الفتنة ـ 4

img

المطلب الثالث: شبهة والرد عليها.

لماذا يمتحن الله عباده مع علمه بخفايا الاُمور. سبب اختبارنا للأشخاص دائماً لنفهم ما نجهله عنهم، فهل الله سبحانه وتعالى بحاجة إلى هذا الاختبار، وهو العالم بخفايا الأسرار؟

الجواب:

الاختبار الإلهي يختلف عن الاختبار البشري، يقول الإمام علي (عليه السلام) في بيان سبب الاختبارات الإلهية «وإن كان سبحانه أعلم بهم من من أنفسهم ولكن لتظهر الأفعال التي يستحق بها الثواب والعقاب».

فكما قلنا سابقاً أن المعدن يتعرض لحرارة النار كي يعرف هل هو حقيقي أو مغشوش. كذلك الإنسان يختبر بالمناصب والأموال والمصائب، حينما تنزل المصائب كيف يكون حاله، كيف يكون موقفه، أو عندما تقبل الدنيا بالنعم كيف يكون موقفه؟

فبالابتلاء يظهر معدن الإنسان وجوهره.

2- الصفات الكامنة في الإنسان لا يمكن لها أن تكون وحدها معيار للثواب والعقاب، فلا بد أن تظهر من خلال أعمال الإنسان، فالله تبارك وتعالى يختبر عباده ليتجلى ما يضمورونه في خلجات صدورهم، وبذلك يستحقون الثواب أو العقاب.

مثال:

الاختبار الإلهي يشبه عمل زارع خبير ينثر البذور الصالحة في الأرض الصالحة كي تستفيد هذه البذور من مواهب الطبيعة وتبدأ بالنمو، ثم تصارع هذه البذور كل المشاكل والصعاب بالتدريج وتقاوم الحوادث المختلفة كالرياح العاتية والبرد الشديد والحر اللافح لتخرج بعد ذلك نبتة مزهرة أو شجرة مثمرة تستطيع أن تواصل حياتها أمام الصعاب.

نعم، فلولا الاختبارات والابتلاءات لما تفجرت القابليات.

فعاشوراء الحسين (عليه السلام) فجرت القابليات، فالذين ضحوا بأرواحهم فداء للإسلام مع الحسين (عليه السلام) كانوا شرائع مختلفة، فمنهم من هو قديم العهد في الوفاء لرب العالمين كـ حبيب بن مظاهر الأسدي، ومنهم من هو جديد العهد بالهداية كالحر بن يزيد الرياحي، ومنهم النصراني وهب وسعيد وزهير وبرير، ومنهم القاسم بن الحسن، ذلك الشاب الذي حينما سأله عمه: «بني قاسم، ما طعم الموت عندك؟». قال: «طعم الموت عندي أحلى من العسل إذا كان بين يديك يا عم». وكذلك الأكبر (عليه السلام) عندما سأل والده الحسين: «أو لسنا على الحق؟». قال له الحسين: «بلى». فقال الأكبر: «إذن لا نبالي أوقعنا على الموت أم وقع الموت علينا».

وقد قيل لرجل شهد يوم الطف مع عمر بن سعد: ويحك، أقتلتم ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: عضضت بالجندل، إنك لو شهدت ما شهدنا لفعلت ما فعلنا، ثارت علينا عصابة أيديها في مقابض سيوفها كالأسود الضاربة تحطم الفرسان يميناً وشمالاً وتلقي أنفسها على الموت، لا تقبل الأمن، ولا ترغب في المال، ولا يحول بينها حائل، وبين الورد على حيض المنية أو الاستيلاء على الملك، فلو كففنا عنها رويداً لأت على نفوس العسكر بحذافيرها، فما كنا فاعلين لا أم لك.

نعم، ضحوا بأنفسهم دون الحسين (عليه السلام)، فهاهي أجسادهم صرعى على بوغاء كربلاء، فازوا بالشهادة مع سيدهم الحسين وانتصر ألحق بشهادتهم.

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة