شعراء القطيف (المرهون)

img

{53} الخطيب الملاّ محمد آل نتيف

المتولّد سنة ( 1315 ) والمتوفّى سنة ( 1372 )

هو محمد بن علي بن ضيف بن مهدي بن رضوان بن أحمد بن علي بن مكي آل نتيف، عرفت هذه الاُسرة بهذا اللقب من سبع طبقات. من أهالي قرية الخويلدية، عاش سبعا وخمسين سنة قضاها فيما يهمّ العقلاء من أعمال الخير، مضافا إلى ما  يحمله من أخلاق فاضلة ومزايا كريمة بزّ بها أقرانه، وأصبح بذلك المثل الأعلى من بين أخدانه، ( تغمّده اللّه‏ بالرحمة، وصب على قبره شآبيب الرضوان ). أعقب أنجالاً كراما خلفا من بعده، وخير ما يخلف الاءنسان ولد يحيي ذكره أوّلاً، ثم ما  يخلفه من آثار علمية روحية تنتفع بها الأيال اللاّحقة كالعلم والادب والتاريخ وغيرها، وأهم الأب ما يتعلّق بأهل البيت الطاهرين عليهم السلام. ومترجمنا أحد اُولئك الذين حازوا قصب السبق، فخلف سفرا قيّما يقتضي له الخلود، مشتملاً على كلتا اللغتين الفصحى والشعبية، نقتطف منه هذه القصيدة المشتملة على الوعظ والإرشاد، والمختومة بمأساة أمير المؤمنين عليه السلام. ولولا ضيق المجال لأخذنا أكثر.

توفّي رحمه الله بالتاريخ المذكور في قرية تعرف بالخارجية من قرى البحرين ؛ إذ كان يسكن هناك.

موعظة منتهية برثاء أمير المؤمنين عليه السلام

ليس يوم مضى عليك يعودُ *** وقريب ما تدعيه بعيدُ

كم ترى في الزمان من عثرات *** واُسود تضمّنتها اللحودُ

فاغتنم قبل أن تشيب شبابا *** فالمنايا في كلّ يوم ترودُ

كلّما كان فهو لا شك فانٍ *** فشقي تحت الثرى وسعيدُ

لا لعجز إمهال عاصي رب *** بل للطف وهو العزيز العتيدُ

أيها الغافل المفرّط لمْ لا *** تخشى نارا لها العصاة وقودُ

إن من ذكرها الجبال اقشعرّت *** قعرها من على الورود بعيدُ

ما لورّادها سرابيل إلاّ *** قطران والشرب منها صديدُ

وإليهم مقامع من حديد *** لو أصابت من في الوجود اُبيدوا

والطعام الزقّوم كالمهل يغلي *** كحميم تُفتّ منه الكبودُ

كلّما اُنضجت لهم من جلود *** لعذاب لهم تعاد جلودُ

فادّرع درع طاعة ليس ينجي *** في غد للفتى الدروع الحديدُ

أمن العدل يغضب العبد فيه *** مالك الملك فاعل ما يريدُ

كل يوم لن يعصي العبد فيه *** خالق الخلق ذلك اليوم عيدُ

أيها المدّعي الصيام فكم من *** مدّعٍ فيه كذّبته الشهودُ

فلكم ذابل الشفاه التهابا *** بظماه وصومه مردودُ

ومصلٍّ كالقوس محدودب الـ *** ـظهر وعنه قلت بفعلٍ ثمودُ

لم ينل رتبة الصيام سوى مَن *** كل عضو في قيده مصفودُ

لست والصوم والجوارح فيما *** تشتهي النفس ركع وسجودُ

كالدعي ابن ملجم حين أهوى *** كفّه إنه امرؤ لكنودُ

شقّ بالسيف رأس من كان في الحر *** ب كميا تفر منه الاُسودُ

فهوى قاطع الصلاة فكادت *** تخسف الأرض والأنام رقودُ

وادلهمّت لمّا السميدع نادى *** فزت واللّه‏ حيث إني شهيدُ

وعليه في أرضها الجنّ عجت *** وبها كادت البسيط تميدُ

والسماوات أهلها في ضجيج *** فهبوط منها له وصعودُ

سيما الروح خالع التاج يدعو *** قتلوا من به استقام الوجودُ

هدموا للهدى العِدا أي ركن *** والتقى قد طوين منه البنودُ

قتل المرتضى الإمام بسيف *** من شقي قد أرضعته اليهودُ

يا لها ساعة عليه استدارت *** علويون بالنفوس تجودُ

ضمه اِبنه الزكي وكادت *** تزهق الروح حين ضمّ العميدُ

ودعاه يا قالع الباب لما *** رد عنه جمع وأنت وحيدُ

أنت نار الأعدا فمن لك أردى *** قد شفي فيك ظالم وحسودُ

أنت ممّن يوري الحروب بعزم *** وكفاح منه يشيب الوليدُ

يا عديم المثيل ما كان ظني *** باُسود الشرى تخون القرودُ

فتحنت منه الضلوع ونادا *** ه بصوت والروح منه تجودُ

إنني غالب الاُلوف ولكـ *** ـن الــمنايا سهامها لا تحيدُ

فاحملوني من المصلى فإني *** خلت روحي في جسمها لاتعودُ

حملوه فما استقر فؤاد *** من ذويه وشأنها التعديدُ

لم يزل في فراشه يذكر الـ *** ـله ولكن بسمه مجهودُ

وهو يوصي بنيه إذ خمد الصو *** ت ووافاه يومه المحمودُ

يا علي المقام بعدك ضاع الـ *** ـدين والمجد والهدى والوفودُ

إن دهري بالسعد مذ كنت حيا *** ليس بعد الفراق دهر سعيدُ

يا إمام الورى من القن نظم *** بك يرجو أن يقبل الموجودُ

اُنشئت من محمد بن نتيف *** كلما عنده إليك قصودُ

ذخره حبك العظيم وإلاّ *** فذنوب بها تضيق البيدُ

فاشفعوا لي ووالديّ وإخوا *** ني جميعا فغيركم لا اُريدُ

وعليكم مني السلام مقيما *** فالموالي أنتم ونحن العبيدُ

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة