اللسان

img

قال تعالي: ﴿ فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا [1]

﴿ فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ ﴾ أي سهلنا فهم ألفاظ القرآن وفهم معانيه بلهجتك ولغتك؛ لأن التيسير معناه التسهيل، واللسان هنا معناه اللهجة واللغة الحاصلين من هذا العضو المسمى باللسان، الذي هو من أعجب مخلوقات الله في الإنسان يمتن به جلا وعلا على الإنسان. فيقول: ﴿ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ ﴾؛ لأن الله جلا وعلا وإن منَّ به على غير الإنسان ولكنه جعله في الإنسان بصورة أفضل. وإلى اللغة بصورة خاصة أشارت ألآية الكريمة: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ ﴾ أي بلغتهم ولهجتهم، وإلى الآمرين معا أي اللهجة واللغة أشارت الآية الكريمة ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ [2] ، لأن المعني والله أعلم واختلاف ألسنتكم وألوانكم في اللغات واللجهات والفصاحة والبلاغة والطلاقة مع كونكم من أب واحد وأم واحده، قال تعالى: على لسان نبيه موسى ﴿ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا[3] ، أي معيناً  ﴿ يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ﴾  وربما يكون فيها تغيير لبعض حروف الكلام أو حركاته. واللهجة جرس الكلام واللغة هي نفس الكلام الذي يعبر به أهل كل لغة عن أغراضهم، والآية الأولى تعنيهما معا كما تقدم، فهو صلى الله عليه وآله وسلم فهم ألفاظ القرآن الكريم ومعانيه للناس بلهجته ولغته. قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ [4] : وإذا حكم بُعد الزمن بنسيان بعض ما عرف المسلمون من نبيهم وخلفائه الراشدين وأصحابه المنتجبين فما بعد النص الاجتهاد، ولذلك تجد العلماء قد يختلفون في بعض المسائل الدينية. وقوله تعالى: ﴿ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ ﴾ أي لأنهم متقين لا لأنهم من النسب الفلاني أو أنهم من البلد الفلاني أو اللون الفلاني ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ خلق النار لمن عصاه ولو كان سيّداً قرشيا، وخلق الله الجنة لمن أطاعه ولو كان عبداً حبشياً. ﴿ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا ﴾، واللد يعني الخصماء العوج عن الحق مع معرفتهم به جمع لدود أو جمع ألد بصيغة المبالغة قال تعالي: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ*وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ [5] في المجمع عن ابن عباس أنه قال: إن هذه الآيات الثلاث نزلت في المرائي لأنه يظهر خلاف مايبطن، وقيل: نزلت في المنافقين، وقال: إنها نزلت في الأخنس بن شريف الزهري  وكان يظهر المحبة للنبي ‘ والرغبة في الدين ويبطن خلاف ذالك. وهذه الأقوال الثلاثة قول واحد، لأن المرائي منافق والمنافق مرائي، وكل من يظهر خلاف ما يبطن كالأخنس فهو منافق ومرائي، وقد بذل معاوية لسمرة بن جندب الغزاري المتوفي سنة 60 ﻫ أربعمائة ألف درهم على أن يقول إن هذه الآيات نزلت في على ×، فقال ذلك بعد أن استلم المال من معاوية:

حسدوا الفتى إذا لم ينالوا سعيه

فالـكل أعـداء لــه وخصــوم

كضرائـر الحسنـاء قلن لوجههـا

حسـدا وبغيـــا إنــــه لذميــم

______________________

[1] سورة مريم (97)

[2] سورة الروم (22)

[3] سورة القصص (34)

[4] سورة الجمعة (2)

[5] البقرة (204 ـ 206)

الكاتب ــ ــ

ــ ــ

مواضيع متعلقة