العدل ـ 2

مصطفى آل مرهون

شواهد على عدله تعالى

الشواهد على عدل الله كثيرة.

منها: سأل موسى (ع) ربه سبحانه أن يريه عدله، وكان لا يتحمل خبر أو رؤية قتل النفس، وكان يوما جالسا على ساحل نهر مبتعد قليلا عنه، وإذا بخيال قد أقبل إلى النهر،  فجلس يشرب، فذهب وقد نسي كيسا به ألف درهم، وجاء بعده راع للغنم يستقي، فوجد الكيس وأخذه وذهب، وبعده جاء حطاب يشرب، وإذا بالفارس قد أقبل، فسأله عن الكيس، وتهمه بأخذ الدراهم، فنفى الحطاب ذالك عن نفسه، فقتله. فسأل موسى ربه كيف قتله وهو برئ؟ فأجابه سبحانه: إني قد أخذت القصاص في الدنيا قبل الآخرة. فإن الحطاب قتل الفارس فاقتص له الله تعالى. وأما صاحب الغنم فأخذ الدراهم، دية قتل الفارس والده.

ومنها: قصة داود. حيث كان يدعو  أن يعلمه الله سبحانه القضاء بين الناس، بما هو عنده تعالى الحق، فأوحى الله إليه: ياداود. إن الناس لا يحتملون ذالك، وإني سأفعل. فارتفع إليه رجلان، فاستدعى أحدهما على الآخر فأمر المستدعى عليه أن يضرب عنقه ففعل. فاستعظمت بنو إسرائيل ذالك. وقالت: رجل جاء يتظلم من رجل، فأمر الظالم أن يضرب عنقه. فقال (ع): (ربي أنقذني من هذه الورطة) فأوحى الله إليه: ياداود سألتني أن ألهمك القضاء بين عبادي بما هو عندي الحق، وأن هذا المستدعي قتل أبا المستدعى عليه، فأمرت فضربت عنقه، فقتص لأبيه، وهو مدفون في حائط كذا وكذا، تحت شرة كذا، فأته فناده باسمه فإنه سيجيبك. ففرح داود فرحا شديدا، فقال لبني إسرائيل: قد فرج الله. فمشى ومشو خلفه، فانتهى إلى الشجرة فنادى: يا فلان. فقال: لبيك يانبي الله. قال: من قتلك؟ فقال فلان. فاتضح الحق وذهب الوهم وارتفعت راية العدل.

لذالك كان يهابه قومه، حيث إنه يطلع على الأشياء الماضية في حياتهم، فيخاف أحدهم أن يجرم، وهذا مما شد الله به ملكه. يقول تعال: (وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب) فشد ملكه بالغيب، فأوجد الرعب في قلوبهم، وفي الحديث أن الإمام المنتظر (ع) يحكم بحكم داود، عجل الله فرجه.

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة