شعراء القطيف (المرهون)
الشيخ علي الجشي
المتوفّى سنة ( 1376 )
في رثاء الكاظم عليه السلام
إذا أنفحت من جانب الكرخ ريّاهُ *** هدتنا إليه في الدجى فنحوناهُ
فلا خير في شدّ المطي وقطعها *** وُعُور الفلا والسهل إلاّ لمغناهُ
فإن بجنب الكرخ قبرا لسيد *** ينال به الراجي من السؤل أقصاهُ
إمام هدى فيه اهتدى كلّ مهتدٍ *** وكان به بدء الوجود وإبقاهُ
له المنصب العالي من اللّه حيث لا *** سماء ولا أرض ولا شيء أنشاهُ
وإذ أنشأ الأشياء أوجب حقه *** على كل شيء من قديم وولاّهُ
وأعطاه سلطان النبي محمد *** على الخلق في خم بما كان أوحاهُ
ولكنهم إذ أخرجوه ضلالة *** عن المرتضى كلّ هناك تمنّاهُ
فما زال من قوم لقوم ومن له *** مقام رسول اللّه خانت رعاياهُ
فشرّد هذا كالحسين وآخر *** كموسى أسيراً سار ما بين أعداهُ
وغيّب في تلك الطوامير شخصه *** ونور هداه عمّت الكون أضواهُ
فلم يبلغوا ما أمّلوه فحاولوا *** بإزهاقهم نفس الهداية إطفاهُ
إلى أن قضى باب الحوائج نازحاً *** وما حضرته ولده وأحبّاهُ
فراح وحمّالون تحمل نعشه *** وقد أدرك الأعداء ما تتمنّاهُ
فلم نرَ نعشاً كان سجناً فقد سرى *** وأقياده ما بارحتهن رجلاهُ
ألم يكفِهم في السجن اُفني عمره *** وإزهاق تلك النفس ظلماً وإيذاهُ
فقد عاش دهرا في السجون وبعدها *** أدافوا له سمّاً فقطع أحشاهُ
كأنهُمُ آلوا ولو كان ميّتاً *** من السجن لا ينفك حتى بمثواهُ
وسارت وراء النعش بشراً ولم تسر *** لتشييعه والكون زلزل أرجاهُ
فلهفي له والشمس تصهر جسمه *** على الجسر مطروحاً به حفّ أعداهُ
بنفسي إمام الكائنات لفقده *** أسى أصبحت تلك العوالم تنعاهُ