إرفع يدك عني.. وإلا ..الجزء الرابع

img

 أنا من أهل الذكر الذين قال الله تعالى عنهم في محكم كتابه:” فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ “. قال رسول الله ( ص ): ” أن الله جعل علياً وزوجته وأبناؤه حجج الله على خلقه، وهم أبواب العلم في أمتي، من أهتدى بهم هدي الى صراط مستقيم “.كما إنه ( ص )قال: ” اهتدوا بالشمس فإذا غاب الشمس فاهتدوا بالقمر، فاذا غاب القمر فاهتدوا بالزهرة، فاذا غابت الزهرة فاهتدوا بالفرقدين “، فقيل:يا رسول الله ماالشمس وما القمر وما الزهرة وما الفرقدان ؟ قال ( ص ): الشمس أنا، والقمر عليّ، والزهرة فاطمة، والفرقدان الحسن والحسين “. ومن المعلوم للقاصي والداني أن بيتي يتمتع بخاصية لا نظير لها في بيوتكم! فبيتي مهبط الوحي ومنزل النبوة ومعدن الرسالة، وملتقى الملائكة والمحبين من المؤمنين والمؤمنات ومجمع البركات لكل طالب بركة، ومشفى النفوس العليلة وبلسم الجراح وهو بيت الرحمة! و بأمر الله جل جلاله بيتي بيتاً من بيوت الله! شرفني العلي الأعلى كما شرف أهل بيتي بأن يُعلى فيها اسم الله، إصغ واستمع بعقلك وفؤادك قول السميع العليم:”فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ”. فسأل رجل رسول الله ( ص ): أي بيوت هذه يا رسول الله ؟قال ( ص ): بيوت الأنبياء.فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله هذا البيت منها – بيت علي وفاطمة- ؟ قال ( ص ): نعم من أفاضلها”.وأنا الصديقة الكبرى ولا أظنكم تجرؤن على تكذيبي ؟! فهل أُكَذْب وأنا المعصومة سيدة نساء العالمين من الاولين إلى الآخرين ألم يقل رسول الله ( ص ):” ما تكاملت نبوة نبي حتى أقر بفضلها ومحبتها وهي الصديقة الكبرى وعلى معرفتها دارت القرون “. وقال ولدي العسكري الامام الحادي عشر ( ع ):” نحن حجج الله على خلقه وجدتنا فاطمة ( ع ) حجة الله علينا “. وأخيراً القول الفصل لسيد خلق ربه محمد (ص ):” إن الله جعل علياً وزوجته وأبناؤه حجج الله على خلقه وهم أبواب العلم في أمتي من اهتدى بهم هدي إلى صراط مستقيم “.

 وبكل فخر واعتزاز أنا أمة الله المُحدَثَة العليمة المستودعة علم ما مضى وعلم الحاضر وعلم الوراء، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما ولدت فاطمة عليها السلام أوحى الله عزوجل إلى ملك فانطلق به لسان محمد صلى الله عليه واله فسماها فاطمة ثم قال: إني فطمتك بالعلم وفطمتك عن الطمث، كما إن أبي جعفر عليه السلام قال: ” والله لقد فطمها الله تبارك وتعالى بالعلم وعن الطمث بالميثاق”. ألديك شك بعد حديث الصادق ( ع )الامام المعصوم المفروض عليك طاعته! إذاً أستمع اليه مجدداً بأذن واعية ونية صادقة تبتغي سلماً إلى الحقيقة الناصعة، فالصادق ( عليه السلام ) يقول: “سميت فاطمة محدثة لأن الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران، فتقول يا فاطمة ” إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِين “. فتحدثهم ويحدثونها، فقالت لهم ذات ليلة: أليست المفضلة على نساء العالمين مريم بنت عمران ؟ فقالوا: إن مريم كانت سيدة عالمها، وإن الله جعلك سيدة عالمك وعالمها وسيدة نساء الأولين والآخرين “.

 أنا فاطمة الزهراء لا كذب أنا فاطمة بنت محمد بن عبدالله بن عبد المطلب -اللهم صل على محمد وآل محمد-، أنا المؤمنة العابدة ملجأ علمكم ومصححة مساركم الأعوج،والمنقذة لكم من التهلكة، وأنا مصباح الهدى والقدوة الحسنة.من جحد حقي ومكانتي ورفضني سيدة عليه فعليه لعنة الله والملائكة والانبياء والمؤمنين، ومن قبلني بقبول حسن فله شفاعتي يوم القيامة، فشفاعتي لاهل الكبائر من أمة أبي رسول الله ( ص )! ألم تعلموا أني طلبت من الله تعالى مهراً خير لي من دنياكم هذه لقد طلبت أن يكون مهري شفاعتي لاهل الكبائر من أمة محمد ( ص )! أما والله لقد سمعت بأن أبي زوجني وجعل الدراهم مهراً لي، فبادرت أبي بالقول: ” يا رسول الله إن بنات الناس يتزوجن بالدراهم فما الفرق بيني وبينهن؟ أسألك أن تردها وتدعو الله تعالى أن يجعل مهري الشفاعة في عصاة أمتك”. فنزل جبرائيل عليه السلام ومعه بطاقة من حرير مكتوب فيها: “جعل الله مهر فاطمة الزهراء شفاعة المذنبين من أمة أبيها”. ولقد أوصيت بدفن البطاقة معي في قبري، ولم تقف عطايا ربي لي عند هذا الحد! فقد قيل للنبي صلى الله عليه وآله: قد علمنا مهر فاطمة في الأرض، فما مهرها في السماء؟ قال(ص):” سل عما يعنيك ودع ما لا يعنيك، قيل: هذا مما يعنينا يا رسول الله، قال: كان مهرها في السماء خمس الأرض، فمن مشى عليها مبغضاً لها ولولدها مشى عليها حراماً إلى أن تقوم الساعة.”. فيا أيها المتعاليين علي قف وتمهل.!! فإن كنت ذا حصافة فقد وجدت ضآلتك بالتقرب إلي وهداك عقلك إلى وسيلة تنجيك وعشيرتك من النار، وإلا فسعيك في الحياة الدنيا ضاع هباءً منثوراً، فصلاتك باطلة لأن الارض لي ولا أعتقدك من المحبين الموالين لي حتى تكون صلاتك مقبولة على أرض هي خاصتي!! أأذنت لك بالتصرف كيفما شئت في أرضي!!؟ ولا سعيك في الارض جائزاً إلا بموافقة وإمضاء مني!! ذاك يدعى مفتاح الرضا مني عليك!! فقم ونُحْ طويلاً وأجري دموعك أخاديد عميقة ونُحْ طويلاً على ضيعة أعمالك وأنت تبتغي إلى الرحمن سبيلاً غير أنك في سعيك ضللت الطريق! قال الحق: ” قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا، أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا “. ألم أقل لك أنا المنجية من عقاب الله ومن ناره ومن غضبه! وأنى لك أن تعقلها وتتوكل على الرحمن “أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً “. من جرى حبي في قلبه مجرى الدم في عروقه ضمنت له الجنة، من آثرني على نفسه ووالديه وولده وماله ودنياه ضمنت له الجنة، من فرح لفرحي وحزن لمصابي وغضب لغضبي ضمنت له الجنة! نعم والف نعم أنا ضامنة لكم الجنة! قال رسول الله ( ص):” يا فاطمة ان الله ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك”.

كما قال ( ص ):”والذي نفسي بيده، لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أدخله الله النار”. وقال ( ص ):” من مات على حب آل محمد مات شهيداً، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مغفوراً له، ألا ومن مات على حب آل محمد مات تائباً، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مؤمناً مستكمل الإيمان “.

 ونحن الذين باهل رسول الله ( ص ) بهم نصارى نجران، قال الحق:” فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ “، وعن الصادق (عليه السلام): ” أن نصارى نجران لما وفدوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، و كان سيدهم الأهتم و العاقب و السيد، و حضرت صلاتهم فأقبلوا يضربون الناقوس و صلوا، فقال أصحاب رسول الله: يا رسول الله هذا في مسجدك؟ فقال ( ص ):” دعوهم “. فلما فرغوا دنوا من رسول الله فقالوا: إلى ما تدعو؟ فقال ( ص ):” إلى شهادة أن لا إله إلا الله، و أني رسول الله، و أن عيسى عبد مخلوق يأكل و يشرب و يحدث”. قالوا: فمن أبوه؟ فنزل الوحي على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: قل لهم: ما تقولون في آدم، أكان عبداً مخلوقاً يأكل و يشرب و يحدث و ينكح؟ فسألهم النبي، فقالوا نعم: قال: فمن أبوه؟ فبهتوا فأنزل الله: ” إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ “. كما أنزل قوله:” فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ “. فقال رسول الله( ص ): “فباهلوني فإن كنت صادقاً أُنْزِلَت اللعنة عليكم، و إن كنت كاذبا أُنْزِلَتْ علي”. فقالوا: أنصفت. فتواعدوا للمباهلة فلما رجعوا إلى منازلهم قال رؤساؤهم السيد و العاقب و الأهتم: إن باهلنا بقومه باهلناه فإنه ليس نبياً، و إن باهلنا بأهل بيته خاصة لم نباهله فإنه لا يقدم إلى أهل بيته إلا و هو صادق. فلما أصبحوا جاءوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و معه أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السلام) فقال النصارى: من هؤلاء؟ فقيل لهم: هذا ابن عمه و وصيه و ختنه علي بن أبي طالب، و هذه ابنته فاطمة، و هذا ابناه الحسن و الحسين، ففرقوا فقالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): نعطيك الرضا فاعفنا من المباهلة فصالحهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على الجزية و انصرفوا “. فأين كنتم يوم المباهلة وهل كنتم خاصة رسول الله ( ص ) ؟ أم أنا فاطمة المعصومة الطاهرة وبعلي وولداي ؟! أحضيتم أنتم بشرف الحضور إلى جانب الرسول حجة ناطقة صادقة على صدق بيان محمد ( ص ) لنصارى نجران، أم أنا فاطمة المرأة المؤمنة العابدة ؟

وأضيفوا إلى حصيلتكم أيها المتأسلمين المتأزمين أنا المسماة مريم الكبرى فمريم العذراء العابدة هي أم النبي عيسى عليهما السلام، أما أنا مريم العابدة الكبرى، وأنا سيدة نساء العالمين من الاولين إلى الآخرين ومن نكرني ونكر حقي هذا خرج من دين الله! فغضبي. غضب رسول الله وغضب رسول الله غضب الله، فقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ): فاطمة بضعة مني من سرها فقد سرني ومن ساءها فقد ساءني فاطمة أعز الناس علي. كما قال رسول الله:” ليلة عرج بي إلى السماء رأيت على باب الجنة مكتوباً: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي حبيب الله، والحسن والحسين صفوة الله، فاطمة خيرة الله، على باغضهم لعنة الله “.

 عن المفضل قال: قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ): أخبرني عن قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في فاطمة: إنها سيدة نساء العالمين أهي سيدة نساء عالمها ؟ فقال: ذاك لمريم كانت سيدة نساء عالمها، وفاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين “. كما قيل: يا رسول الله أهي سيدة نساء عالمها ؟ فقال ( صلى الله عليه وآله ): ذاك لمريم بنت عمران، فأما ابنتي فاطمة فهي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين وإنها لتقوم في محرابها فيسلم عليها سبعون ألف ملك من الملائكة المقربين وينادونها بما نادت به الملائكة مريم فيقولون: يا فاطمة ( إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين”). وإن خولت لك النفس الأمارة بالسوء جحد حقي ومنزلتي عند ربي، فتعالى إلى محرابي لتشهد نسكي وصلاتي ودعائي فأنا ما رفعت يدي لله رب العالمين سائلته العون لإنعدام لقمة في بيتي منذ أيام ورسول الله يحل كريماً في بيتي لعله يصيب معنا عشاءً، إلا استجاب دعائي وتضرعي وبمجرد الإنتهاء من صلاتي ودعائي حتى أجد ما يسر والدي ( ص ) من طعام ويطيب له خاطر عائلتي (ص)، عن أبي سعيد الخدري قال: أصبح علي بن أبي طالب ذات يوم فقال: يا فاطمة! هل عندك شئ تغذينه ؟ قالت: لا، والذي أكرم أبي بالنبوة، وأكرمك بالوصية، ما أصبح الغداة عندي شئ وما كان شئ أطعمنا منذ يومين إلا شئ كنت أوثرك به على نفسي وعلى ابني هذين الحسن والحسين. فقال علي: يا فاطمة! إلا كنت أعلمتني فأبغيكم شيئا ؟ فقالت: يا أبا الحسن! أني لأستحي من إلهي أن أكلف نفسك ما لا تقدر عليه.فخرج علي بن أبي طالب من عند فاطمة، واثقاً بالله يحسن الظن بالله فاستقرض ديناراً، فبينا الدينار في يد علي بن أبي طالب يريد أن يبتاع لعياله ما يصلحهم، فتعرض له المقداد بن الأسود في يوم شديد الحر، قد لوحته الشمس من فوقه وآذته من تحته، فلما رآه علي بن أبي طالب ( ع) أنكر شأنه، فقال: يا مقداد! ما أزعجك هذه الساعة من رحلك! قال: يا أبا الحسن خلي سبيلي، ولا تسألني عما ورائي. فقال: يا أخي إنه لا يسعني أن تجاوزني حتى أعلم علمك. فقال: يا أبا الحسن! رغبة إلى الله وإليك أن تخلي سبيلي، ولا تكشفني عن حالي. فقال له: “يا أخي أنه لا يسعك أن تكتمني حالك.”فقال: يا أبا الحسن! أما إذا أبيت فوالذي أكرم محمداً بالنبوة، وأكرمك بالوصية، ما أزعجني من رحلي، إلا الجهد، وقد تركت عيالي يتضرعون جوعاً، فلما سمعت بكاء العيال لم تحملني الأرض، فخرجت مهموماً راكباً رأسي، هذه حالي وقصتي، فانهملت عينا علي بالبكاء حتى بلت دمعته لحيته، فقال له: أحلف بالذي حلفت، ما أزعجني إلا الذي أزعجك من رحلك، فقد استقرضت ديناراً، فقد آثرتك على نفسي، فدفع الدينار إليه، ورجع حتى دخل مسجد النبي فصلى فيه صلاة الظهر والعصر والمغرب. فلما قضى رسول الله ( ص ) المغرب مر بعلي بن أبي طالب ( ع ) وهو في الصف الأول، فغمزه برجله، فقام علي متعقباً خلف رسول الله حتى لحقه على باب من أبواب المسجد، فسلم عليه فرد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلام، فقال: يا أبا الحسن! هل عندك شئ نتعشاه فنميل معك ؟ فمكث مطرقاً لا يحير جواباً، حياء من رسول الله، وهو يعلم ما كان من أمر الدينار ومن أين أخذه، وأين وجهه، وقد كان أوحى الله تعالى إلى نبيه محمد (ص) أن يتعشى الليلة عند علي ابن أبي طالب. فلما نظر رسول الله إلى سكوته، فقال: يا أبا الحسن! ما لك لا تقول: لا، فانصرف، أو تقول: نعم، فأمضي معك ؟ فقال – حياء وتكرماً -: فاذهب بنا ؟ فأخذ رسول الله يد علي بن أبي طالب فانطلقا حتى دخلا على فاطمة الزهراء ( ع ) وهي في مصلاها قد قضت صلاتها، وخلفها جفنة تفور دخاناً، فلما سمعت كلام رسول الله في رحلها، خرجت من مصلاها، فسلمت عليه، وكانت أعز الناس إليه، فرد السلام، ومسح على رأسها، وقال لها: يا بنتاه! كيف أمسيت رحمك الله.؟ قالت: بخير، قال عشينا غفر الله لك، وقد فعل. فأخذت الجفنة فوضعتها بين يدي النبي وعلي بن أبي طالب عليهما الصلاة والسلام. فلما نظر علي بن أبي طالب إلى الجفنة والطعام وشم ريحه، رمى فاطمة ببصره رمياً شحيحاً قالت له فاطمة: سبحان الله، ما أشح نظرك وأشده! هل أذنبت فيما بيني وبينك ذنباً استوجبت به السخطة ؟! قال: وأي ذنب أعظم من ذنب أصبته، أليس عهدي إليك اليوم الماضي وأنت تحلفين بالله مجتهدة، ما طعمت طعاماً منذ يومين ؟ قال: فنظرت إلى السماء، فقالت: إلهي يعلم في سمائه ويعلم في أرضه أني لم أقل إلا حقاً. فقال لها: يا فاطمة! أنى لك هذا الطعام الذي لم أنظر إلى مثل لونه قط، ولم أشم مثل ريحه قط، وما لم آكل أطيب منه قط ؟ قال: فوضع رسول الله كفه الطيبة المباركة بين كتفي علي بن أبي طالب، فغمزها، ثم قال: يا علي! هذا بدل دينارك، وهذا جزاء دينارك من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب. ثم استعبر النبي باكياً، ثم قال: الحمد لله الذي أبي لكما أن تخرجا من الدنيا حتى يجزيكما، ويجريك يا علي، مجرى زكريا، ويجري فاطمة مجرى مريم بنت عمران:”كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ “. كما روي عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه جاع في زمن قحط، فأهدت فاطمة رغيفين وبضعة لحم آثرته بها فرجع إليها، وقال الراوي: فكشف عن الطبق فإذا هو مملو خبزاً ولحماً، فبهتت وعلمت أنها نزلت من عند الله، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ): أنى لك هذا ؟ فقالت:” هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ “. فقال ( ص ): ” الحمد لله الذي جعلك شبيهة سيدة نساء بني إسرائيل “.

 أنا أم أنتم شريكة محمد في خصائص وامتيازات لا يقاسمنا إياها إلا أهل بيتي والائمة الاطهار من ولدي (ص ) فلا صلاة مقبولة لك أو لغيرك حتى تصل علي وعلى أهل بيتي، قال رسول الله (ص):”: لا تصلوا علي الصلاة البتراء.قالوا: وما الصلاة البتراء ؟ قال: تقولون: اللهم صلى على محمد وتسكتون “.وقال ( صلى الله عليه وآله ): « من فصل بيني وبين آلي ب « على » فقد جفاني “. وعليكم التسليم علي كلما سلمتم على سيد الخلق بدليل قوله تعالى:” سَلام على ألْ يَاسِينَ “. وأنا من آل ياسين، أولست سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين عدا كوني كريمة محمد ( ص)!؟ ألم يقل الله سبحانه:” إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا “.

 أنا الطاهرة المطهرة وحجتي دامغة لا لبس فيها شهادة ربي لي بالطهارة، قال العدل:” إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا “. فأنا جزء لا يتجزأ من أهل البيت أنا ابنتهم وزوجهم وأمهم، أنا دعامة أهل البيت ولبنتهم وعصارتهم، أنا الروح من شجرة طيبة مباركة أصلها محمد ( ص ) وساقها علي ( ع ) وأنا المخلوقة الحوراء الانسية فرعها وقلبها وروحها، وأما ثمارها فهم فلذات كبدي الائمة الاطهار ولدي وولد علي وعصبة الرسول محمد ( ص ).

 وأنا التي سعيت أبتغي متعبة مثقلة بجراح كفاي اللتين أرهقتا من قسوة الرحى، وملتمسة مساعدة المصطفى لي بخادمة تعينني على بعض من أعباء المنزل، فأهدى إلي رسول الله خير عبادة عوضاً عن خادمة! ففرحت بها واستبشرت الخير كله بهدية المصطفى وهدية ربي، فقد علمني رسول الله بضع كلمات تَعْدِلُ نعيم الدنيا وما فيها وسُميت هدية رسول الله لي بتسبيحة الزهراء،قال الإمام الباقر ( ع ): “ما عُبد اللَّه بشيء من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة، ولو كان شيء أفضل منه لنحلهُ رسول اللَّه فاطمة “. وثواب تسبيح الزهراء كثير فهو أفضل من ألف ركعة وهو يثقل الميزان ويرضي الرحمن ونتيجته الحتمية الجنان. قال أبو عبد اللَّه ( ع):” تسبيح فاطمة في كل يوم في دبر كل صلاة أحب إليّ من صلاة ألف ركعة في كل يوم”. كما قال أمير المؤمنين ( ع ):” التسبيح نصف الميزان، والحمد للَّه يملأ الميزان واللَّه أكبر يملأ ما بين السماء والأرض “.

 أنا أمة الله التي لايجوز عليها الصدقة كما هو الحال بالنسبة إلى رسول الله ووصيه والائمة الاطهار من ولدي،كما لايجوز علي أكلها ولو اشتدت ظروفي وقست علي أيامي، لا يجوز بأي حال من الأحوال أكلها أو قبولها فالصدقة مهما علا شأنها،إنما هي أدران ومخلفات ذات صبغة تفضل ومنة من مقدمها، لا تتماهى مع مقام سيدة مصطفاة من الله تعالى ولا مع مقام النبوة ولا مقام الإمامة، ولكنكم أيها المتأسلمين أيناً كانت ظروفكم يجوز عليكم الصدقة، أما كونكم ترفضون الصدقة أو تقبلونها فهذا بحث آخر!

 اذكركم الله! ألم يزكيني ربي في سورة الإنسان بقوله تعالى:” يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا، وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا، إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا، فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا، وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا.”أهذا دليل يطمس وينكر ألم تنزل الاية الكريمة بعد الوفاء بنذرنا أهل البيت لأن مَنَّ الله على ولدي الحسن والحسين ( ع ) بالصحة والعافية على أعقاب حمى أصابتهما لنصوم جميعاً ثلاثة أيام شكراً لله على فضله ومَنِّه، فصمنا ثلاثاً متواليات وأفطرنا جميعاً على نعمة عظيمة من الله تعالى رضاه وقليلاً من الماء، والحمد لله رب العالمين إذ بعث الله لنا عند أذان المغرب من يتفضل علينا بطلب رزقه من الله الذي هو بين أيدينا بضع أقراص من الخبز -لا أملك سواها -كنت قد خبزتها بنية الإفطار بها مع عائلتي مع جهلي أنها ليست مقسومة لنا، وأن أصحابها سيطرقون بابي للمطالبة بحقهم الذي فرضه الله لهم على ثلاثة أيام متعاقبات فقدمنا فروض الطاعة لله بعقل وقلب خاشعيِّن لإرادة الرحمن صابرين على إبتلائه شكرين وحامدين لله على أن فضلنا على كثير من عباده الصالحين ولا ننتظر مكافأة من أحد وليس وارداً لدينا أن نضع تقييم الآخرين لنا قبلة وغاية ننتظر رؤية نتائجها على أرض الواقع!! وإنما محيانا ونسكنا وعبادتنا لله رب العالمين.. فهل يصدق عاقل أنكم قد تجرؤون على تزكية أنفسكم علي أنا أمة الله الزهراء كريمة محمد ؟! هزلت ورب الكعبة!!!

يتبع…

الكاتب ام عزيز (سلوى الشيخ علي)

ام عزيز (سلوى الشيخ علي)

مواضيع متعلقة