شعراء القطيف (المرهون)

img

الشيخ محمد العمران (المتوفّى سنة 1303 تقريباً)

تركوه مرمّلاً بدماء *** وله الترب والصعيد وِطاءُ

خضّب الوجه بالدماء فأبدى *** شفقاً منه للصباح انجلاءُ

وقضى ظامئاً وما نال ورداً *** لكن البيض من دماه رواءُ

إن تكن قد حُرمتَ وِردَ فرات *** فبورد الرحيق يروى الصداءُ

أو تكن قد حُرمت فاني نعيم *** فبدار البقا لك النعماءُ

أو تكن في القفار ملقى تريباً *** فلك القاصرات واللألاءُ

ومضى الطرف للنساء حزيناً *** ملئت من صهيله البيداءُ

برزوا حسّراً ولمّا رأوه *** عارياً طال وجدهم والشجاءُ

وعلا ندبهم على الندب حتى *** خدد الخد بالدموع البكاءُ

ونعت زينب أخاها لوجد *** قد دهاها وهل يفيد النعاءُ

يا أخي كنت شمس مجد منيف *** غالها الخسف واعتراها الخفاءُ

وهلالاً أمسى بغرب المنايا *** غارباً غاله هناك الرداءُ

يا أخي أظلمت على الناس طرّاً *** سبل للورى بها الاهتداءُ

قطعوا دابر العلا والمعالي *** بعد أن شِيد للضلال البناءُ

ضحكت للخنا ثغور وعين الـ *** ـمجد بالوجد طال منها البكاءُ

يا أخي كنت أرتجيك لريب الـ *** ـدهر حصناً فخاب ذاك الرجاءُ

دار ساقي كأس الممات دهاقاً *** وبها قد سقى الكماة الرداءُ

فقضت إذ قضت لحقّ إمام الـ *** ـحق ما قد قضت له العلياءُ

فترى الاُسد في الفيافي صرعى *** كنجوم بها أضاء الفضاءُ

فبقي مفرداً يلاقي جموعاً *** ثابت القلب لم يرعه اللقاءُ

ومتى اُعمل الظبا أنصرف الـ *** ـجمع وجرّت بكسرها الإملاءُ

فهْو والقوم في الوغى كمسيل *** مرّ فيه من الكلاء غثاءُ

أو كثيب ذرته عاصف ريح *** نسفته فعاد وهْو هباءُ

وتراه هناك كالاُسد فتكاً *** قنصه من اُسودها الأشلاءُ

فكأنْ قلبه هنالك زبر *** طبعت أو جلامد صمّاءُ

فتراه وطرفه وظُباه *** وقد اسودّ بالعجاج الفضاءُ

كسماء بها هنالك بدر *** قد بدا منه في الدجى اللألاءُ

قد أذاق العدا الرداء بعضب *** غربه فيه للمنايا انطواءُ

ولقد جدّل الكماة بضرب  *** أسود مسّهم به البأساءُ

فكأن الدماء ثمّة غيث *** قد أدرّته مزنة وطفاءُ

وكأن الجياد سفن بحار *** فلها الانخفاض والارتقاءُ

فشفا بالظبا لغلّة صدر *** شفّه ورده الردى والظماءُ

قد رأى الموت فيه عذب مذاق *** فاحتسى كأسه وحلّ الوكاءُ

ولقد باع نفسه برضا اللـ *** ـه وقد طاب بيعه والشراءُ

لا همى بعد بعدكم واكف الود *** ق بروض ولا استُهلّ النداءُ

بل ولا كان للمعالي ظلال *** فيه للجود بعد ذاك حماءُ

جدُّ لو تبصر الحسين قتيلاً *** ضُرّجت من دمائه البوغاءُ

ثاوياً بالعرا ثلاثاً وقد حيـ *** ـك له من رُبى العوالي كساءُ

وجياد العداة تعدو بصدر *** صدرت عن علومه العلماءُ

عزّ هذا عليك بل كنت صبّاً *** ومصاباً يُلقى إليه العزاءُ

وسبايا على المطايا عرايا *** للبغايا تقودها السفهاءُ

ثم ساروا بهم اُسارى حيارى *** في الصحارى وما لهن غطاءُ

وترى الروس كالشموس تعالت *** فأضاءت بضوئها الأنحاءُ

وبزين العباد يُسرى وقدغلّـ *** ـت يداه وناله الضرّاءُ

عظمت نكبة وجلّ مصاب *** بكت الأرض إثره والسماءُ

ليت أني إليك كنت فداءً *** إن يكن للكرام يوماً فداءُ

إن يكن فاتني انتضاء حسامي *** فلساني يكون فيه انتضاءُ

سائق العيس قد تسنّم وجناً *** طُويت من مسيرها الأفداءُ

عُج على طيبة وبلّغ رسول الـ *** ـله ما نال من بنيه العِداءُ

قل له قد جزوك في الأهل فتكاً *** وانتهاكاً وساء ذاك الجزاءُ

قد شفت منهُمُ الصدورَ صدور *** قرّ فيها الشقاق والشحناءُ

الكاتب ----

----

مواضيع متعلقة