العلاج بالصدمات الكهربائية (ECT)

img

ربما يظن القارئ عند قراءته لكلمة ( الصدمات الكهربائية ) أننا نتكلم عن تعذيب أو انتهاك لحقوق الإنسان ، ولا أخفيكم فهذا ما نادت به بعض المؤسسات الحقوقية في الغرب في مواقف متعددة ضد طريقة العلاج بالصدمات الكهربائية.

لم تنبثق نداءاتهم هذه من فراغ ، فعجز العلماء النفسيين عن إثبات ميكانيكية مؤكّدة للعمل الذي يؤدي به هذا النوع من العلاج لتحسين بعض الحالات المرضية كان أكبر مستمسك وقف به هؤلاء في هذه القضية.

لنقف الآن ونتعرف على هذا النــــوع من العـــلاج وعن تطوره وما وصل إليــه الآن وعن الأطــــروحات الجديدة لعلماء الطب النفسي فيه ولنترك الرأي الأخير للقارئ العزيز .

ما هو هذا العلاج ؟

العلاج بالصدمات الكهربائية هو عبارة عن تمرير شحنات كهربائية بمقدار محدد في مراكز معينة في الدماغ بهدف تحفيزها لتوليد نوبة صرعية في المريض لأغراض علاجية .

نظرة تاريخية :

بدأ التفكير في مثل هذا العلاج حينما لاحظ الأطباء النفسيون في أواخر القرن التاسع عشر أن مرضى الصرع يكونون أقل عرضة للأمراض النفسية المزمنة (وهذه الملاحظة أثبت العلم الحديث خطأها!) فبدأوا باستخدام بعض المواد التي تؤدي لحدوث نوبة صرع بالمريض كحقنه بمادة تسمى ( كومفور ) أو مادة الانسولين .

وجد العلماء في ذلك الوقت أن الكثير من الحالات تتحسن بشكل ملحوظ، فاستمروا في الطريقة العلاجية هذه وقامت عليها عدة دراســـات لإثبـــــات فاعليتها.

في العام 1938م قام العالمان كيرليتي وبيني باستخدام جهاز الصعق الكهربائي لإحداث نوبة الصرع، وعدّ ذلك ذلك تقدما علميا كبيراً نظرا لثبوت فاعلية إحداث نوبات الصرع كعلاج لبعض الأمراض النفسية من جهة، وللخطورة الشديدة على حياة المرضى نتيجة استخدام مواد سامة كمادة الكومفور لإحداث هذه النوبات من جهة أخرى .

استمر العلاج بهذا النوع من العلاج وبطريقة تقليدية مع خطورة وشدّة بعض الأعراض الجانبية والتي كان من أهمها الألم الشديد الذي يحسه المريض وقت إعطاء الصدمة الكهربائية، وكذلك حالات الكسور التي يتعرض لها المرضى نتيجة التشنج الشديد .

لكن في العام 1951م قام بعض العلماء بتعديلات لتفادي هذه الأعراض الجانبية الشديدة وذلك بإعطاء المريض مادة للتقليل من انقباض العضلات الطرفية بالجسم (ملينة للعضلات) وكذلك من خلال إعطاء الصدمة الكهربائية تحت تأثير التخدير الكامل للمريض، والسنوات الأخيرة شهدت تقدما كبيرا في الأجهزة المستخدمة في هذه الطريقة بحيث يتم إعطاء المريض الكمية المناسبة من الجولات الكهربائية الكافية لإحداث نوبة الصرع دون زيادة في الجهد الكهربائي، وبالتالي التقليل من أي مضاعفات جانبية أخرى .

ميكانيكية العمل:

أما عن ميكانيكية عمل هذا النوع من العلاج فالنظريات الموجودة حتى الآن تنص على أن هذه الصدمات تؤدي إلى تغير في بعض الإنزيمات العصبية، وكذلك تغير في مستقبلاتها في النهايات الطرفية للخلايا العصبية في أماكن محددة في الدماغ .

استخداماته :

يستخدم العلاج بالصدمات الكهربائية في علاج الكثير من الحالات النفسية والعصبية والتي قد تكون مستعصية أحيانا، منها حالات الإكتئاب المرضي، وبالخصوص إذا ثبت فشـــــــــل العلاجات الدوائية الأخرى في تحسين الحالة، وكذلك إذا كانت الحالة شديدة وكان المريض تراوده أفكار الانتحار بصورة شديدة، وكذلك إذا كانت حالة المريض لاتسمح باستخدام الأنواع المختلفة من العلاج؛ كأن يكون المريض كبيرا في السن ويعاني من فشل كلوي أو أن تكون المريضة حاملاً ، وكذلك إذا كانت الأعراض شديدة لدرجة التدهور الشديد في الحركة لدرجة التخشب أو رفض الأكل .

ومن الحالات أيضا حالات الفصام الذهاني خصوصا من النوع التصلُّبي والذي يكون من مميزات أعراضه إضراب في السلوك العام على شكل رفض للحركة والكلام والبقاء على وضعية معينة قد تكون غريبة فترة طويلة من الزمن وقد ينتج عن ذلك رفض للأكل لفترات طويلة قد تعرض حياة المريض للخطر.

في الموضوع القادم

نتطرق للأعراض الجانبية الحالية لهذا النوع من العلاج، الطرق المستخدمة لإعطائه، الملاحظات أثناء التشنج، آخر نتائج البحوث على فاعليته .

الكاتب الدكتور عبد الفتاح السعود

الدكتور عبد الفتاح السعود

مواضيع متعلقة