البقاءُ على تقليد الميِّت غفلةً أو مُسامَحة

img

قال السَّيدُ الخوئيُّ قُدِّسَ سرُّه الشَّريف: «إِذَ بَقِيَ عَلَى تَقْلِيدِ المَيِّتِ ـ غَفْلَةً أَو مُسَامَحَةً ـ مِنْ دُونِ أَنْ يُقَلِّدَ الحَيَّ كَانَ كَمَنْ عَمِلَ مِنْ غَيرِ تَقْلِيدِ، وعليه الرُّجوعُ إِلَى الحَيِّ فِي ذَلِكَ».

اِنْطِلاقًا مِنْ هَذِهِ المَسْأَلَةِ نَتَحَدَّثُ حولَ سِتِّ نِقَاطٍ وَهِيَ كَمَا يَلِي:

١) ما معنى الغَفلة لُغةً واصطلاحًا؟

٢) ما الفرقُ بين الغَفلة والنِّسيان؟

٣) ما هي أسباب حُصول الغَفلة؟

٤) ما هي أقسام الغَفلة مع التَّمثيل؟

٥) ما هي أقسام البقاء على تقليدِ الميِّت؟

٦) ما هي النَّتائج المُترتِّبة على البقاءِ على تقليدِ الميِّت؟

أمَّا بالنِّسبة إلى معنى الغَفلة فهو كما يلي:

أ) الغَفلة لغة: قال ابنُ منظور في لسان العرب ٤٩٧/١١: «الغَفلة: مَصدر غَفَلَ يَغْفُلُ غفولًا وغَفْلَةً أي تَرَكَهُ وسَهَا عنه، وغَفَلتُ الشيء تركته غفلًا وأنتَ له ذاكرٌ، والتَّغافل هو تَعَمُّد الغَفلة».

ب) الغَفْلَة اصطلاحًا: قال الرَّاغبُ الأصفهانيُّ في مفردات ألفاظ القرآن ص٦٠٩: «الغَفلة: هي سهوٌ يَعتري الإنسان مِن قِلَّة التَّحفُّظ والتَّيقُّظ».

يتبيَّن مِن تعريف الرَّاغب الأصفهاني للغفلة أمران وهما ما يلي:

أ) قوله: {يعتري} يُفيدُ بأنَّ الغَفلة غيرُ لازمةٍ للإنسان فهي تنفكُّ عنه وتزول متى ما تيقَّظ.

ب) قوله: {مِنْ قِلَّة التَّحفُّظ} بيان لِسبب الغَفلة ولمَنشئها.

وأمَّا بالنِّسبة إلى الفرق بين النِّسيان والغَفلة فيتضح فيما يلي:

النِّسيان: زوال الصورة عن القوة المدركة مع بقائها في الحافظة.

الغَفلة: زوال الصورة عن القوة المدركة والحافظة.

وأمَّا أسباب حصول الغَفلة فهي ما يلي:

١) اتباع الهوى: قال الله تعالى في سورة الكهف آية ٢٨: ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾.

٢) قسوة القلب: قال الله تعالى: ﴿أُولَٰئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾.

٣) نِسيان الآخرة: قال الله تعالى في سورة الروم: ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ﴾.

٤) تعطيل وسائل الإدراك: قال الله تعالى في سورة الأعراف آية ١٧٩: ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ

وأمَّا أقسام الغفلة فهي على قِسمين وهما ما يلي:

أ) غَفلة محمودة: وهي كلُّ غفلة نافعة في الدين والدنيا ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى في سورة القصص آية ١٥: ﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا﴾.

المراد بغَفلة: يعني وقت القيلولة أو الوقت الذي لا ينتشر فيه الناس.

ب) غَفلةٌ مَذمومةٌ: وهي كلُّ غفلة لا تنفع للدين أو الدنيا ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى في سورة الأعراف آية ١٤٦: ﴿وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ﴾.

وأمَّا أقسام البقاء على تقليد الميِّت فعلى قسمين وهما ما يلي:

أ) بقاءٌ على الميِّت بإذن مِن المَرجِع الحيِّ: بمعنى أنَّه تُوفِّي مرجعه فرجع إلى الحيِّ وأذن له في البقاء على تقليد الميت فهنا يكون بقاؤه صحيح لأنه بإذن الحيِّ.

ب) بقاءٌ على الميِّت بدون إذن المَرجِع الحيِّ: وهذا على أنواع وهي ما يلي:

١) أنْ يبقى على تقليدِ الميِّت غفلةً: بمعنى أنَّه يبقى على تقليد الميِّت سهوًا وغفلة.

٢) أنْ يبقى على تقليد الميت مُسامحة: يعني توانيًا وتساهلًا كما هو الحال عند بعض الناس مِمَّن يبقون على تقليد المرجع الذي يُقلدونه بعد وفاته دون مراجعة أعلم الأحياء في هذه المسألة.

وهذا غير صحيح ولا يجوز له أنْ يبقى دون الرحوع إلى الحيِّ الأعلم لمعرفة تكليفه الشرعي.

وأمَّا النتائج المُترتبة على بقائه على تقليد الميِّت دون الرجوع إلى الحي فما يلي:

١) يكون كمن عمل من غير تقليد وقد تقدَّم في الدرس السابق الوظيفة الشرعية لمن عمل من غير تقليد.

٢) يجب عليه الرجوع إلى الحيِّ في ذلك.

حسين آل إسماعيل

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة