الخلاف بين المدرستين حول الصحابة ـ 2

img

الصحابة في القرآن الكريم

لم يرد في القرآن أيّ استعمال للفظة «الصحابة»، غير أنّ المولى تعالى في القرآن أوْرَدَ جُملة من الآيات التي كان المقصود بها بعض أصحاب رسول الله، وهذه الآيات فيها ما يُفهم منها الذمّ والقدح، وفيها ما يُفهم منها المدح والفضيلة.

من الآيات المادحة آية البيعة تحت الشجرة و آية مدح المهاجرين والأنصار ومن اتبعهم وهي آية مقيدة بالإحسان.

ومن الآيات الذامه

قوله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ الجمعة 11.

نزلت هذه الآية باتفاق الشيعة و السنّة في أصحاب النبيّ محمد من المهاجرين والأنصار، حيث أنّ الرسول صلى الله عليه وآله كان يخطب في صلاة الجمعة بالمسلمين في المدينة، وجاءت قافلة تجارية لدحية بن خليفة الكلبي من الشام ودُقّة الطبول إعلانًا بقدومها، وحين سماع أصحاب النبي صلى الله عليه وآله لأصوات قرع الطبول ثار كل من في المسجد وهاجت نفوسهم بحيث تركَ أكثرهم رسول الله صلى الله عليه وآله قائماً يخطب وانصرفوا نحو القافلة، وكما تخبر الروايات، لم يبق مع الرسول صلى الله عليه وآله إلّا اثنى عشر نفراً.

فهذه الآية كاشفة عن حال جُملة كبيرة مِمَن يُعتبرون من أصحاب النبيّ صلى الله عليه وآله.

وكذلك في الروايات منها روايات مادحة كوصف أمير المؤمنين عليه السلام لأصحاب النبي المخلصين وكيفية جهادهم واشتياقه لهم ودعاء الإمام السجاد في حق أصحاب النبي صلى الله عليه وآله.

ومن الروايات الذامه

النبيّ محمد يُخبر في حديثٍ صحيح، بأنّ بعض أصحابه مِمَن كان معه، سيكونون يوم القيامة.

من أصحاب النار

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَوْعِظَةٍ، قال فيها وَإِنَّهُ سَيُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي، فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ: «يَا رَبِّ , أصحابي، قَالَ: فَيُقَالُ لِي: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُذْ فَارَقْتَهُمْ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ: ﴿وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ﴾ الْآيَةَ إِلَى ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.

الصحابة في التاريخ

فالتاريخ الإسلامي قد سجّل جملة كبيرة من الحوادث، التي تكشف عن حقيقة وطبيعة الصحابة، وخاصة بعد رحيل الرسول الأكرم، ومن هذه الحوادث:

حادثة اغتيال النبي صلى الله عليه وآله

 لقد أخرج حادثة اغتيال النّبيّ صلى الله عليه وآله في العقبة جملة كبيرة من المحدّثين والمصنّفين، عندما حاول مجموعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يقال عددهم (12)، ويقال (14)، ويقال(15)، ويقال أقل من ذالك، حاولوا أن يتعقّبوا النبي صلى الله عليه وآله في اللّيل وهو يسير مع بعض أصحابه في العقبة لأجل دفعه من الراحلة لاغتياله، ولكن كيدهم لم يُفلح في ذالك، وكان الصحابيان حذيفة بن اليمان و عمّار بن ياسر يعرفون من هؤلاء الأفراد، بحكم كونهما كانا مع النبي صلى الله عليه وآله أثناء الحادثة.

خالد بن الوليد وقتله الابرياء

خالد بن الوليد ومن معه يعصون أمر رسول الله صلى الله عليه وآله فيغدرون ببني جُذَيمة ثمّ يقتلون منهم خلقاً كثيراً بغير وجه حق، لا لشيء إلاّ لأجل ثأرٍ قديم من زمن الجاهلية، وهو أنّ بني جُذيمة قتلوا في زمن الجأهلية عمّ خالد بن الوليد، وهذا الفعل هزّ فؤاد النبيّ صلى الله عليه وآله حتّى رفع يده للسماء وأعْلن براءته للّه من فعل خالد ومن معه، ثمّ أرسل الإمام علي بن أبي طالب بالمال لبني جُذَيمة فدفع لهم دية الدماء التي سفكها خالد ومَن معه.

يتبع…

 

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة