان قد زهرت

فيا لها ليلة ماست لها طرباً *** مشاعر الحقّ والإيمان وابتهجت

أنعم بها ليلة دين الإله بها *** أمست كواكبه بالنص قد لمعت

فهنِّ أحمد خير الرسل قاطبة *** فنفس حيدرة من نفسه خلقت

نفس الرسول علي والكتاب لنا *** (فَقُلْ تَعَالَوْا)[4] تراها بالمراد قضت

نصّ الخصوم بمعناها لحيدرة *** ثم البتول وشبليها لهم ثبتت[5]

فانظر لكعبة بيت اللّه قد شرفت *** بمولد الطهر في الأدوار وافتخرت

وانظر إلى ليلة الميلاد كيف زهت *** بنور نصر علي للهدى وسمت

فإنها ليلة بالنور مزهرة *** كواكب الحقّ فيها بالهدى بزغت

وانظر إلى الذكوات البيض كيف علت *** بمرقد الطهر بل كهف لنا وسمت

كانت بمرقده للعلم مدرسة *** وملجأ لمحبيه وقد حرست

صارت بمرقده مأوى الفيوض فمن *** قد حلّ فيها له الخيرات قد جمعت

أمناً لشيعته من كل نائبة *** وفتنة القبر فيها عنهُمُ رفعت

إن الصلاة بها قد عادلت مئتي *** ألف بذا اُمناء الشرع قد نطقت

فمن يجاور يرَ الخير العظيم بها *** فكيف لا وبذا الأخبار قد وردت

طريقها واضح عمن هُمُ جعلوا *** أمناً بهم ملة المختار قد حفظت

هُمُ العدول الاُلى كانوا حمى وبهم *** نصوص خير نبي في الصحاح أتت

لا تعجبنْ فعلي لا نظير له *** من بعد أحمد والأعداء قد علمت

ياسادتي أنتُمُ أمن قصدتكمُ *** فإن عنقي بإجرامي لقد ثقلت

فاستوهبوني من المولى بفضلكمُ *** فإن نفسي بحبل الودّ قد علقت

صلّى الإله عليكم ما بدا قمر *** وما أضاءت نجوم الاُفق أو زهرت

يتبع…

________________

[1] توفي رحمه الله في  29 / 8 / 1420  ه.

[2] الرحمن: 19.

[3] انظر: تفسير الثعلبي 9 : 182، شواهد التنزيل الحاكم الحسكاني 2 : 284 ـ 289 / 918 ـ 922، الإتقان في علوم القرآن 2: 476، الدر المنثور 5 : 74، 6: 141 ـ 143، تفسير الآلوسي 27، 107.

[4] آل عمران: 61.

[5] صحيح مسلم 7: 120 / 121، الجامع الصحيح سنن الترمذي 5: 301 ـ 302 / 8083، المستدرك على الصحيحين 3: 108، قال: هذا حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه.

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة