بشراكم !! اليوم جاهلية أخيرة ……الجزء الثاني

img

وامحمداه  !!!!    وامظلوماه !!!!!

    وآخر مراحل التآمر في عهدنا هذا،  هو السعي الحثيث لخلق مناخات ملائمة تكون الشهوات سيدة الموقف وأحياؤها حاجة ملحة وضرورة عظمى  ! والإبداع في خلق أحداث و تفسيرات ومبررات وأعتراضات لأحداث تاريخية  سابقة يراد تنميتها ورعايتها وتأجيجها  لخدمة مصالحهم الشيطانية   ! أو لأساسيات وركائز إسلامية مختلقة  تضرب الدين وأركانه في الصميم وتشكك في مصداقية الدين  السماوي المزعوم ! أو مصداقية الممارسات والتطبيقات له  !! تلك ضرورة حتمية وجُعِلَ اللعب عليها وعلى وتيرتها  على كافة الأصعدة مسألة حياة أو موت  !! ومن أجلها لا بد من تكريس مواقف وأحاديث تُبْرِزُ ما خفي على الآخرين من مواضع ضعفٍ  ونقصٍ  للنبي محمد ( ص)   وللأنبياء الآخرين -( استغفر الله وأتوب إليه فناقل الكفر ليس بكافر ) – تُأَوِلُها العامة كل حسب نظرته واستعداده لاستباحة حرمة الرسول الكريم ( ص ) وحرمة الأنبياء ( ع )   وحرمة أولياء الله الصالحين  !!! : قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم – ما أُعِزَ الله بجهلٍ قط ولا أُذِلَ بحلمٍ قط “. وقال الله تعالى : “يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ ، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ، لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ “.

         وإن اقتصر الأمر بادئ ذي بدء على خاطرة شيطانية ودعابة عابرة سريعة مستهجنة ومدعومة باستغفار وتوبة غير صادقة ، تكبر مع الأيام وتصبح منهجاً وسلوكاً عاديين  ، ونمط  وروتين تقتات عليه القلوب والعقول بحيث تصبح مسلوبة الحس والإرادة مسيرة الإتجاه ، فلا إعمال للعقل  ولا تقييم  لما يشاع من أنماط وسلوكيات منسوبة إلى رموز الأمم العظام ممثلي إرادة السماء ،  ولا مبرر للحرج من الإساءة لأعظم رمز ديني هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم -نظرياً –   وهم في غفلة ساهون  وسبات عميق سبات أهل الكهف ! قال الحق: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَىٰ أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ”. وقال (ص): ” إن المستهزئين بالناس يُفتح لأحدهم باب من الجنة، فيقال: هلم هلم! فيجىء بكربه وغمه، فإذا أتى أُغلق دونه ثم يُفتح له باب آخر، فيقال: هلم هلم! فيجىء بكربه وغمه، فإذا أتى أغلق دونه. فما يزال كذلك حتى يفتح له الباب، فيقال له: هلم هلم فما يأتيه “.  قال اللطيف الخبير :” وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنْ الْجِنِّ وَالاِْنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَ يَسْمَعُون  بِهَا أُوْلَئِكَ كَالاَْنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمْ الْغَافِلُونَ ” . كما قال تعالى :”  وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ”. كما قال الحق العدل :” وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ “.

  ولقد استهزئ برسول الله في الجاهلية الأولى وصبت عليه مكايل من السباب والقدح والذم بسبب رسالته السماوية ودعوته إلى عبادة الواحد القهار ،   وقيامه بها على أتم وجه دون كلل ولا ملل ، ولقد عير بفقره ويُتْمِهِ  ! قال تعالى :”وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ “. كما قُذِفَ بالجنون والسحر والخروج عن ملة أجداده وبالكهانة ،قال العليم الخبير :”.وَعَجِبُوا اَنْ جَاءهُم مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الكَافِرُونَ هَذا سَاحِرٌ كَذّابٌ “. وقال الحق تبارك وتعالى :” وَقَالُوا يَا اَيُّهَا الّذَي نُزّلَ عَلَيْهِ الذّكْرُ إنّكَ لَمَجنُونٌ “.   ثم طعن في نسله وعُيرَ بأنه أبتر لا عقب له فنزل الوحي ببشارة سورة الكوثر التي ترفع نسل النبي محمد  ( ص ) المتمثل بفاطمة الزهراء – سيدة الأولين والآخرين خلا أبيها وبعلها ( ص ) -إلى عنان السماء وأنَّ لا مثيل لعقبه  ( ص ) بالمطلق ، قال الحق :” إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ، إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ  “.  بينما أعداء النبي هم البَتْر  ( لا عقب لهم ) !! قال تعالى :”إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ، إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ  “.   وآذوه جسدياً وأسالوا دمه الطاهر  ( ص ) بجراحات شتى ولم يتوانوا عن رميه بالقاذورات وأدران أكراش حيواناتهم وهو قائم يصلي في حرم الكعبة المطهرة ، وما انفكوا يكيلون السباب والشتائم ، ويخططون المكائد والدسائس ضده  ،  وما برحوا يخططون لقتله لعلهم يغتالوه ويُريحوا ويرتاحوا من ذاك النور العظيم ! فحصار بيته الشريف ليلة  هجرته بأربعين فارساً من خيرة فرسان قبائل قريش لشاهد بَين على عِظَمِ وفُحْشِ  ما اقترفت قريش في حق رحمة الله  ( ص ) إلى الناس أجمعين !!وًرغم ذاك  ما استطع كفار قريش الذين عاصروا النبي أن ينسبوا إليه فعل الفاحشة أو سوء الخلق فهو الصادق الأمين في نظرهم  قبل البعثة بالطبع !

      غير أن  معاصري الجاهلية الأخيرة تفوقوا على كفار قريش وتمكنوا عبر الأبواق المأجورة والعمائم الظلامية وعباد الهوى والطواغيت والمدعين بُهْتاً وزوراً أنهم ورثة الأنبياء وحملة الكتاب  وحراس المعبد  –  قدامى وآخرين معاصرين  – من  القدح في سمعة كامل النور الإنساني حبيب الله الذي لم ينل غيره من الأنبياء ( ع )  شهادة الله  له بحسن الخلق ، قال الخالق الحق العدل :”وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ  “.  . “. بل إن  مشيئة الله أرادت وبشكل صارم أن لا تدع مجالاً لتأويل أحاديث وأفعال رسول الله  ( ص ) وأخذها على عوانيها ، فقال الحكم العدل :” مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ، عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى “.وقال سبحانه:” وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ “.   فمصدر أقوال وأفعال الرسول المصطفى ( ص ) هو الناموس الأعظم أوامر الله وتشريعاته وأحكامه  ،   فأنى له أن يأت بفاحشة ؟ لا بل أنى له أن يأت بزلة  ؟! وهو المسدد الخطى المعصوم من الغفلة  الطهر المطهر من الأنجاس والأدران الحسية منها والمعنوية ، هو  الذي قال عن نفسه الطاهرة :” تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا “.فلا تجوز عليه ولا على أهل بيته الأطهار الغفلة !  ثم هو القائل ( ص ) :” بعثت لأتمم مكارم الأخلاق “.  كما ذكر الله جلت قدرته طهارة النبي طهارة مطلقة فقد قال الله تعالى :  إنّما يُريدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ البَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً”.

   فإذا كان الأمر الإلهي صريحاً واضحاً لا لبس فيه فلا يختلف إثنان  عاقلان على تفسير أحاديث الرسول ( ص ) فكيف السبيل إلى تشويه سمعة وكرامة المخلوق الكامل الأخلاق ربيب الله تعالى؟؟! قال رسول الله  (ص ) :” أدبني ربي فأحسن تأديبي “.

 قف واستمع لأصداء نعيقهم [وجدتها!!!!! وجدتها!!] إنها مؤامرة قذرة منبعها شيطاني وأساسها شيطاني والعاملين فيها إما شياطين الإنس والجان وإما عبيد الدنيا  والطواغيت  لا ثالث  لهم ، قال الحق :”.ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ “.  والحل في رأيهم  سحق كل خُلقٍ وقيمة سامية تنسب إلى رسول الله ( ص ) تحت أقدامهم وأقدام المغفلين من أتباع هذه الأمة ، ونسبة الفحش والشين  والخطايا إلى معلم الأمم كلها القيم والمبادئ والأخلاق ، والغاية تصويره على  أنه شخصية باهتة لا تميز فيها!!  بل إنها شخصية منفرة  غريبة الأطوار تدعي ما ليس فيها وتأمر الآخرين بحياة  سأم وضجر خالية من المتع وخاوية من كل لذة  !! حياة تقشف وزهد وعبادة جوفاء لا تتبناها صاحبة الدعوة نفسها !!  بينما هي شخصية لاهية عابثة  تقتنص اللذات والمتع اقتناصاً بل هي شخصية متكالبة على ملذات الدنيا  وزخرفها وخاصة الجنسية منها !  بينما تأمر الآخرين بالقبض على جميرات من نيران الكبت والتعفف وحرمان النفس من كل لذة حلال هي أم حرام  !! ويجب  العمل على تصويرها على أنها ألعوبة بيد أصحاب الرأي الحصيف والقادرين على رؤية ما يتوق الرب إليه من خطوات  قيمة مسددة تمكن المجتمع الإسلامي من تثبيت أساسات مجتمع مثالي لا يتزعزع من حيث القيم والأخلاق والمنهج القويم  والعبادات التي لا مثيل لها لا في السابق ولا اللاحق !!  فيبادرون إلى أبداء الرأي الذي يتفق وإرادة السماء فينزل أمر الله بموافقة هؤلاء وإركان هذه الشخصية المسخ جانباً والتي لا يُعلم أسباب إصطفائها على الخلق أجمعين ؟!!!  [ أتوسل إلى الله ألا يقذفني بصاعقة أو عقاب أليم  لجرأتي المتناهية على الله ورسوله ( استغفر الله وأتوب إليه )] كما أنه لابد من أظهر هذه الشخصية المترددة المنافقة على حقيقتها فلها في كل ظرف لبوس !! وربها يحملها ما لا تستطيع تحمله ! ولا قابلية أو قدرة على إبداء رأيها في كثير من الأمور ؟!- وهي في الحقيقة نقيض شخصية خاتم النبيين التي نعرفها -!! هكذا هي المؤامرة الخسيسة التي يراد تنفيذها !؟؟  فهل من فرية أقبح من نسبة أفعال  وأقوال مشينة لرسول الله ( ص ) ؟! لا تُعقل أن تنسب إلى مؤمن ضعيف الإيمان إلا وعدت فرية سمجة !! وبهتاناً يوجب غضب الرب وانتقامه والعقاب الأليم !! قال تعالى :”.وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ “.   إنما هم جبلة مستفيدة منتفعة  من تأسيس قواعد  وأركان لبيت العنكبوت قوامه  أحداث مريبة  وبدع غريبة الأطوار  صيرورتها إلى  قَطْعِ دابر الدين الجديد وربه، وسحق هامات الرموز العظيمة وأتباعها  وبتر نياط القلوب المتعلقة برب السموات الأرض ، وتدمير كل وشيجة مرتبطة بالكتاب والسنة المطهرة  ، واغتيال الحكمة والمنطق  قبل أن يتغلغلا في النفوس ويتمكنا من القلوب للعودة مجدداً إلى أحضان الجاهلية عبر عبودية قهرية قصرية لمبعوثي الشيطان الأكبر  بني آكلة الأكباد القدامى والجدد منهم !!

    مؤامرة دبرت بليل ؟! ومن الطبيعي أن تتم المؤامرة  في حقبة أموية ظلامية صنمية لعب الدرهم الشيطاني لعبته في شراء الذمم والأقلام القابلة للبيع !! إنها سُخرةٌ لنفث السموم والأحقاد في الجسد النبوي وآله معتمدين سياسة الحط من بيت النبوة والإعلاء من شأن الصحابة ،  حتي يصار المعصوم بدعة من الرسل يَقولُ ما لا يفعل ولا ينته عما ينهى عنه !  حقاً إنها لعبة شيطانية لُعِبَتْ بإحكام وخبث متناهيين حتى بلغ السيل  الزبى  حين جُعِلَ بعض من الصحابة يصححون مسار النبي قولاً والأَمَرُ من ذاك  عملاً أيضاً !!! بل ذهب البعض إلى  موافقة الله  وترجيحه لأقوال الصحابة واسقاطه لرأي النبي محمد المصطفى ( ص )  الذي قال الله تعالى فيه :”.وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ،  إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى  ، عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى “. وقال جلت قدرته :”  وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُون “.كما قال الحق :” وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ “. ! كما قال :”

وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ “.

ونجحت المؤامرة أو كادت !!  وتقبلت جماهير الأمة تلك الأحاديث المفبركة دون تمحيص ولا تدبير ودون حرج أو استغراب  !!! ودون أدنى شعور بمرارة الإمتهان والإستخفاف برسولهم المعصوم !!قال الحق العدل :”وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ “.    فأيهم سيد البشرية المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى  ؟!!! وهل الذي تَرَشَحَ بعلم سماوي من لدن رب عليم يقاربه فكراً أو حكمة أو دراية عوام الناس كائناً من كان  ؟؟! وإن كان أرسطو زمانه أو كان ذاك  سقراط !؟ هل يصدق جاهل لا عالم !! قدرة أحدهم محاكاة متلقي العلم والحكمة من علام الغيوب !!  قال العدل الحق :”.إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً  “.  يا قوم أليس فينا عاقل رشيد فَيُحَكِم العقل الذي يستصرخنا فيقول ما لهذه الترهات تنتشر بين الناس انتشار النار في  الهشيم !؟ يا قوم  إنه النبي المعلم بلا تعليم والقابض على منابع الحكمة ومركز البينات والحقائق  بلا  غريم ! إنه مدينة العلم!  قال رسول الله ( ص ) لعلي ( ع ) :” أنا مدينة العلم وعلي بابها     “. وقال ( ص ):” أنا مدينة الحكمة وعلي بابها  “. ثم قفوا لحظة ولنميز الخبيث من الطيب !!!لو افترضنا جدلاً الغلبة والكلمة الفصل لغير رسول الله أليس في ذلك امتهان  لله  مالك الملك قبل مبعوث السماء الذي قصرت قدرته عن اختيار الأصلح والأكفأ لحمل رسالته إلى العالمين ( استغفر الله وأتوب إليه )  ؟! أيفتى ومالك في المدينة ؟! شاهت الوجوه !!قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- : “ما أعز الله بجهل قط ولا أذل بحلم قط”. كما   قال رسول الله ( ص ) :” من دعا بدعاء الجاهلية فله جثوة من جثي جهنم “

       ولا يتبادر لذهن أحدكم أن ما فعله بني أمية حباً بالصحابة وإنما كرهاً وحقداً على بني هاشم الذين اصطفاهم الله سبحانه وخصهم بالنبوة والإمامة ( ص )  قال تعالى:”وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ “.  فأحقاد بني أمية لبني هاشم يرجع إلى ماضٍ سحيق وفجوة عظيمة بين النقيضين  – [أبناء بني هاشم النبلاء وأبناء بني أمية السفهاء ثم لاحقاً أضحوا أبناء الطلقاء ، فهم الموصومون في الإسلام بوصمة  التبعية لبني هاشم بدخولهم في دين الله على مضض يوم فتح مكة -]  منهجاً وخلقاً وسلوكاً ومعاملة ومجداً،  ذاك من تَرَسُبات ما  قبل الإسلام بدهور لا مجال للعروج عليه في موضوعنا هذا ، غير أن نتائجه التراكمية والكارثية على المجتمع الإسلامي أضحت أظهر من أن تنكر أو تحتاج إلى دليل ! فالأمة منقسمة عل نفسها ويخشى عليها من الضيعة وفقدان الطريق ولا أدل على قولي هذا من تناحرهم على صحة الأحاديث المساقة عن رسول الله (ص ) بين منكر وداعم لها ؟مما يعني التشكيك في مصداقية ألف باء الإسلام ورموزه !!!!! تمعن معي إلى بعض من  تلك الأحاديث المفبركة ثم لنا حديث آخر !!!

   – من المفارقات العجيبة أن حديثاً يزكي النبي ويميزه عن سائر البشر باعتباره كامل النور الإنساني المتلقي تربية إلهية تجلت فيه بأبهى معانيها  يطل علينا مَنْ يُضَعِفُ الحديث أو يلغيه  !!! ولماذا ذاك ؟! لست أدري  !! تمعنوا معي سيداتي وسادتي القراء الحديث أولاً : يقول رسول الله  صلى  الله عليه وآله وسلم :” أدبني ربي فأحسن تأديبي “. هل في هذا الحديث مايخالف الواقع فننكره ؟! أو فيه ما يخالف المنطق فنركنه جنباً ؟! أو فيه مبالغة وإسفاف لا تقبله  الفطرة السليمة والعقول الواعية فنتدارك الأمر بتضعيفه وإلغائه ؟! ومن المشهور عند علماء السنة أن  هذا الحديث :(( أدبني ربي فأحسن تأديبي )) أنه ضعيف وقد  رواه ابن السمعاني في أدب الإملاء والاستملاء ص 1 ، ونسبه السخاوي في المقاصد ص 29 للعسكري في الامثال وضعفه ايضاً الألباني ،انظر سلسله الاحاديث الضعيفه 1/101 -102 وقال شيخ الاسلام ابن تيميه : إن معناه صحيح ، ولكن لا يعرف به إسناد ثابت ،وانظر مجموع فتاوى شيخ الاسلام ابن تيميه 18/375 وأحاديث القصاص” (78) .وأورده الشوكاني في “الفوائد المجموعة” (1020) . والفتني في “تذكرة الموضوعات” (87) .والسؤال يعيد طرح نفسه ما الداعي الى تضعيف حديث ذا قيمة عملاقة تضيف نوراً على نور لمناقب سيد البشرية وأبي المكارم من النبل والخلق العظيمة  ؟! فإن لم تكن الغاية الحط من مكانة سيد البشرية وتسويق مناقبه على أنها ترهات أو خزعبلات لا يجوز التوقف عندها بل يقتضي الأمر تناسيها برمتها ؟ !!فما العلل لتلك المحاولات البائسة ؟!

  لا مفر من الإحتكام لقول الله الفصل في نبيه ثم نقارب الحديث من قوله تعالى :”.وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ “. وقال العلي الأعلى :” لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً “. وقال اللطيف الخبير :” قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ  “. يأمرنا الله تعالى بأمر لا رجعة فيه بالإقتداء بأخلاق  النبي وسلوكيات النبي وأفعال النبي وسكنات النبي ونتبعه إتباع ظله بل ندور في فلكه حيث دار ، إن كان المرام رضا الله والجنة ، فتأويل الأيات البينات على أنها خطوط حمراء لا يجوز تجاوزها وأن الله خط لنا منهجاً يحرم  علينا أن نحيد عنه لحياة مثالية راقية سامية بكل مضامينها ، ولضرب عصفورين بحجر واحد  الفوز في الحياة الدنيا بحياة كريمة سمتها العقل والحكمة ،   ولضمان نعيم الآخرة باتباع النبي صاحب اليد الطولى في القبض على مقاليد مكارم الأخلاق وينابيع الحكمة  وتجسيد الحالة الفوق ملائكية في الترفع عن الدنايا وعن التكالب على متع حيوانية زائلة عما قريب ، وأن الحياة هي حسن المعاملة وحسن الأدب مع الكبير والصغير ومع البر والفاجر على حد سواء  فقد قال رسول الله ( ص ) :” الدين المعاملة “. وأن محمداً ( ص )  يجسد حالة استثنائية من مجموعة من السلوكيات القويمة والمنهج الرباني لكوكبة من الأخلاق المتكاملة  المتفاعلة مع كل زمان ومكان  والباقية بقاء الدنيا -ولو كره المتآمرون -،  لمجتمع يتسم بطابع عقلاني حكيم  يسوده الوئام والمحبة ويجلله الصراط المستقيم  ، وهذا ما يفسر قوله تعالى :” وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ”.

   ومن حتميات الخُلق العظيم أن يكون المتبوع القدوة  في هكذا منهج معصوماً طاهراً لا يقارب الفحش والخبائث ما كبر منها وما صغر  ، ويجتنب القبائح والخطايا قولاً وعلى القطع  فعلاً ، كما لا يقارب النوايا السيئة مطلقاً ، وعليه لابد أن يكون المسدد هذا النبي حبيب الله معصوماً طاهراً نقياً  شفافاً زاهداً في متع زائلة  وهذا مرده  قوله تعالى :” إنّما يُريدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ البَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً”. كما أن الله توعد من يحيد عن أمر رسول الله بالعذاب الأليم فقد قال تعالى :” وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا “. ومن منطلق الآية المباركة يتضح لنا حتمة إتباع النبي وأخلاقه السامية واتخاذ سلوكياته منهجاً مصيرياً ومسألة حياة أو موت لعدم توافر البديل لها من قبل أتباعه في الأوامر العبادية ،  فلا أعتقد أن عاقلاً يرضى لذاته تصديق واتباع أوامر شخص ناقص الأدب غير متوازن الخلق  ، ففاقد الشيء لا يعطيه ، فإذا لم يكن قدوة في بديهيات الأخلاق والمعاملات  !  فكيف يؤتمن أو يصدق في مسألة حساسة مصيرية كأوامر الله تعالى ؟!!

وبعد هذا لا يعقل أن يشكك عاقل بصحة الحديث وإن لم يروه سواء شخص واحد  ، لتطابق الحديث بحكم الله الفصل ولتطبيقات الرسول السلوكية العملية النورانية  على أرض الواقع،  بل إني من موقعي البسيط هذا  سأذهب بعيداً حين أقطع  جازمة متيقنة  أنه لو لم يُوجد هذا الحديث ، أو لنفترض جدلاً  أنه مفبرك ! لأمنت به ولتيقنت بوجوده ،  ولسعيت إلى إيجاده ولشمخت زهواً بهذا الحديث  المفبرك -إفتراضاً -وصيرته حقيقة لا مجال لل -لبس فيها ، على أنه صادر عن رسول كريم  ( ص ) على خلقٍ لم ولن تعرف البشرية مثله ، نعم هذا الحديث نتيجة طبيعية تراكمية للحالة الخُلقية والنفسية الباطنة منها والظاهرة للنبي الذي تربى  وترعرع في عين الله منذ نعومة أظافره  ، وكل الوقائع على الأرض تؤكد أن الرسول المصطفى ( ص )  نشأ نشأة ربانية وتخلق بأخلاق رحمانية من لدن رب قادر مقتدر،  حتى أن بعض الروايات المتداولة  من قبل بعض المسلمين والتي يدور حولها بعض من الإختلاف ، تذكر أن النبي محمد الطفل( ص ) كان يلعب مع بعض من أقرانه في بادية الحجاز وإذا بملكين يتقدما إليه فيطرحانه أرضاً ويشقا صدره ويستخرجا نكثة  سوداء من قلبه ثم يعيدان قلبه وصدره إلى وضعهما الطبيعي !! والمقصود بتلك الحركة تطهير النبي من الشر وخبائث الأمور حسب زعمهم فإن دل ذاك على شيء فإنما يدل على إجماع الأمة على وجوب طهارة النبي محمد  ( ص ) المادية والمعنوية ! مما يشكل ضمانة له  ولأمته من الزلل وعليه فهو الفاضل المهيء لمكارم الأخلاق من لدن رب عظيم !!

   وعجبي من أتباع هذا النبي وهو قائدهم وعظيمهم وكبيرهم فعوضاً عن مباهاة الأمم بشرف الإنطواء تحت عباءة هذا الكريم على ربه،  وشعورهم بنشوة المنتصر الذي ظفر بعز الدنيا  والآخرة  ، مشاعر  تجتاح كيانهم وتتلبس أرواحهم  كون حبيب الله وصفيه سيدهم ومولاهم وهم جزء لا يتجزأ من نور المصطفى الذي هو نور  على نور دون سواهم من البشر ، وهو ذاك السيد  المطاع ثَمَّ أمين الهادي المهدي ( ص )  المصطفى بمناقب لا تعد ولا تحصى،  وراية الفخر والإعتزاز بل الشموخ والزهو ترفرف خفاقة  في كل مناسبة كون عظيمهم الرمز لكل خلق وفضيلة ومكرمة ،  وأنه السراج المبين  الذي  فاق  الخافقين  في كل بحر ومحيط ، خُلقاً وأدباً وسلوكاً وعلماً وحكمة  ويقيناً وعبادة ….إلخ …..إلخ ، قال تعالى :” إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ “. تراهم يسلخون جلده ويعرونه من كل منقبة وميزة !! ويتعاطون حياكة الخبائث والدسائس  له بوتيرة متسارعة يسابقون الزمن لعلهم يتمكنون من هدم صرح عملاق غير قابل للهدم  !!! صورت لهم نفوسهم المريضة أنهم يستطيعون هدم ما خط بالقلم!!!   قال تعالى :”يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ “. كما قال الحق :” يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ “.

    ولصالح مَنْ تجريد النبي من كل مناقبه ؟! لصالح مَنْ تقويض نوره وضيائه ؟ ألصالح عدو الله ورسوله والمؤمنين !!ألصالح  الجبت والطواغيت وأتباعهم من بني آكلة الأكباد عليهم لعائن الله تعالى ؟ !  قال الملك تبارك وتعالى  :” لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ “.   فكيف يستقيم ذاك مع زَعْمِهم أنهم يؤمنون بالله ورسوله واليوم الآخر .!!! أبعد الحق يتبع الباطل ؟! أبعد النور تطلب الظلمات ؟!! والله  بكسر الهاء لقد أضحينا أضحوكة الأمم !! ..قال الله تعالى مخاطباً حبيبه المصطفى :”  وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا  “.

 فالفطرة السليمة التي فطر الله الخالق العظيم الناس عليها  كما  القاعدة العرفية والمجتمعية  متلازمتان  ومتضامنتان  ومتعاضدتان بصورة توافقية بديهية على أن الإنسان يتبارى في تلميع صورة كبيره بحيث يجعله أسطورة من المناقب والمعاجز  لا عيب ولا خدش فيها،  فإن لم يكن له كبير أوجد هذا الكبير القدوة لسد النقص في شخصية هذا المخلوق الضعيف الناقص ، ولكن ماذا فعل السفهاء منا ؟!!!!! قال الحق تبارك وتعالى :” إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۚ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۚ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ “.   آه يا أمة ضحكت من عارها الأمم ؟! قال رب محمد ( ص ):” فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ .”

الكاتب ام عزيز (سلوى الشيخ علي)

ام عزيز (سلوى الشيخ علي)

مواضيع متعلقة