البشارة لطلّاب الاستخارة (8)

img

استخارة بندقية: مروية عن أمير المؤمنين‏ عليه السلام يكتب: «بسم اللَّه الرحمن الرحيم، اللهمّ إنّي أستخيرك خيار مَن فوّض إليك أمره، وأسلم إليك نفسه، وخلا لك وجهه، وتوكّل عليك فيما تأمره به؛ اللهمّ انصرني ولا تنصر علَىَّ، واهدني إلى ‏الخيرات ولا تضلّني، اللهمّ إن كان الخير لي أو لفلان في (كذا) فخر لي أو له، إنّك‏ على كلّ شي‏ء قدير«.

ويكتب في رقعة افعل وفي اُخرى [لا تفعل]، ويجعلان في بدقية ويلقيان في ‏الماء، [فأيّهما] ظهرت على الماء عمل عليها وأُهملت الاُخرى(76).

تذنيب:

من (مكارم الأخلاق): قال عبد الرحمن بن سيّابة: خرجت سنة إلى مكة ومتاعي ‏برّ(77) قد كسد عليّ، قال: فأشار عليّ أصحابنا إلى أن أبعثه إلى مصر ولا أردّه إلى ‏الكوفة، أو إلى اليمن، فاختلف عليّ آراؤهم، فدخلت على العبد الصالح بعد النفربيوم ونحن بمكة، فأخبرته بما أشار به أصحابنا وقلت له: جعلت فداك فما ترى ‏حتى أنتهي إلى ما تأمرني به؟

فقال لي: «ساهم بين مصر واليمن، ثم فوّض في ذلك أمرك إلى الله، فأيّ بلد خرج‏ سهمها(78) من الأسهم فابعث متاعك إليها«.

قلت: جعلت فداك: كيف اُساهم؟ قال: «اكتب في رقعة: بسم الله الرحمن الرحيم‏ اللهمّ أنت اللَّه [الذي] لا إله إلّا أنت عالم الغيب والشهادة، أنت العالم وأنا المتعلّم، فانظر لي في أيّ الأمرين خير لي حتّى أتوكّل عليك فيه وأعمل به، ثمّ اكتب: مصرإن شاء الله. ثم اكتب في رقعة اُخرى مثل ما في الرقعة الاُولى شيئاً فشيئاً، ثم‏ اكتب: اليمن إن شاء الله؛ ثم اكتب في رقعة اُخرى مثل ما في الرقعتين شيئاً [شيئاً] ، ثم اكتب بحبس المتاع ولا يبعث إلى بلد منها، ثم اجمع الرقاع وادفعها إلى‏ بعض أصحابك فليسترها عنك، ثم ادخل يدك فخذ رقعة من الثلاث رقاع؛ فأيّها قعت في يدك فتوكّل على اللَّه واعمل بما فيها إن شاء الله(79).

الباب الثالث: الاستخارة بالدعوات عقيب الصلوات

في الاستخارة بالدعوات عقيب الصلوات

منها: دعاء الاستخارة عن مولانا الصادق – صلوات اللَّه عليه – ذكر الشيخ محمّد بن علي بن محمّد في كتاب له في العمل ما هذا لفظه: (دعاء الاستخارة عن‏ الصادق – صلوات اللَّه عليه – تقول بعد فراغك من صلاة الاستخارة:

»اللهمّ إنّك خلقتَ أقواماً يلجأون إلى مطالعِ النجومِ لأوقات حركاتهم وسكونهم، وتصرّفهم وعقدهم [وحلّهم]، وخلقتني أبرأ إليك من اللجاء إليها، ومن طلب ‏الاختيارات بها، وأتيقّن أنّك لم تُطلعْ أحداً على غيبك في مواقعها، ولم تُسهّلْ له‏ السبيلَ إلى تحصيل أفاعيلها، وأنّك قادرٌ على نقلها في مداراتها في مسيرها عن ‏السعود العامة والخاصة إلى النحوس، ومن النحوس الشاملة والمفردة إلى ‏السعود؛ لأنّك تمحو ما تشاءُ وتثبتُ وعندك اُمّ الكتاب؛ ولأنّها خلقٌ من خلقك، وصنعةٌ من صنعتك، وما أسعد من اعتمد على مخلوق مثله، واستمدَّ الاختيارلنفسه، وهم اُولئك، ولا أشقيت من اعتمد على الخالق الذي أنت هو لا إله إلّا أنت‏ وحدك لا شريك لك.

وأسألُكَ بما تملكه وتقدر عليه، وأنت به مَليٌّ وعنه غنيٌّ وإليه غيرُ محتاجٍ وبه غيرُمكترثٍ، من الخيرة الجامعة للسلامة والعافية والغنيمة لعبدك من حدث الدنيا التي إليك فيها ضرورته لمعاشه، ومن خيرات الآخرة التي عليك فيها معوّلة، وأناهو عبدك.

اللهمّ فتوّلَ يا مولاي اختيار خير الأوقات لحركتي وسكوني، ونقضي وإبرامي، وسيري وحلولي، وعقدي وحلّي، واشدُدْ بتوفيقك عزمي، وسدّد فيه رأيي، واقذفه في فؤادي، حتى لا يتأخّر ولا يتقدّم وقته عنّي، وأبرم من قدرتك كلّ نحس‏ يعرض بحاجز حتم من قضائك يحول بيني وبينه، ويباعده منّي ويباعدني منه في‏ ديني ونفسي ومالي وولدي وإخواني، وأعذني من الأولاد والأموال والبهائم‏ والأعراض، وما أحضره وما أغيب عنه، وما أستصحبه وما اُخلّفه، وحصّني من ‏كلّ ذلك بعياذك من الآفات والعاهات والبليّات، ومن التغيير والتبديل، والنقمات‏ والمثلات، ومن كلمتك الحالقة، ومن جميع المخوفات، ومن سوء القضاء، ومن‏ درك الشقاء، ومن شماتة الأعداء، ومن الخطأ والزلل في قولي وفعلي، وملّكني ‏الصواب فيهما، بلا حول ولا قوّة إلّا باللَّه العليّ العظيم، بلا حول ولا قوّة إلّا باللَّه‏ حرزي وعسكري، بلا حول ولا قوّة إلّا باللَّه سلطاني ومقدرتي، بلا حول ولا قوّة إلّا باللَّه عزّي ومنعتي.

اللهمّ أنت العالم بجوائل فكري وجوائس(80) صدري، وما يترجّح في الإقدام عليه‏ والإحجام عنه مكنون ضميري وسرّي، وأنا فيه بين حالين: خير أرجوه وشرّأتقيه، وسهوٌ يحيط بي ودَين أحوطه، فإن أصابتني الخيرة التي أنت خالقها لتهبهالي لا حاجة بك إليها، بل بجودٍ منك عليّ بها غنمت وسلّمت، وإن أخطأتني‏ حسرت(81) وعطبت.

اللهمّ فارشدني منه إلى مرضاتك وطاعتك، وأسعدني فيه بتوفيقك وعصمتك. واقض بالخير والعافية والسلامة التامّة الشاملة الدائمة لي فيه حتمَ أقضيتك، ونافذَعزمك ومشيتك، وإنني أبرأ إليك من العلم بالأوفق من مبادئه وعواقبه، ومفاتحه ‏وخواتمه، ومسالمه ومعاطبه، ومن القدرة عليه، وأقرُّ أنّه لا عالم ولا قادر على سداده سواك، فأنا أستهديك وأستفتيك وأستقضيك وأستكفيك وأدعوك ‏وأرجوك، وما تاهَ من استهداك ولا ضلَّ من استفتاك، ولا دُهي مَن استكفاك، ولاحالَ من دعاك، ولا أخفقَ مَن رجاك، فكن لي عند أحسن ظنوني وآمالي فيك، يا ذا الجلال والإكرام، إنّك على كلّ شي‏ء قدير.

واستنهضت لمهمّي هذا ولكلّ مهمٍّ، أعوذ باللَّه السميع العليم من الشيطان الرجيم ‏بسم اللَّه الرحمن الرحيم وتقرأ: «الْحَمْدُ للَّهِِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ ‏يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ» «قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ ‏النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ ‏فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ» «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ» «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ«.

يتبع…

__________________________________

 75) فتح الأبواب: 164 – 160، مستدرك الوسائل 254 – 250 :6، كتاب الصلاة 6، صلاة الاستخارة، ب2، ح4 بتفاوت فيهما.

76) فتح الأبواب: 264، وسائل الشيعة 72:8، أبواب صلاة الاستخارة، ب2، ح4، باختلاف‏ فيهما.

77) البزّ: الثياب. لسان العرب 311:5 – بزّ.

78) في المصدر: «سهمهما» بدل: «سهمها».

79) مكارم الأخلاق: 256، مستدرك الوسائل 266:6، أبواب صلاة الاستخارة، ب9،ح1.

80) في فتح الأبواب: «حوابس» بدل: «جوائس».

81) في فتح الأبواب: «خسرت» بدل: «حسرت».

الكاتب الشيخ أحمد بن صالح بن حاجي الدرازي ‏البحراني

الشيخ أحمد بن صالح بن حاجي الدرازي ‏البحراني

مواضيع متعلقة