من سيرة الحسين (عليه السلام): اليوم الأول من المحرم

img

في کتاب عيون الأخبار[1] عن الريان بن شبيب قال: «دخلت على الإمام الرضا (عليه السلام)» في أول يوم من المحرم، فقال: «يا بن شبيب: أصائم أنت في هذا اليوم»؟ قلت: لا، فقال: «إن هذا اليوم هو الذي دعا فيه زکريا ربه فقال: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}[2].

فاستجاب له دعاءه وأمر الملائکة فنادته وهو قائم يصلي في المحراب: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا}[3]، فمن صام هذا اليوم ثم دعا الله استجاب الله له…».

وقد قيل: أنما سمى الله يحيى بهذا الاسم إشارة إلى شهادته(عليه السلام)، لأن الشهيد حي عند ربه يرزق، {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}[4]. مضافاً إلى أن الله سبحانه أحيى به عقم أمه، وأحيى به ذکر أبيه.

وقد جاء في زيارة جابر بن عبدالله الأنصاري «رضي الله عنه» التي زار بها الحسين (عليه السلام) يوم العشرين من صفر: (أشهد أنک قد مضيت على ما مضى عليه أخوک يحيى بن زکريا (عليه السلام)).

وقد روي عن الإمام زين العابدين(عليه السلام) أنه قال: «ما نزل أبي منزلاً، وما ارتحل من منزل منذ خرج من مکة، وإلى أن نزل کربلا إلاّ وسمعته يقول: من هوان الدنيا على الله أن رأس يحيى بن زکريا يُصدى إلى بغي من بغايا بني إسرائيل».

أقول: ولعله(عليه السلام) إنما أکثر من ذکر يحيى بن زکريا إشارةً إلى وجود الشبه بينهما کما قال جابر، ولکنهما وإن اتفقا في الإجمال فقد افترقا في التفصيل.

فإن تکن آل إسرائيل قد حملت

کريم يحيى في طشتٍ من الذهبِ

فآل سفيان يوم الطف قد حملوا

رأس ابن فاطمةٍ فوق القنا السلبِ

هل سيروا الرأس بالمخلاة هل شربوا

عليه هل ضربوا للثغر بالقضبِ

وهل حُملن ليحيى في السبا حرمٌ

کزينبٍ ويتاماها على القتبِ

* * *

في الأمر بالمعروف يحيى انذبح واحسين

لکن فوارق واسعه ما بين لِثنين

يحيى انذبح وحده ولا انذبحت له انصار

واحسين أنصاره اوأهله اصغار وکبار

حتى الطفل ذبحوه اوضلّ احسين محتار

يسمع من الخيمات ضجات النساوين

يسمع ضجيج النايحه التنذب ولدها

اويسمع صراخ الباکيه التبکي عمدها

وايشوف زينب لازمه ابکفها کبدها

اتنادي يربي شيبتني امصيبة احسين

يحيى انذبح لکن مهو مذبوح عطشان

اوما اذّبحت له فوق صدره اطفال رضعان

اوما ضل ثلثتيام عاري بغير أکفان

اوما قطعوا الخنصر ولا قطعوا الکفين

يحيى انذبح لکن مَحَد بالنعل داسه

مثل الشهيد اللي الشمر خمّد انفاسه

يحيى مهو فوق الرمح مرفوع راسه

يحيى مَدِخلت نسوته وسط الدياوين

يحيى مهو بالخيل جثته رضّضوها

يحيى مهو بالنار خيماته احرقوها

يحيى مهو بالسوق نسوانه اوقفوها

يحيى مَحَد کسر ثناياه مثل الحسين[5]


(1) عيون أخبار الرضا 1: 299 / ح 58، أمالي الصدوق، مج 37: 129 / ح 5، الإقبال:  553 عنه / قصص الأنبياء للجزائري: 394.

(2) آل عمران: 38.

(3) مريم: 7.

(4) آل عمران: 169.

(1) للمؤلف «عفا الله عنه».

الكاتب الشيخ عبد الحميد المرهون

الشيخ عبد الحميد المرهون

مواضيع متعلقة