بحث حول صفة الإخبات ـ 1

img

قال الله تعالى: ((وَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِيْنَ))

الحديث حول الآية المباركة في أربع جهات:

النقطة الأولى: كم مرة وردت كلمة الإخبات في القرآن الكريم؟

النقطة الثانية: ما هو تفسير كلمة (الإخبات) عند أهل البيت؟

النقطة الثالثة: بماذا أخبرتنا الروايات عن صفة الإخبات؟

النقطة الرابعة: ما هي بعض صفات الإمام زين العابدين المرتبطة بصفة الإخبات؟

وردت كلمة الإخبات في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع وهي ما يلي:

المورد الأول: قوله تعالى في سورة هود آية ٢٣: ((إنَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون))

المورد الثاني: قوله تعالى في سورة الحج آية ٥٤: ((وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم))

المورد الثالث: قوله تعالى في سورة الحج آية ٣٤: ((فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين))

أصل كلمة الإخبات في اللغة هو المكان المنخفض والمطمئن من الأرض ضد المُصعد والمرتفع ثم استعير لمعنى التواضع، فكأنَّ المُخبِت سلك نفسه في الإنخفاض، فأصبحت سهلة مطواعة، ويُقال: فيه خبته أي تواضع. فالإخبات هو تواضع مقرون بالانقياد.

ذكر المفسرون تبعا لروايات أهل البيت عليهم السلام ثلاثة معانٍ لمفردة (الإخبات) وهي ما يلي:

التفسير الأول/ الإخبات بمعنى التسليم: روي في تفسير البرهان ج٢ ص٢١٥ _ ص٢١٦ عن زيد الشحام أنه قال لأبي عبد الله الصادق عليه السلام: ((إنَّ عندنا رجلا يُقال له: كُليب، فلا يجيء عنكم شيء إلا قال: أنا أُسلِّمُ فسمَّيناه كُليب تسليم، فترحَّمَ عليه الإمام الصادق عليه السلام وقال: أتدرونَ ما التسليم؟ فسكتنا فقال: هو والله الإخبات، قال عزَّ الله وجلَّ: (الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم) أي وسلَّموا إلى ربهم))

التفسير الثاني/ الإخبات بمعنى العبادة: روي في تفسير علي بن إبراهيم القمي في تفسير قوله تعالى: ((ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد وبشر المخبتين))

قال علي بن إبراهيم القمي: ((وبشر المخبتين أي وبشر العابدين وجلت قلوبهم هيبة منه لإشراق أشعة جلاله عليها من خشية ربهم مشفقون قيل أي من خوفه عذابه يحذرون والذين يؤتون ما آتوا قيل يعطون ما أعطوا من الصدقات من العبادة والطاعة))

التفسير الثالث/ الإخبات بمعنى التواضع: وهذا التفسير مرويٌّ عن الإمام الباقر عليه السلام فقد روى الكشي في رجاله ص١٦٤ عن أبي جعفر الباقر عليه السلام

((كان محمد بن مسلم من أهل الكوفة، يدخل على أبي جعفر الباقر عليه السلام فقال له: (وبشر المخبتين) وكان محمد بن مسلم رجلا موسرا جليلا أي غنيا ذا مكانة ومنزلة، فقال له أبو جعفر عليه السلام: تواضعْ فأخذ محمد بن مسلم قوصرة تمر فوضعها على باب المسجد وصاب يبيع التمر، فجاء قومه وقالوا له: فضحتنا، فقال محمد بن مسلم: أمرني مولاي أبو جعفر عليه السلام بشيء فلا أبرح حتى أبيع هذه القوصرة، فقالوا له: أما إذا أبيت إلا هذا فاقعد في الطحانين فاقعد في الطحانين، ثم سلموا إليه رحى فقعد على بابه وجعل يطحن))

يتبع…

كتب البحث / حسين اسماعيل

الكاتب حسين آل إسماعيل

حسين آل إسماعيل

مواضيع متعلقة