مقامات الزهراء عليها السلام

img

بسم الله الرحمن الرحيم .. اللهم صلِّ على محمد و آل محمد و عجّل فرجهم الشريف ..

  يا رسول الله عون .. يا أمير المؤمنين مدد .. يا سيدة النساء توفيق .. يا أبا محمد الحسن جود .. يا أبا عبدالله الحسين نظر ..

يا أبا صالح المهدي أغثني .. يا سادتي تسديد ..

                         .

هي امرأةٌ استثنائيةٌ في كل شيء .. يأتيها الطلق فتذهب للصحراء بدلَ أن تلتجأ لمن يعينُها في أمر ولادتها ، تنقطع لله فهذا الذي تحمله بين أحشائها من الله وإلى الله ،       ، أما في المكان فهو غير مناسب أبداً للولادة : لا ماء للشرب ، لا طعام ، لا مهدٌ مهيأ لحفظ المولود ، لا مكان معد للاستراحة.

وتمد يدها لجذع نخلة ومن لطافة التعبير القرآني هو التعبير بجذع النخلة، ولأن الجذع يعني بدن الشجرة، فبذلك يعرف بأنّه لم يبق من تلك الشجرة إِلاّ جذعُها وبدنُها، أي إِنّ الشجرة كانت يابسة. لكنها تمد يدُها لتهزَها فترتجي منها تمراً .. وكانت لها كرامةُ الله .. و إضافةً لكونه مكاناً غير مهيأ للولادة فهو قصي .. أما أين ذلك المكان القصي فقد تعددت الأقوال و تباينت :

القول الأول : أنه وُلد في بيت لحم : ويعاضد ذلك ما ورد على لسان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله في صفة المعراج و أن جبرئيل أنزله في مكان فصلى ثم قَالَ له : صَلَّيْتَ فِي بَيْتِ لَحْمٍ ، وَ بَيْتُ لَحْمٍ بِنَاحِيَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ حَيْثُ وُلِدَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ( عليه السلام ) .

القول الثاني : أن مريم ( عليها السلام ) وضعت عيسى ( عليه السلام ) في كربلاء في موضع قبر الحسين ( عليه السلام ) ، فقد رُوِيَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ( عليه السلام ) فِي قَوْلِهِ : { فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا } ، قَالَ : ” خَرَجَتْ مِنْ دِمَشْقَ حَتَّى أَتَتْ كَرْبَلَاءَ ، فَوَضَعَتْهُ فِي مَوْضِعِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ( عليه السلام ) ، ثُمَّ رَجَعَتْ مِنْ لَيْلَتِهَا ”   .

القول الثالث : أن موضع ولادة المسيح بن مريم ( عليه السلام ) هو على صخرة بيضاء في أرض بَراثا أي موضع مسجد براثا الحالي  : رَوَى الْمُفِيدُ بأسناده عَنْ الإمام عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ( عليه السلام ) حديثاً مفصلاً جاء فيه : أن أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السلام ) لَمَّا رَجَعَ مِنْ وَقْعَةِ الْخَوَارِجِ اجْتَازَ بِالزَّوْرَاءِ ، فَلَمَّا أَتَى يَمْنَةَ السَّوَادِ إِذَا هُوَ بِرَاهِبٍ فِي صَوْمَعَةٍ لَهُ ـ فجرى بينهما حديث ، الى أن قال ـ فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ … : إِنِّي وَجَدْتُ فِي الْإِنْجِيلِ نَعْتَكَ وَ أَنَّكَ تَنْزِلُ أَرْضَ بَرَاثَا بَيْتَ مَرْيَمَ وَ أَرْضَ عِيسَى ( عليه السلام ) فَأَتَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السلام ) مَوْضِعاً فَلَكَزَهُ بِرِجْلِهِ فَانْبَجَسَتْ عَيْنٌ خَرَّارَةٌ . فَقَالَ : ” هَذِهِ عَيْنُ مَرْيَمَ الَّتِي أُنْبِعَتْ لَهَا ” . ثُمَّ قَالَ : ” اكْشِفُوا هَاهُنَا عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ ذِرَاعاً ” . فَكُشِفَ فَإِذَا بِصَخْرَةٍ بَيْضَاءَ . فَقَالَ ( عليه السلام ) : ” عَلَى هَذِهِ وَضَعَتْ مَرْيَمُ عِيسَى ( عليها السلام ) مِنْ عَاتِقِهَا ، وَ صَلَّتْ هَاهُنَا ” . ثُمَّ قَالَ : ” أَرْضُ بَرَاثَا هَذِهِ بَيْتُ مَرْيَمَ ( عليها السلام ) ” . و الله العالم بحقيقة الأمر .

وأيا كان المكان الذي وُلد فيه فإن هذا النبي العظيم قد ارتبط اسمُه بآل بيت المصطفى صلى الله عليه وآله ارتباطاً وثيقاً منذ ولادته ، فالقول الذي يقول بولادته في كربلاء يدلنا على ذلك ، و كيف أن أمه – إن صح هذا القول – تذهب لتأتي أرض كربلاء فقط ليُولد هذا المولود المبارك في موضع الكرامة الحسينية ، لنفهم بعد ذلك لم كان هو المختار لنصرة مولانا الحجة بن الحسن روحي فداه ومن يرفع للسماء ليُدخر لأيام الله التي يُطلب فيها بثأر ذبيح الله فهو من الحسين وإلى الحسين .

و بهذا النبي أيضا ظهرت كرامات و كرامات لأهل بيت العصمة و الطهارة منها ما ذكرناه من أمر الراهب و أمير المؤمنين عليه السلام ، ومنها حادثة المباهلة الشريفة و التي كان سببها مجادلة نصارى نجران للنبي الخاتم حول ولادة المسيح فإذا بهذا السؤال يكون سبباً لحادثة كبرى ظهر منها ما ظهر من فضل الأرواح النورانية لآل البيت و جلالتها عند الله ، وهذه الحادثة كم تحوي من إشارات عميقة و دلالات لا يصل لها إلا من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، ومنها ما يذكره الزمخشري قولاً و لا يعيه قلبه – وإلا لو وعاه لأصبح من أكثر الموالين يقيناً – لكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه ، يقول : ( و فيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء عليهم السلام ) ، نشير لهذا الفضل في نكتتين لطيفتين :

  •                               يقول : أن القرآن قدمهم : أي (الأبناء و النساء) في الذكر على الأنفس لينبه على لطف مكانهم وقرب منزلتهم ، و ليؤذنَ بأنهم مقدمون على الأنفس مفدون بها . مامعنى هذا الكلام .. أستاذ الحوزة العلمية المرجع الوحيد الخراساني يقف على قول الزمخشري متعجبا فيقول : يقول : حقاً إنها لكلمة عجيبة سطرها قلمُ مثلِ هذا الفنان ، و عندما يقول الزمخشريوليس أنا من يقولبأن هذا القرآن حينما قدم ذكر أبنائنا و نسائنا على أنفسنا ( التي تلتهم في الذكر ) فإن هذا يعني أن روح و نفس الحسن و الحسين و فاطمة الزهراء عليهم السلام مقدمة على روح رسول الله ونفسِه و أن هذا الفعل منه صلى الله عليه وآله وسلم يعني أنه يفديهم بنفسه . كيف لأنه لو فرضنا بعدم صدق الدعوى فإن العذاب سيقع على من تقدم أولا – وهو المصطفى روحي فداه – وسيصل إليه قبل أن يصل لمن تأخر وهي فاطمة التي يقع ترتيبها خلفه .
  • المقام الآخر و النكتة الأخرى يذكرها أستاذ الحوزة العلمية المرجع الوحيد الخراساني بقوله : كان رسول الله حين خرج على تلك الهيئة – والتي كانت كما تعلمون : خرج و عليه مرط من شعر أسود ، و كان قد احتضن الحسين و أخذ بيد الحسن و فاطمة تمشي خلفه و علي خلفهما – التفت إليهم ( إلى الزهراء و الأمير وابنيهما ) و قال : إذا دعوتُ فأمنوا ، دققوا في هذه العبارة ، لقد طلب منهم أن يقولوا آمين بعد دعائه ، ماذا يعني ذلك ( إن لهذا القول و الفعل من رسول الله معنىً ) وهو أن ما يقوم به النبي صلى الله عليه وآله هو انعكاس للوحي و تطبيق لآوامر السماء ، فعبارة : إذا دعوتُ فأمنوا تعني أن دعائي و أنا النبي الخاتم هو مجرد مقتضي و هناك شرط لفعلية هذا اقتضاء هذا المقتضي هو أنفاس فاطمة الزهراء عليها السلام و لابد ان تنضم آمينها إلى دعائي حتى تتحقق الإجابة . يقول : ما كان دعاء النبي ليتحقق حتى في مثل هذا الظرف الحساس أي حين مباهلة نصارى نجران إلا أن ترتفع إلى السماء أربع أيدي أخرى بالدعاء .

هذه الأيدي الطاهرة أتى عليها يوم أصبحت ترتعش من شدة الضعف و الجوع و التعب ، فشكر الله عملها فأنزل فيها سورة كاملة وهي سورة الانسان، وكما يقول العارفون إن لسورة الانسان خصوصية وهي : لخص الله سبحانه العالَم في آدم ( الانسان ) – أتزعم أنك جرم صغير و فيك انطوى العالم الأكبر، و فصّل آدم في صعوده و نزوله تفصيلاً في جميع أنحاء القرآن ، ثم عاد ليُلخّص الجميع في سورة الانسان ، لذلك سماها بالانسان .

في هذه السورة المباركة بعد أن طوى هؤلاء الأربعة ثلاث أيام خماصا و تصدقوا بأرغفتهم تقول الرواية : ( فلما أصبحوا – في اليوم الثالث – أخذ علي بيد الحسن و الحسين و أقبلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما أبصرهم و هم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع ) الرعشة اعتلت و أصابت قالع باب خيبر فوقف وابناه بين يدي الرسول وهو يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع ، تُرى أي مشهد و منظر كان ذاك الذي جعل رسول الله يقول : ( ما أشد ما يسوءني مما أرى بكم ). كم كانت القضية كبيرة و عظيمة بحيث أطلق رسول الله هذا التعبير عن تعجبه مستعملا صيغة أفعل التفضيل في الشدة فقال : ( ما أشد ما يسوءني مما أرى بكم ). وقام وانطلق معهم ، لماذا قام ؟

إذا كان هذا هو حال قالع باب خبير الرجل القوي علي ، فكيف سيكون حال امرأة وبطبيعة الحال المرأة أضعف قوة من الرجل ، لكم أن تتخيلوا امرأة انقطعت عن الطعام ثلاثة أيام بلياليها و هي مع ذلك تخبز الطعام و تقوم بأمور بيتها و عيالها وتؤدي فروض طاعتها لربها ؟ ماهو المتوقع : غير أن يكون الضعف قد نال منها و أخذ منها كل مأخذ حتى أرقدها و خلفها طريحة الفراش ؟؟

لكن الذي رآه الرسول صلى الله عليه وآله هو غير ذلك : تقول الرواية : ( فرأى فاطمة في محرابها ).. رغم الضعف الذي ألم بها إلا أنها لم تفارق محرابها .. و بأي حال كانت : قد التصق ظهرها ببطنها .. و هل كان هذا فقط : كلا .. بل : و غارت عيناها ، فنزل جبريل ( يقول الاستاذ ) وهنا بيت القصيد – و الكلام لازال للمرجع الأستاذ ، كل ماأذكره من تأملات في الروايات هو من شرح المرجع الأستاذ  – ، و قال : خذها يا محمد هنّأك الله في أهل بيتك ، فأقرأه السورة ) .هنأك الله : تهنئة و تبريك للنبي على نجاحه في دوره الخاتم من خلال رعايته لذلك الغرس حتى أثمرت شجرة الوجود ، تعني أنك ربيت أسرة فعلت فعلاً و أنجزت عملاً كانت هذه صورته الظاهرية أما سريرته و باطنه فقد كان : إنما نطعمكم لوجه الله ..

فاطمة عند الجوع تقتات بالتسبيح و التهليل و التقديس ، هكذا كانت منذ خلقها ورد في الرواية الشريفة عن النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم : ( خلقها الله عز وجل من نوره قبل أن يخلق آدم إذ كانت الأرواح فلما خلق الله عز وجل آدم عُرضت على آدم. قيل يا نبي الله وأين كانت فاطمة قال: كانت في حقة تحت ساق العرش قالوا: يا نبي الله فما كان طعامها قال: التسبيح والتقديس والتهليل والتحميد).

الزهراء عليها السلام لم تكن امراة .. يقول الأستاذ الذي وصل لمراحل عالية من الفقاهة و الاجتهاد و المعرفة انظروا إلى اهل العلم والمعرفة ماذا يقولون عن فاطمة ، يقول : لو وصل الانسان إلى حد الفقاهة فسيرى حينها أن فاطمة الزهراء عليها السلام ليست امرأة بل لو أراد أن يعبر عنها فلا بد أن يكون تعبيره مركباُ من كلمتين لكي تستطيع تلك الكلمتان الحكاية عنها ، و تلك الكلمتان هما الأنسية و الحوراء . يقول في موضع آخر : الصديقة الكبرى موجود فوق أن يُعبر عنه و أن يوصف وأن أي عبارة مهما بلغت من الدقة ستكون قاصرة من جهة الموازنة مع الواقع و بيان الحقيقة .. حينئذ سيدرك و يفهم : ( إنما سُميت فاطمة لأن الخلق فطموا عن معرفتها ).

لذلك مثل هذا الموجود الرباني كان لابد للرسول أن يُعرف الناس به لأنهم قاصرون عن معرفتها ، لذلك تقول الرواية أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج ذات يوم و قد أخذ بيد فاطمة عليها السلام وقال : ” من عرفها فقد عرفها ” ماذا يعني أن يخرج النبي ممسكاً بيد فاطمة فهذا الفعل الذي قام به النبي مع هذه المرأة هو نفس الفعل الذي قام به مع ذاك الرجل يوم الغدير ، ففي يوم الغدير قام بهذا الفعل مع الرجل الأوحدي في العالم فقد أمسك بيده وعرّفه للناس، و قام مرة أخرى بنفس الفعل مع الزهراء ( المرأة الأوحدية ) في العالم وقال : ” من عرفها فقد عرفها ” . أما من لم يعرفها فسوف أعرفها له . فكيف عرّفها النبي ؟

لقد عرفها بالتدريج مرتبة بعد مرتبة ، في المرتبة الأولى عرفها بقوله : بضعة مني ، وفي المرتبة الثانية قال : و هي قلبي الذي بين جنبي .

هذه هي فاطمة .. فاطمة هي القطب و المحور الذي به يبدأ الله تبارك و تعالى في حديث الكساء .. هم فاطمة وأبوها وبعلها و بنوها .

فمالذي فعلت فاطمة حتى أصبحت محورا ؟ و مالذي عملت حتى صارت قطباً ؟ و مالذي صنعت حتى غدت قلباً لقلب عالم الوجود ( قلبي الذي بين جنبي ) .؟ و مالذي قامت به حتى وصلت إلى ذلك المقام الذي قال فيه النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم : من صلى عليكِ غفر الله له وألحقه بي حيث كنتُ من الجنة ” .

فاطمة سر من أسرار الله ، قلب فاطمة كان سراً و ما كان في ذلك القلب كان سراً ، قدرها و مقامها كان سراً ، قبرها الذي اكتنف ذلك الجلد و العظم كان سرا ، حتى وقت وفاتها سراً ، حينما أصبحت كالخيال كان بدنها الملقى على خشبة المغتسل عبارة عن شبح فقط و لم يبق إلا نفس خافت و مقلة إنسان باهت ، مالسبب ؟؟ آلامها كانت سرا ، لوعتها كانت سرا ، فهي سر في سر ..

لذلك ينادي الأمير عليه السلام أخاه المصطفى صلى الله عليه وآله حين دفنها بقوله : (فأحفها السؤال و استخبرها الحال)، ألح عليها في السؤال ، اسألها كثيراً عما أصابها من هذه الأمة ( فكم كم غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلاً ) ، فقد أضمرت في قلبها الكثير من المصائب و لم تجد في الدنيا موضعاً لكي تتحدث بغصصها و يُعلم من هذا أنه كان في قلبها بعض المصائب التي لم تذكرها حتى لعلي عليه السلام .

فقط أقف معكم على بعض من الأذى النفسي الذي تعرضت له السيدة الزهراء عليها السلام .. لن أذكر تفاصيل ماجرى عليها من أذى جسدي من الضرب و الركل و الرفس الذي يُحرق الأجفان ،

 فقط موقف واحد وأسالكم الدعاء : هذا الموقف على لسان ابنها صادق آل محمد في مقام تعداد مصائب البضعة يقول لأحد أصحابه المقربين ويدعى المفضل بن عمر يقول في حديث طويل : وجمعهم الجزل والحطب على الباب لإحراق بيت أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وزينب وأمّ كلثوم وفضّة ، وإضرامهم النار على الباب ، وخروج فاطمة عليها السلام إليهم ، وخطابها لهم من وراء الباب – 

نفس خطاب هذه العفيفة للملعون يعتبر مصيبة ، هذه الخفرة ما كلمت أجنبي و لم ترها عين و إذا بها تضطر لمخاطبة الاجنبي المعاند و ليت الامر وقف عند ذلك الحد بل و تضطر لمدافعته بنفسها بابي هي و أمي –

وقولها : ويحك يا عمر ، ما هذه الجرأة على الله وعلى رسوله ؟ تريد أن نقطع نسله من الدنيا وتفنيه وتطفىء نور الله ؟ والله متمّ نوره ، وانتهاره لها ، وقوله : كفّي يا فاطمة ، فليس محمد حاضراً ، ولا الملائكة آتية بالأمر والنهي والزجر من عند الله ، وما عليّ إلا كأحدٍ من المسلمين ، فاختاري إن شئت خروجه لبيعة أبي بكر ، أو إحراقكم جميعاً . – يالوقاحة هذا الملعون ، من أنت حتى ترد على فاطمة قولها فضلاً عن أن تخاطبها بهكذا خطاب.

فقالت وهي باكية : اللهمّ إليك نشكو فقد نبيّك ورسولك وصفيّك ، وارتداد امّته علينا ، ومنعهم إيّانا حقّنا الذي جعلته لنا في كتابك المنزل على نبيك المرسل :

فقال لها عمر : دعي عنك يا فاطمة ، حمقات النساء ، فلم يكن الله ليجمع لكم النبوّة والخلافة . وأخذت النار في خشب الباب ، وإدخال قنفذ يده ( لعنه الله ) يروم فتح الباب ؛ وضرب عمر لها بالسوط على عضدها حتى صار كالدملج الأسود ؛ وركل الباب برجله ، حتى أصاب بطنها وهي حاملة بالمحسن لستّة أشهر ، وإسقاطها إيّاه ، وهجوم عمر وقنفذ وخالد بن الوليد ؛ وصفقه خدّها حتى بدا قرطاها تحت خمارها ، وهي تجهر بالبكاء ، وتقول : واأبتاه ، وارسول الله ابنتك فاطمة تكذّب ، وتضرب ، ويقتل جنين في بطنها.

وهذه المصيبة أيضاً ورثتها زينب من أمها لذلك تخاطب أخيها :

يا عباس صوتي الكان ما ينسمع سمعوه

وطولي الكان ما ينشاف شافوه

يا عباس خدري الكان ما ينداس داسوه

ضربوني وحيدر أبوي الفحل شتموه.

الكاتب أم أحمد مهدي

أم أحمد مهدي

مواضيع متعلقة