الشجرة الملكوتية

img

روي في بحار الأنوار: عندما هاجر النبي صلى الله عليه واله وسلم مع اثنين من الصحابة من مكة إلى المدينة وصل أثناء الطريق إلى خيمة أم معبد ولما لم يكن عندهم متاع للطريق سأل أم معبد أعندك قليل من الطعام؟ فأبدت خجلها قائلة: لدينا عدة خراف أخذها زوجي إلى المرعى ولم يبق سوى نعجة مريضة لم يأخذها معه إلى المرعى لمرضها.

فقال الرسول صلى الله عليه واله وسلم: أتأذنين لي بحلبها؟ أجابت: الأمر إليك إلى أنه لا يخرج منها شئ من الحليب. وما أن مسح بيده المباركة على النعجة حتى شفيت وتجمع الحليب في ضرعها، فجاء النبي صلى الله عليه واله وسلم بإناء وملأه وشرب الجميع ثم شرب هو، وبعد ذلك ملأ الأواني لأم معبد، ثم نام قليلاً وبعد أن استيقظ طلب ماء للوضوء فتوضأ وصلى، وكان بالقرب من الخيمة شجرة عوسج فتمضمض واستنشق ثلاث مرات ورمى الماء من فمه تحت تلك العوسجة وقال: (لهذه العوسجة شئ).

يقول ابن أخت أم معبد: لم نرى صلاة ووضوءً مثله حتى ذلك اليوم.

ذهب الرسول صلى الله عليه واله وسلم وأصحابه وفي الغد كبرت الشجرة واخضرت ونمت لها أغصان وأوراق وأنتجت محصولاً يشبه البطاطا إلا أنه ما أكل منه حيوان مريض إلا ازداد لبنه، وكان بعض قبائل العرب يأخذون من رزقها للاستشفاء عند مرورها عليهم ومن بركاتها أيضاً تحسنت الأحوال المادية لأم معبد كثيراً.

ومرت عشر سنوات فشاهدنا الشجرة يوماً وقد تغيرت إذ سقطت ثمارها وذبلت أوراقها وبعد أيام جاءنا الخبر بوفاة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. وقد بقيت الشجرة تعطي ثمارها إلا أنه لم يكن كثمرها السابق من حيث الحجم والطعم.

ومرت السنون وفي أحد الأيام شاهدنا الشجرة وقد خلت من الثمر والأوراق وبعد أيام جاء من الكوفة خبرقتل أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام.

ومضت عشرون سنة وكان الناس يستشفون بخشبها، وفي أحد الأيام رأينا الدم يسيل من أغصانها كما يسيل من اللحم، فتحيرنا في أمرنا إلى أن حلّ الظلام فسمعنا صدور أصوات تأوة وتألم ترتفع حول الشجرة: يا ابن النبي، يا ابن الوصي.

لقد كان الجن يقيمون العزاء على ابن النبي ولم يمض وقت طويل حتى جاء خبر قتل الحسين عليه السلام بكربلاء وبعدها جفت الشجرة فلم يبق منها ساق أو جذور إلا واختفت نهائياً.

الكاتب زينب آل مرهون

زينب آل مرهون

مواضيع متعلقة