نشاطات الإمام حسن عليه السلام في المدينة _ 2

img

ثم أنشد يقول:

إذا ما أتاني سائل قلتُ مرحبا *** بمن فضله فرض علي معجل

ومَنْ فضله فضل على كل فاضل *** وأفضل أيام الفتى حين يسأل

 ونسب إليه أيضا قوله:

إن السخاء على العباد فريضة *** لله يقرأ في كتاب محكم

وعد العباد الأسخياء جنانه *** وأعد للبخلاء نار جهنم

 وكان عطاء الإمام الحسن عليه السلام يتميز بمقابلة الهدية بما هو أفضل.

جاءت إحدى الإماء تحمل باقة من الورد وأعطتها للحسن عليه السلام، فلما أخذ الهدية قال لها: ((أنتِ حُرَّة لوجه الله)).

 فاعترض البعض على عمله فقال لهم: ((أدبَّنا الله تعالى فقال: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا﴾ وكان أحسن منها إعتاقها)).

 رابعاً: الدفاع عن أهل الولاء

ومن أبرز الشواهد على ذلك دفاعه عليه السلام عن سعيد بن أبي السرح الكوفي، وقصته ذكرها ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج٤ ص٧٢ قال: ((كان سعيد بن أبي السرح الكوفي رضوان الله عليه أحد الأشخاص الذين شملهم غضب زياد بن أبيه، ففرَّ من الكوفة متوجهاً إلى المدينة والتجأ إلى الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، فقام زياد ابن أبيه وسجن عائلة سعيد بن أبي السرح وصادر أموالهم وهدم منازلهم وطلب استرجاع سعيد بن أبي السرح، فوصل خبر ما يقوم به زياد ابن أبيه إلى الإمام الحسن المجتبى عليه السلام فكتب إلى زياد: ((أما بعد، فإنك عمدتَ إلى رجل من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم فهدمتَ داره وأخذتَ ماله وسجنت وحبستَ أهله وعياله، فإنْ أتاكَ كتابي هذا فابنِ له داره واردد عليه ماله وشفِّعني فيه فقد أجرته والسلام))

 هذه الرسالة تتضمن :

 ١) أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر.

 ٢) دفاعاً صريحاً عن أحد المسلمين المظلومين.

 ٣) إرجاع الحقوق المسلوبة من هذا المظلوم المضطهد.

 ٤) إطلاق سراح عائلته من السجن لأنهم لا ذنب لهم.

فلما وصلت رسالة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام إلى زياد بن أبيه استشاط غضباً وأظهر كل ما يحمله من كراهية لأهل البيت عليهم السلام، فكتب رسالة إلى الإمام الحسن عليه السلام قال فيها:

((من زياد بن أبي سفيان إلى الحسن بن فاطمة أما بعد: فقد أتاني كتابك تبدأ فيه بنفسك قبلي وأنت طالب حاجة، وأنا سلطان وأنتَ سُوقة، وتأمرني فيه بأمر المطاع المسلط على رعيته، كتبتَ إليَّ في فاسق آويتَه، إقامة منك على سوء الرأي، ورضا منك بذلك، وأيمُ الله لا تسبقني به، ولو كان بين جلدكَ ولحمك، وإنْ نلتَ بعضك ففيه رفيق بك ولا مدع عليك، فإنَّ أحبَّ لحم عليّ أنْ آكله اللحم الذي أنت منه، فسلِّمه بجريرته إلى من هو أولى به منك، فإنْ عفوتُ عنه لم أكن شفَّعتُكَ فيه، وإنْ قتلتُه لم أقتله إلا لحبه أباك الفاسق والسلام)).

 استمر الإمام الحسن المجتبى عليه السلام في الدفاع عن سعيد بن أبي السرح وكتب رسالة إلى معاوية أرفقها برسالة زياد فكتب معاوية إلى زياد يوبخه فكان مما كتب له:

((كتابك إلى الحسن تسميه وتغرض له بالفسق، ولعمري لأنت أولى بذلك منه، فإن كان الحسن بدأ بنفسه ارتفاعاًَ عنك فإن ذلك لن يضعك، وأما تركك تشفيعه فيما شفع فيه إليك فخط دفعته عن نفسك إلى من هو أولى به منك، فإذا أتاك كتابي فخلِّ ما بيدك لابن أبي السرح ولا تعرض له فيه فقد كتبتُ إلى الحسن يخيره إن شاء أقام عنده وإن شاء رجع إلى بلده وأنه ليس لك عليه سبيل بيد ولا لسان))

 وأما كتابك إلى الحسن باسمه ولا تنسبه إلى أبيه، فإن الحسن ويحك ممن لا يرمى به الرجوان، أفاستصغرتَ أباه وهو علي بن أبي طالب أم إلى أمه وكلته وهي فاطمة بنت رسول الله؟! فذلك أفخر له إنْ كنت عقلت والسلام))

 ثم كتب الأبيات التالية في مناقب الحسن فقال:

أما حسن فابن الذي كان قبله *** إذا سار سار الموت حيث يسير

وهل يلد الرئبال إلا نظيره *** وذا حسن شبه له ونظير

ولكنه لو يوزن الحلم والحجى *** بأمر لقالوا يذبل وثبيرُ

حسين إسماعيل

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة