أدب الاطفال

مفهوم أدب الأطفال:

الأدب بصورة عامة: هو الأثر الفني الذي يثير فينا لذة عند سماعه أو قراءته وتكون هناك متعة واهتمام. وهو الذي يحرك عواطفنا وعقولنا. وأدب الأطفال جزء من الأدب العام أو ادب الكبار. إلا إنه يختص بمخاطبة فئة معينة من المجتمع هي فئة الأطفال، ولا شك أنه يختلف عن أدب الكبار.

1ـ لأن عقلية الأطفال تختلف عن عقلية الكبار.

2ـ اختلاف الخبرات، خبرة الكبير تختلف عن الصغير نوعا وكما. فالطفل أثناء نموه العقلي يبدأ في التعرف بالحياة على أساس أن خبراتها الماضية سبيل إلى فهم أعمق للحاضر، ومن ثم فقد يكون ادب الأطفال أقوى سبيل يعرف به الأطفال الحياة بأبعاده الماضية والحاضرة وحتى المستقبلية، وحين نتأمل الأطفال قبل مرحلة الدراسة بل في مهودهم سنرى شيئاً عجيباً هو أنه بطبعه يعشق الأنغام والموسيقي تلك التي تترنم بها أمه فهو يسر بما تشدو بها أمه حين تتلوها على مسامعه. فيشعر برضى فينام قرير العين مع صدى تلك الأنغام. ونحن اذا ما استوقفنا الأطفال في ملاعبهم فإنهم ينشدون أغان تطربهم، والطفل قد لا يفهم لهذه الكلمات معنى، وربما تحير في الكثير منها. ولكن الكثير يغنون في طفولتهم ويمكن أن نسميها (أغاني المناسبات)، مثلاً في الشتاء يفرح الأطفال فيغنون بعض الأغاني.

شتى وزيدي
عمنا عبدالله
بيتنا حديدي
كسر الجرة
ورزقنا على الله
أمطر أمطر يا مطر
أمطر على البر والبحر
بيتنا كله من صخر
ما فيه خوف ما فيه خطر

في المواسم ينتشر الأطفال يغنون حين يأتي العيد:

بكرى العيد بنعيد
سعيد ماله ابقره
بنذبح بقرة سعيد
بنذبح بنته الشقرة

أدب الأطفال والتراث الشعبي:

ينقسم أدب الأطفال إلى قسمين (شعر ونثر)

نلاحظ في تراثنا الشعبي اشعار الترقيص، والعرب تقول: (رقص البعير يرقص رقصاً اذا أسرع في مشيته، وأرقصت المرأة حبيبها بمعنى لاطفته باللعب والغناء). وترقيص الصبيان بالغناء والكلام الموزون من طبائع الانسان أينما وجدوا، وكان من الخصال الحميدة التي يتوخاها العرب في تربية الطفل وتهذيبه وترقيص الطفل بالمقاطع الشعرية، فكانت شيماء اخت الرسول صلى الله عليه واله وسلم من الرضاعة ترقصه وتقول:

هذا اخ لي لم تلده أمي وليس من نسل ابي وعمي
فأنمه اللهم فيما تنمي

وكانت السيدة فاطمة الزهرا سلام الله عليها ترقص ابنها الحسن وتقول:

ان بنيّ شبه النبي ليس شبيهاً بعلي

ومن اقصر أغاني الطفل وابلغهما ترقيص النبي صلى الله عليه واله وسلم للحسن وللحسين، وفي الحديث انه صلى الله عليه واله وسلم كان يرقصهما يقول: (حُدق ترقى… عيني بقى).

يقال: رجل حُدقة وحُدق اي قصير، وحُدق خبر للمبتدأ محذوف تقديره (أنت حدق)، ترقى: بمعنى أصعد أعلُ، عيني بقة اي يا عين البقة، كناية عن الصغر، أي أنت بحجم عين البقة: فكان الحسين يرقى حتى يضع قدميه. ويروي أن إعرابية كانت ترقص ولدها وتقول:

يا حبذا ريح الولد
اهكذا كلُّ ولد
ريح الخزامة في البلد
ام لم يلد مثلي احد

وقد شهدت البيئة العربية رواجاً لأغاني ترقيص الأطفال، وكانت هذه الأمهوذات الشعرية صورة دقيقة للحياة الاجتماعية والنفسية، ومن الأغنيات التي تروى للعتاب اغنية ترقص بها ابنتها بكلمات تومئ بها لزوجها، وكان يدعى أبا حمزة الضبي، وكان قد هجرها حين وضعت وضعها وكان كل خلفها بنات.

وتصادف أنْ مر بخلاء امرأته يوماً فوجدها ترقص ابنتها بكلمات منغومة، وهذه الكلمات فيها عتاب رقيق لزوجها، وهدهده لطيفه لابنتها.

ما لأبي حمز لا يأتينا
غضبان أنا لا نلد البنينا
وإنما نأخذ ما أعطينا
 
يظلُّ في البيت الذي يلينا
تالله ما ذلك في أيدينا
ونحن كالأرض لزارعينا

                                                           ننبت قد غرسوه فينا

وبهذا كرهوا للطفل أن ينام على اثر البكاء، وما ان يرقص ويطرب الطفل يكون ميالاً بطبيعته للإستجابة على أصوات الكلام المنغوم، وكذلك يطرب بسحر الإيقاع الموزون، خاصة ما يصدر عن أمه في فترة مهده من كلمات الهدهدة.

يتبع في العدد القادم

الكاتب ــ ــ

ــ ــ

مواضيع متعلقة