كشكول الوائلي _ 105

img

الوعاء الثالث: صدر نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله

وهذا الوعاء من الأوعية المعنوية، وقد جاءت هذه الحالة نتيجة تخطيط السماء، فترعرع أمير المؤمنين عليه السلام ونما في رعاية أشرف موجود وأعظم مخلوق. لقد كان صلى الله عليه وآله يوجره اللبن في فمه، ويهزّ له مهده، ويضجعه إلى جانبه، ويحمله على صدره ويطوف به شعاب مكّة المكرّمة إلى أن كبر. فلم يكن صلى الله عليه وآله يفارقه، وبعد أن كبر راح صلى الله عليه وآله يصحبه معه إلى غار حراء. قالت للنبي صلى الله عليه وآله إحدى نسائه: إن لي ليلة من تسع ليالٍ، ثم يأتي علي وتخلو به فيها وتتركني؟ فقال صلى الله عليه وآله لها: «إياك أن تغضبيه، والله لا يغضبه أحد إلا ويكبّه الله على منخريه في نار جهنم».

وهكذا استلهم عليه السلام من النبي الأكرم صلى الله عليه وآله فيوضاته وآدابه، يقول عليه السلام: «وقد علمتم موضعي من رسول الله صلى الله عليه وآله بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة؛ وضعني في حجره وأنا ولد، يضمّني إلى صدره، ويكنفني إلى فراشه، ويمسّني جسده، ويشمّني عرفه. وكان يمضغ الشيء ثم يلقمُنيه»(1).

فأي وعاء أشرف من هذا الوعاء؟ وهكذا فإن اللّه‏ تعالى اختار لعلي عليه السلام البيوت الطاهرة والأمكنة الطاهرة. وكل وعاء مرّ به علي بن أبي طالب عليه السلام فهو من اختيار اللّه‏ تعالى له، حيث إنه تعالى أراد له ذلك.

الوعاء الرابع: الوادي المقدّس الذي دفن فيه

ثم اختار له تعالى الوعاء الذي حلّ فيه جسده الطاهر، وهذا الوعاء والتربة التي حلّ فيها هو عبارة عن وادٍ مقدّس. وعند بعض المفسرين أن الوادي المذكور في قوله تعالى: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى(2) هو التربة التي دفن فيها علي بن أبي طالب عليه السلام. وقد أشار عبد الباقي العمري إلى هذا المعنى في قوله:

 إذا نحن زرناها وجدنا نسيمها *** يفوح لنا كالعَنبر المتنفِّسِ

ونمشي حفاةً في ثَراها تَقَدُّسا *** نَرى أننا نمشي بوادٍ مُقدسِ(3)

يتبع…

_________________

(1) نهج البلاغة / الخطبة: 192، ينابيع المودّة 1: 208 ـ 209.

(2) طه: 12.

(3) لم نعثر عليهما لعبد الباقي العمري، بل هما للبهاء زهير في ديوانه: 177.

الكاتب الادارة

الادارة

مواضيع متعلقة