شعراء القطيف (المرهون)

img

{41} الحاج عبد اللّه‏ التاروتي

المتوفّى سنة (1346)

هو الوجيه الحاج عبد اللّه‏ التاروتي المعروف بالعبيدي. أحد الشعراء المجيدين من أهالي بلاد تاروت المتكرر ذكرها في كتابنا ؛ لما فيها من كثرة الشعراء، والمنتمي إليها يدعى بالتاروتي كما عرفت مما مرّ. كان العبيدي رئيسا عاما للغوّاصين في البحر لإخراج اللؤلؤ ؛ فقد مرّ على الغوص زمان طويل وطويل كان فيه يشغّل آلافا من الأيدي العاملة، وكان له سوق يتبارى فيه بغاته وهواته بما يستفيدون منه من الأموال الطائلة، ثم انقلب الوضع وإذا بالغوص في البر يستخرج آبار الزيت:

ومن ذا الذي يا سعد لا يتغيّرُ

مرّ على المترجم زمن طويل يمتهن فيه هذه الرئاسة العامّة، وتحت أمره ابتداء عمله وانتهائه بصفته رئيسا ومسؤولاً. وما اُعطيت له هذه القيادة الهامّة إلاّ لمعرفته بالغوص وفنونه وشروطه، وحقوق عماله وما لهم وعليهم، كما أفادني بعض من شاهده. توفّي (رحمه اللّه‏ تعالى) بالتاريخ المذكور تقريبا، (تغمده اللّه‏ بالرحمة والرضوان). وإليك باقة من شعره:

في رثاء الحسين عليه السلام

اُسهرت ليلي حزين القلب ولهانا *** ودمع عيني على الخدين هتّانا

على المصارع قوم من بني مضر *** هدّت من الدين بنيانا وأركانا

وأسهما مزّقت قلبي بموقعها *** على قتيل قضى بالطف ظمآنا

وحوله فتية صبرا قضوا عطشا *** والسيف من دمهم قد عاد ريانا

للّه‏ من فتية باعوا نفوسهُمُ *** قد أرخصوها بسوق البيع أثمانا

من كل أروع يخشى الموت سطوته *** تخاله إن سطا كالليث غضبانا

صالوا بأجمعهم في كل ناحية *** بالسمر والبيض أفنوا آل سفيانا

لكن قضى اللّه‏ يجري في أحبّته *** ثووا على الترب والمقدور قد حانا

من بعدما تركوا الأبطال ثاوية *** ثووا على الترب أشياخا وشبّانا

مجزّرين بأسياف العِدا إربا *** وغسلهم من دم الأوداج قد كانا

وكفّنتهم سوافي الريح عاصفة *** من بعدما طنّبوا للدين كيوانا

على رباها بأرض الطفّ قد نزلوا *** وعانقوا بعدها في الخلد ولدانا

وظلّ طود الهدى والدين منفردا *** روحي فداه بأرض الطف حيرانا

دارت عليه طغاة الحقد عادية *** كتائب من بني حرب وسفيانا

وصال فيهم بعزم وهو مبتسم *** والسيف من دمهم قد عاد ريّانا

كأنما العجّ بحر وهو خائضه *** يحكي غطامطه في الروع طوفانا

والموت في كفه يسعى بصارمه *** في عسكر الكفر عزرائيل قد بانا

وصال في ملتقى الهيجاء مبتدرا *** لان الحديد ومنه العزم ما لانا

ما بينما هو يفريهم بصارمه *** أتاه سهم فأورى القلب نيرانا

وخرّ بدر السما والدين منعفرا *** روحي فداه سليب الجسم عريانا

لهفي وحزني لمقتول على ظمأ *** وصدره لعوادي الخيل ميدانا

صدر تربى بحجر الطهر فاطمة *** عليه شمر رقى بالنعل عدوانا

وحزّ رأس زعيم الدين مجترئا *** وشاله في القنا كالبدر قد بانا

يا حسرة الدين والدنيا على قمر *** سامته أيدي الردى بالخسف نقصانا

ولست أنسى نساه حول جثّته *** تصبّ دمعا على الخدين هتّانا

قد أبرزتها العِدا حسرى مسلّبة *** وأشعلت قلبها ناراً وأحزانا

أسرى حواسر تنعى لا كفيل لها *** طافت بها العيس وديانا وبلدانا

خيامها حرقت من بعدما هتكت *** وسيّرتها العِدا للشام عنوانا

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة