طريق الحق

ذكر الأستاذ آية الله سيد حسن الأبطحي في كتاب (سير إلي الله) بأن أحد الأشخاص ذكر له: أني كنت ليلة الحادي عشر من ذي القعدة عام 1404 هـ و هي ليلة ولادة الإمام علي بن موسي الرضا عليه السلام في مدينة مشهد المقدسة. و كنت في تلك الأيام في غفلة من الله و عن الدين و عن جميع الجوانب الروحية. و كان بعض الأصدقاء يذكرني بين الحين و الأخر بيوم القيامة و بامثل و الكمالات الروحية، و الآفاق الإنسانية إلا أنني كنت كسائر الناس همّي الدنيا و العيش و الطعام و لحياة الحيوانية.

مررت تلك اللية علي ضريح الأمام الرضا عليه السلام حيث أقيم حفل بهيج بتلك المناسبة، و مع أن الساعة كانت حوالي العاشرة ليلاً إلا أني رأيت الناس مزدحمين في الصحن الشريف و يتناقلون بينهم أخباراً بلهفة و شغف و هي أن 21 شخصاً من ذوي الأمراض المستعصية ممن دخلوا الصحن الشريف و ما جاوره قد شفوا من أمراضهم، وكل شخص من الحاضرين يدّعي أنه رأي بعضهم، و شهد شفاءهم. وفي تلك اللحظة رأيت شخصاً يمر إلي جانبنا و الناس يشيرون أليه و يقولون هذا واحد منهم.

تقدمت إليه لأطلع علي حقيقة أمره، وبدا لي أني أعرفه، و لهذا بادرته أولاً بالقول: أين رأيتك من قبل؟

قال: البارحة في المطعم الفلاني كنا نتعشي سوية و قد أسفت لحالي و كنت تنظر إليّ بألم، و بقيت جالساً أمامك حوالي نصف ساعة. ولما سمعت هذا الكلام تذكرت أنني ذهبت البارحة لتناول العشاء في المطعم. كان في مقابلي شخص مشلول الرجلين يجلس علي عربة و يتعشي و يبدو أنه يواجه صعوبة شديدة فتألمت لحاله حتي أنني أردت دفع ثمن طعامه.

كنت البارحة قد رأيت رجليه و لم يكونا سوي قطعتين من العظم يكسوهما جلد. فقلت له: دعني أنظر ألي رجليك لأري كيف استعدت سلامتك. رفع بنطاله فوراً فرأيت رجلين طبيعيتين يكسوهما اللحم  والعضلات ولا أثر للشلل فيها!! فصحت في الحال: ألهي عميت عين لا تراك. اللهم اغفر لي غفلتي و إسرافي علي نفسي طول عمري، و أعترف أنني كنت أتجاهل وجودك لكي أبرر لنفسي معصيتك حتي أنني كنت لا أقر بكل ما يذكر من لطفك و فضلك و رحمتك. إلهي ظلمت نفسي، و مع لطفك بي كنت أعصيك اللهم أسألك رأفتك و رحمتك، فإن لم تغفر لي فبمن ألوذ! و عندها احتشد الناس حولي يسألونني عما جري إلا أنني ما كانت لي قدرة علي إجابة أحد منهم.

وبقيت أسكب الدموع هناك حتي الصباح، و تأسفت علي ما أسلفته من عمري بالبطالة و الغفلة. وعزمت علي التوبة لأرتقي مدارج الكمالات الروحية بأسرع ما يمكن، ولا أدع زخارف الدنيا تلفني ثانية و تطويني في متاهات الغفلة.

الكاتب سكينة الزاير

سكينة الزاير

مواضيع متعلقة