الفتنة ـ 2

img

المطلب الثاني: أنواع الفتنة

الفتنة لها أنواع كثيرة منها:

النوع الأول: وهو ما يصيب الإنسان بسبب ثباتهم على المبدأ وتمسكهم بالحق الذي هم عليه.

﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾، في هذه الآية يكشف الله الثابتون على الحق بالاختبار والامتحان، وأن هنالك أثر مترتب في الآخرة على الإيمان، هل يستحقون دخول الجنة أم لا يستحقون.

النوع الثاني: فتنة الظالم

﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً﴾، هذه الفتنة لا تخص ببلائها الظالمين فقط، بل تعم الجميع، وهو العذاب الذي يصيب الناس بسبب سكوتهم عن الظلم وعدم أخذهم على يد الظالم، فهذا العذاب لا يصيب الذين ظلموا خاصة إنما كل من رأى هذا الظلم وسكت عنه.

وقد يتساءل شخص بأن هناك أشخاص أتقياء مؤمنين فما ذنبهم يعمهم العذاب؟

إذا كان مقصر في مقدار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيكتوي بنار الفتنة. وأحياناً لا، هو يأمر بالمعروف وينهَ عن المنكر ويعمه العذاب، لكن يجعله الله من تحمله للعذاب من تحمله للألم سبباً لرفع درجته.

الفتنة هنا ليست بمطالبة الناس بحقوقهم أو محاولتهم رفع الظلم، وإنما بسبب سكوتهم عن الظلم، وهنا تقع الفتنة.

النوع الثالث: فتنة المال والولد.

﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾، المال والولد أشياء يحبها الإنسان لكنها اختبار وامتحان مرتبط بالملذات والشهوات.

المال يعتبر عارية من الله سبحانة وتعالى، وهو من جملة النعم، فالله حين ينعم عليك بنعمة يمتحنك، أتكفر أم تشكر، تؤدي حقها أم لا؟ المال هبة من الله ويجب أن يصرف في رضاه؛ لأنه الباذل لهذه النعمة.

الفتنة في الولد

يقولون حب الولد يعمي ويهم، أعاذنا الله وإياكم.

 أحياناً يكون الولد فتنة لأبيه، وهذا الشيء معروف في التاريخ. كان النبي (صلى الله عليه وآله) مع الزبير في أزقة المدينة، فأقبل أمير المؤمنين فتبسم الزبير واحتضن الإمام وقبّله، وكان احتضان الشوق إليه، التفت إليه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال له: «أتحبه». قال: بلى يا رسول الله، أحبه كولدي أو أشد. قال: «كيف بك إذا خرجت إليه تقاتله وأنت ظالم له».

وفعلاً كان الإمام علي (عليه السلام) يقول: «ما زال الزبير ناصرنا أهل البيت حتى ولد له ولد فغيره عن أهل البيت». فلما ذكّره أمير المؤمنين يوم الجمل، قال: «ذكرتني بحديث أنسانيه الدهر». ولما جاء بسيفه قال: «هذا سيف طالما أزال الكرب عن وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)».

وهذا يسمونه مفتون؛ لأن الفتنة لا يكون منطقها عقلي بل عاطفي نفسي.

يتبع…

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة