الصبر في سبيل أداء الواجب وإحراز النصر

img

رسمت واقعة كربلاء أجمل صور الصمود والثبات في سبيل العقيدة وتحمّل الصعاب حتى أضحت سبباً لمجد وخلود تلك الملحمة، والانتصار الخالد لتلك الفئة القليلة على الفئة الكثيرة، كما جاء في القران الكريم: {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (البقرة/249)، وقال أمير المؤمنين×:”الصبر يهوّن الفجيعة” (غرر الحكم ودرر الكلم)، من جهة أخرى كلما ازداد عامل الغلبة على المصاعب، وقوي ميزان التحمل تتضاءل شدة المصيبة، وينزل الله الصبر على المؤمنين، وكما قال الصادق×: “إن الله ينزل الصبر على قدر المصيبة”.

في ملحمة كربلاء كان الصبر مشهوداً في القول والعمل لدي سيد الشهداء وأهل بيته وأنصاره الصابرين الأوفياء؛ فلما أراد الخروج من مكة إلى العراق ألقى خطبة قال فيها: “رضا الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه فيوفينا أجور الصابرين، وخاطب أصحابه في أحد المنازل على طريق العراق ليلفت أنظارهم إلى خطورة الموقف وصعوبة ما هم مقبلين عليه فقال: “أيها الناس، من كان منكم يصبر على حد السيف وطعن الأسنّة فليقم معنا، وإلّا فلينصرف عنّا”، ولكن أصحابه لم يبدر منهم إلّا ما أحبَّ هو من الصبر عند لقاء الأقران، وتحمّل شدّة العطش، وهجوم العدو، والثبات حتى الشهادة مع قلّة الناصر، بل كانوا في غاية الفرح والسرور، حتى أن بعضهم كان يمزح في تلك الساعة ويقول: إنّي والله مستبشر بما نحن لاقون والله ما بيننا وبين حور العين إلّا أن يميلوا علينا هؤلاء بأسيافهم، ولو ددت أنّهم مالوا علينا الساعة، هكذا علّمهم الحسين أنّ الصبر جسر للعبور إلى الجنّة، فهو يقول لهم: ” صبراً بني الكرام، فما الموت إلّا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائم”، وعلّم درس الصبر حتى لأهل بيته وعياله، ودعاهم إلى الصبر والتحمل قائلاً: “انظروا إذا أنا قتلت فلا تشقن عليَّ جيباً ولا تخمشن وجهاً”، وتحمّلت أخته زينب ثقل هذه الملحمة الدامية، وكانت كل لحظة من وقائع الحادثة تعبيراً عن المقاومة والثبات، وحتى الكلمات الأخيرة التي تلفظ بها سيد الشهداء حين سقط على الأرض إنّما تعكس هذه الروح من الصبر والصمود، إذ قال: “صبراً على قضائك”.

الكاتب ــ ــ

ــ ــ

مواضيع متعلقة