كشكول الوائلي _ 151

img

كيف نتفاعل مع المحرّم؟

فما الذي ينبغي أن يكون لدينا في هذا الشهر من التفاعل والتأثّر؟ إن هذا الشهر يرفع لنا شيئين يجب اغتنامهما:

أولاً: أنه يرفع دماء أبي الأحرار عليه السلام

فهذا الشهر يرفع لنا دماء الإمام الحسين عليه السلام. تقول الرواية: «إذا هلَّ هلال المحرم نشرت الملائكة قميص الحسين عليه السلام وهو مخضّب بالدم»، يقول الإمام: «نحن وشيعتنا نراه بالبصيرة لا بالبصر، فتجري لذلك دموعنا ». حيث إننا نسمع من وراء ذلك الدم، «واللّه‏ لا اُعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أفرّ فرار العبيد»(1).

فهذا الشهر يوحي إلينا التسليم بقضاء اللّه‏ وقدره، لأننا نرى ببصائرنا الإمام الحسين عليه السلام يقول: «لك العتبى ياربّ، صبرا على قضائك، ياغياث المستغيثين، لا معبود سواك، إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى»(2). ولذا فإن علينا ألاّ نضيع دمه الشريف الذي أراقه من أجل الإسلام وأجلنا.

ثانيا: أنه يجسّد لنا المثل

فإذا مرّ بنا هذا الشهر تجسّد لنا الإمام الحسين عليه السلام ، بما جسّد من المثل والصبر والبطولة، يقول عبد اللّه‏ بن عمّار: واللّه لقد رأيت الحسين عليه السلام يوم العاشر، فما رأيت مكثورا قطّ أربط جأشا منه، وقد كانت الخيل والرجال تشدّ عليه فيشدّ عليها، فينهزمون بين يديه انهزام المعزى إذا شدّ فيها الذئب، ويرجع إلى مركزه فيتّكئ على قائم سيفه ويكثر من قول: « لا حول ولا قوة إلاّ بالله»(3).

ثالثا: أنه يجسّد الارتباط برسول اللّه‏ صلى الله عليه وآله

وكذلك معاني الارتباط برسول اللّه‏ صلى الله عليه وآله والوفاء له؛ حيث إننا نواسي رسول اللّه‏ صلى الله عليه وآله بأبنائه وبواقعة الطفّ.

كما أن المحرم يحمل لنا الحزن واللوعة والألم، ويظلّ الطفّ ماثلاً أمام أعيننا، وتبقى كربلاء تعيش في نفوسنا وتشدّنا إلى الإمام الحسين عليه السلام شدّا. كلّ ذلك يعكسه لنا المحرم، فينبغي علينا ألاّ نهدره، وكان هذا المعنى ينعكس على أهل بيته، وبالخصوص اُخته زينب، فكلّ أوّل يوم من المحرّم كانت تعيش الآلام والأحزان، وتدور من بيت إلى بيت، ومن اُسرة إلى اُسرة:

يابه ما بعيني دمع واسجيك *** بنفسي يبو السجّاد اداويك

يتبع…

____________________

(1) شرح الأخبار 144: 144، مثير الأحزان: 27، تاريخ الطبري 4: 253، شرح نهج البلاغة 3: 348، تاريخ مدينة دمشق 14: 204.

(2) انظر: شجرة طوبى 2: 409، مقتل الإمام الحسين عليه السلام (المقرّم): 357، ينابيع المودّة 3: 83.

(13) مثير الأحزان: 54، البداية والنهاية 8: 204.

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة