الليلة الأولى من رمضان: فضلها وأعمالها

img

١) ما هي بعض المسائل الفقهية حول الليلة الأولى من شهر رمضان؟

٢) ما هو فضل الليلة الأولى من شهر رمضان؟

٣) ما هي أعمال الليلة الأولى من شهر رمضان؟

مِن المسائل الفقهية المرتبطة بالليلة الأولى من شهر رمضان ما يلي:

المسألة الأولى:ما حكم جِماع الزوجة في أوَّل الشهر؟

الجواب: تشتمل هذه المسألة على صورتين وهما ما يلي:

الصورة الأولى: في الليلة الأولى من شهر رمضان يُستحبُّ مُباشرة الزَّوجة بالجِماع فقد رُوِيَ في وسائل الشيعة للحرِّ العاملي ج٦٤ من أبواب مقدمات النكاح وآدابه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «يُستحبُّ أنْ يأتي الرَّجلُ أهلَه أوَّل ليلةٍ مِن شهر رمضان لقول الله عزَّ وجلَّ: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ﴾ والرَّفث المُجامعة».

ولعلَّ الحِكمة مِن مُباشرة الزَّوجة في الليلة الأولى من شهر رمصان لتنكسر شهوة الجِماع نهارًا.

الصورة الثانية: في غير الليلة الأولى من شهر رمضان يُكره مُباشرة الزَّوجة بالجِماع فيها فقد رُوِيَ في وسائل الشيعة للحرِّ العاملي باب ٦٤ مِن أبواب مقدمات النكاح وآدابه عن مسمع بن أبي سيَّار عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «أكرَهُ لأُمَّتي أنْ يغشى الرَّجلُ أهلَه (امرأته) في النِّصف من الشَّهر أو في غُرَّة الهلال فإنَّ الجِنِّ والشياطين تغشى بني آدم فيجيؤن ويُخبِّلون أمَا رأيتم المُصاب يصرع في النصف مِن الشَّهر وعند غُرَّة الهلال».

وقد كان في مبدأ الإسلام يُباح للصائم الأكل والجِماع ليلًا ما لم يَنَمْ فإذا نام حرم ذلك إلى الليلة القابلة، وقيل أنَّ الجماع كان مُحرَّمًا ليلًا ونهارًا».

رُوِي في تفسير القمي ص٥٦ عن الإمام الصادق عليه السلام: «أنَّ رجلًا يُقالُ له مطعم بن جبير وكان شيخًا ضعيفًا وكان صائمًا فأبطأتِ امرأتُه عليه بالطعام فنام قبل أنْ يفطر فلمَّا انتبه قال لأهله: قد حرم عَلَيَّ الأكل في هذه الليلة فلمَّا أصبح حضر حفر الخندق فأُغميَ عليه فرآه رسول الله صلى الله عليه وآله فرقَّ له فنزل قوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُم لَيلَةَ الصِّيام الرَّفَث إِلَى نِسَائكم﴾».

المسألة الثانية: هل يُجتزئ في شهر رمضان كلّه بنيَّة واحدة قبلَ الشَّهر؟

الجواب: نعم يجتزئ بذلك كما صرَّح الفقهاء بذلك في رسائلهم العمليَّة:

١) السَّيد الخوئي والشَّيخ الوحيد: يجتزئ في شهر رمضان كلَّه بنيَّة واحدة قبل الشهر، والظاهر كفاية ذلك في غيره أيضا كصوم الكفارة ونحوها.

(منهاج الصالحين للسيد الخوئي تعليقة الشيخ الوحيد ج٢ مسألة ٩٧٧ ص٢٩٢)

٢) السَّيد السيستاني: يجتزأ في شهر رمضان كله بنية واحدة قبل الشهر، فلا يعتبر حدوث العزم على الصوم في كل ليلة أو عند طلوع الفجر من كل يوم وإنْ كان يعتبر وجوده عنده ولو ارتكازًا _ على ما سبق _ ويكفي هذا في غير شهر رمضان أيضا كصوم الكفارة ونحوها.

(منهاج الصالحين للسيد السيستاني ج١ مسالة ٩٧٧ ص٢٩٧)

المسألة الثالثة: هل يُستحبُّ الغُسل في الليلة الأولى من شهر رمضان؟

الجواب: نستعرض آراء بعض الفقهاء حول هذه المسألة كما يلي:

١) السَّيد الخوئي: نعم قد ثبت استحباب غُسل الليلة الأولى من شهر رمضان وليلة السابع عشر والتاسع عسر والحادي والعشرين والثالث والعشرين والرابع والعشرين.

(العروة الوثقى تعليقة السَّيد الخوئي ج١ ص٣٢٣)

٢) السَّيد السيستاتي: الثابت استحبابه من أغسال ليالي شهر رمضان هو غُسل الليلة الأولى وليلة السابع عشر والتاسع عشر والحادي والعشرين والثالث والعشرين والرابع والعشرين فيؤتى بغيرها رجاءً.

(العروة الوثقى تعليقة السَّيد السيستاني ج١ ص٣٦٣)

٣) السَّيد الحكيم: يُستحب غُسل الليلة الأولى من شهر رمضان، والسابعة عشر منه، وغُسل ليالي القدر، وهي الليالي التاسعة عشر والحادية والعشرون والثالثة والعشرون منه. وأفضل الثلاث الآخيرة ثم الثانية.

(منهاج الصالحين للسيد الحكيم ج١ ص١١٣)

٤) السَّيد محمد صادق الروحاني: هناك أغسال ذكرها الفقهاء في الأغسال المستحبة، واستحبابها ثابت استنادًا إلى قاعدة التسامح في أدلة السنن ومنها الغُسل في الليالي الفرد من شهر رمضان المبارك وجميع ليالي العشر الآخيرة منه وأول يوم منه.

(منهاج الصالحين للسيد الروحاني ج١ مسألة ٣٧٩ ص١٣٣)

٥) الشَّيخ الوحيد: لم يثبت استحبابها ولا بأس بالإتيان بها رجاء.

(منهاج الصالحين للسيد الخوئي تعليقة الشيخ الوحيد ج٢ ص١٠٣)

هناك عِدَّةُ مميزات لليلة الأولى من شهر رمضان وهي على النَّحو التالي:

١) غُفرانُ ذنوب الأمَّة فيها: روى آية الله العظمى الشيخ عبد الله المامقاني قُدِّس سرُّه الشَّريف في كتابه مِرآة الكمال لِمن رامَ دَرك مصالح الأعمال ج٢ ص٥٢٠ عن النَّبي الأعظم صلى الله عليه وآله قال: «إذا كان أوَّل ليلةٍ غفر الله لأمَّتي الذُّنوب كلها سرَّها وعلانيتها، ورفع لكم ألفي درجة، وبنى لكم خمسين مدينة».

 ٢) تُفتح أبواب السماء فيها: روى الشيخ المجلسي في كتابه موسوعة الأداب والمستحبات ص٤٢٩ عن أبي سعيد الخدري عن النَّبي الأعظم صلى الله عليه وآله قال: «إنَّ ابواب السماء تفتح في أوَّل ليلة من شهر رمضان ولا تغلق إلى آخر ليلة منه، فليس مِن عبدٍ يُصلي في ليلة منه إلا كتب الله عزَّ وجلَّ له بكل سجدة ألف وخمسمائة حسنة وبنى له بيتًا في الجنة مِن ياقوتة حمراء لها سبعون ألف باب لكلِّ باب منها قصر مِن ذهب موشَّح بياقوتة حمراء وكان له بكلِّ سجدة سجدها مِن ليلٍ أو نهار وشجرة يسير الرَّاكب فيها مائة عام فإذا صام أوَّل يوم مِن شهر رمضان غفر له كلَّ ذنبٍ تقدَّم إلى ذلك اليوم مِن شهر رمضان وكان كفارة إلى مثلها من الحول وكان له بكلِّ يومٍ يصومه مِن شهر رمضان قصر له ألف باب من ذهب واستغفر له سبعون ألف ألف مَلَك تاتي عدوة إلى أن تواري يالحجاب».

٣) يَعتقُ الله فيها ستمائة ألف عتيق من النَّار: روى الشيخ المجلسي في كتابه موسوعة الآداب والمستحبات ص٤٣٠ عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام قال: «إنَّ الله جلَّ وعلا يعتق في أوَّل ليلة من شهر رمضان ستمائة ألف عتيق من النَّار فإذا كان العشر الأواخر عتق كلّ ليلة منه مثل ما عتق في العشرين الماضية فإذا كان ليلة الفطر أعتق من النَّار مثل ما أعتق في سائر الشهور».

٤) تُضرَبُ ألويةٌ مِن نور إلى السَّماء السَّابعة: روى الشيخ المجلسي في كتابه موسوعة الآداب والمستحبات ص٤٣٠ عن عبد الله بن عباس قال: قال النَّبي الأعظم صلى الله عليه وآله قال: «إذا كان أوَّل ليلة مِن شهر رمضان أمر الله تبارك وتعالى سبعة مِن الملائكة جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وكوكيائيل وشمشائيل وإسماعيل ودرديائيل مع كلِّ مَلَك منهم لواء مِن نور وسبعون ألفا مِن الملائكة مع جبرئيل لواء مِن نور يُضرب في السماء السابعة مكتوب على ذلك اللواء لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله طوبى لأمَّة محمد ينادون بالأسحار بالبكاء والتضرع أولئك هم الآمنون يوم القيامة».

وهناك مجموعة مِن الأعمال المختصة بالليلة الأولى مِن شهر رمضان وهي ما يلي:

١) الدُّعاء عند رؤية الهلال: روى الشيخ الطوسي في كتاب الآمالي قال: بينما كان الإمام زين العابدين عليه السلام في طريق أو مَسير إذْ نظر إلى هلال شهر رمضان فوقف ثم قال: «أيُّها الخلقُ المُطيعُ الدَّائب السَّريع المُتردد في منازل التَّقدير المُتصرف في فلك التَّدبير آمنتُ بِمَن نوَّرَ بكَ الظُّلم وأوضحَ بكَ البُهَم وجعلكَ آية مِن آيات مُلكه وعلامة مِن علامات سلطانه فحدَّ بكَ الزَّمان وامتهنكَ بالكمال والنُّقصان والطُّلوع والأُفول والإنارة والكُسوف في كلِّ ذلك أنتَ له مُطيع وإلى إرادته سريع سبحانه ما أعجبَ ما دبَّر أمرك وألطفَ ما صنع في شأنك جعلكَ مفتاح شهر لحادث أمر جعلكَ الله هلال بركة لا تمحقها الأيام وطهارة لا تُدنسها الآثام هلال أمنة مِن الأوقات وسلامة مِن السيئات هلال سعد لا نحس فيه ويُمنٍ لا نكدَ فيه ويُسرٍ لا يُمازجه عُسرٌ وخير لا يشوبه شرٌّ هلال أمْنٍ وإيمانٍ ونعمةٍ وإحسان، اللهم اجعلنا مِن أرضى مَنْ طلعَ عليه وأزكى مَنْ نظر إليه وأسعد مَن تعبَّد لك فيه، ووفِّقنا اللهم فيه للطاعة والتوبة واعصمنا مِن الآثام والحوبة وأوزعنا شُكر النِّعمة واجعل لنا فيه عونًا منك على ما تُدنينا إليه مِن مُفترض طاعتك ونَفْلِها إنكَ الأكرم مِن كلِّ كريم والأرحم من كلِّ رحيم آمين آمين ربّ العالمين».

٢) صلاة ركعتين: أوردها الشيخ الكفعمي في محكي جنَّته والشيخ المامقاني في مِرآة الكمال ج٢ ص٣٨٥ ص٣٨٦ قال: «يُستحبُّ أنْ يُصلَّى كلَّ ليلة مِن شهر رمضان ركعتين بالحمد فيهما والتوحيد ثلاثًا، فإذا سلَّم قال: سُبحان مَنْ هو حفيظٌ لا يغفل، سُبحان مَن هو رحيمٌ لا يَعجل، سُبحان مَن هو قائمٌ لا يسهو، سُبحان مَن هو دائمٌ لا يلهو» ثم يقول التَّسبيحات الأربع سبعًا، ثم يقول ثلاثًا: «سُبحانك سُبحانك سُبحانك يا عظيم اغفر لي الذَّنب العظيم»».

ثم يصلي على النَّبي وآله عشر مرات.

جاء في مستدرك الوسائل ٤٤٤/١ باب ٥ حديث ١ قال: «مَنْ صلى هاتين الركعتين غفر الله له سبعين ألف ذنب».

٣) أنْ يدعو بدُعاء الحجِّ: ذكره الشيخ أبو الفتح محمد بن علي الكراجكي في كتاب روضة الواعظين الذي صنَّفه لولده موسى رحمهما الله والدعاء هو: «اللهم منكَ أطلب حاجتي، ومَن طلب حاجته إلى أحدٍ مِن النَّاس فإني لا أطلب حاجتي إلا منك وحدك لا شريك لك، أسألك بفضلك ورضوانك، أنْ تصلي على محمد وأهل بيته، وأنْ تجعل لي في عامي هذا إلى بيتك الحرام سبيلا حجَّة مبرورة متقبلة زاكية خالصة لك تقرُّ بها عيني، وترفع بها درجتي، وترزقني أنْ أغضَّ بصري، وأنْ أحفظ فرجي، وأنْ أكفَّ عن جميع محارمك، لا يكونُ عندي شيء آثر مِن طاعتك وخشيتك والعمل بما أحببت والترك لِما كرهتَ ونهيتَ عنه واجعل ذلك في يُسرٍ منك وعافية وأوزعني شكر ما أنعمت به عَلَيَّ، وأسألك أنْ تجعل وفاتي قتلًا في سبيلك تحت راية محمد نبيِّك مع وليِّك صلواتك عليهما وأسألك أنْ تقتل بي أعداءك وأعداء رسولك وأنْ تُكرمني بهوان مَن شئت مِن خلقك ولا تُهنِّي بكرامة أحد مِن أوليائك اللهم اجعل لي مع الرسول سبيلًا حسبي الله ما شاء الله وصلى الله على سيدنا محمد رسوله خاتم النبيين وآله الطاهرين».

حسين آل إسماعيل

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة