حول الإمام علي الهادي عليه السلام

img

حسين آل إسماعيل

١/ لماذا اختار المعتصم معلما خاصا للإمام الهادي؟

٢/ كيف بيَّن الإمام الهادي مقامات الإمامة؟

٣/ هل استعمل الإمام الهادي ولايته التكوينية؟

لقد أستلم الإمام علي الهادي× في سن السادسة من عمره بعد استشهاد أبيه الإمام الجواد×، وقد تقبلت الأمة إمامة الإمام الهادي× على الرغم من صغر سنه لأنها قد أصبحت على علم بأن الإمامة لا ترتبط بالعمر وإنما ترتبط بالإرادة الإلهية وكانت إمامة أبيه الجواد× أفضل برهان وتجربة سابقة على ذلك، وقد أظهرت إمامة الإمام الهادي× أنَّ جميع ما يمتاز به الإمام× من عصمة وعلم وهيبة ووقار هو من عند الله سبحانه وتعالى كما هو الحال في نبي الله عيسى× وكذلك نبي الله يحيى× وليس عن طريق التعلم والتدريب المعتاد عليه باقي الناس، ونتيجة جهل حكام بني العباس بمنزلة الإمام× الربانية فقد جاء في كتاب إثبات الوصية للمسعودي ص٢٤٤:

«قرر الحاكم المعتصم أن يبعث معلماً خاصاً للإمام الهادي× وأختار معلماً ناصبياً يبغض أهل البيت^ من أجل تنشأت الإمام الهادي× تنشئ بعيدة عن الولاية وطريق الهدى، وكانوا يعتقدون بهذه الطريقة سوف يغسلون عقل الإمام× ويسيطرون عليه، ولكنهم قد جهلوا بأن روح القدس لا ينفك عن قلب الإمام الطاهر، وأن العصمة والعلم من خصوصياته الدائمة، وكان المعلم الناصبي الجنيدي ينفرد مع الإمام الهادي× وهو ما زال صبياً ومرت فترة من الزمن على هذا الوضع، فجاء أحد أتباع المعتصم إلى الجنيدي وسأله ما حال هذا الصبي، فقال الجنيدي لا تقل صبي بل هو شيخ، سأله لماذا؟ فقال الجنيدي: إني والله لأذكر الحرف في الأدب وأظن إني قد بالغت فيه. ثم إنه يملي أبواباً أستفيد منها فيظن الناس إني أعلمه وأنا والله أتعلم منه، وبعد فترة جاء نفس الشخص وسأل الجنيدي حل الصبي، فقال الجنيدي: دع عنك هذا القول، والله تعالى لهو خير أهل الأرض وأفضل من برأه الله تعالى وإنه حافظ القرآن من أوله إلى آخره ويعلم تأويله وتنزيله، فمن أين علم هذا العلم الكبير يا سبحان الله فقد أعلن المعلم الناصبي الجندي إيمانه بالإمام ودخل التشيع».

وقد وضَّح الإمام الهادي× مقامات الشموخ والمنازل العالية للإمامة بشكل جلي وواضح لا لبس فيه لكل القواعد، لأن الإمامة هي الطريق الوحيد الذي يتصل بالرسالة المحمدية السمحاء وهو الطريق الذي أختاره الله سبحانه وتعالى لعباده أن يسلكوه في عبوديته، فقد كان الكثير من الموالين يجهلون المقامات الرفيعة التي يمتاز بها أئمة الهدى سلام الله عليهم، وقد أظهر هذه المقامات الإمام الهادي× في الزيارة الجامعة التي خرجت من بين ثنايا الإمام× وهذه بعض عباراتها جاء في مفاتيح الجنان ص٥٣١:

«إلى الله تدعون وعليه تدلون وبه تؤمنون وله تسلمون وبأمره تعملون إالى سبيله ترشدون وبقوله تحكمون سعد من والاكم وهلك من عاداكم وخاب من من جحدكم وضل من فارقكم وفاز من تمسك بكم وأمن من لجأ اليكم وسلم من صدقكم وهدي من أعتصم بكم من أتبعكم فالجنة مأواه ومن خالفكم فالنار مثواه ومن جحدكم كافر ومن حاربكم مشرك ومن ردَّ عليكم في أسفل درك الجحيم».

لقد أظهر الإمام الهادي× امتلاك الإمامة للولاية التكوينية للأمة بشكل لافت في عدة مواقف منها ما يلي:

الموقف الأول/ جاء في بحار الأنوار ج٥٠ ص٢٠٢: عندما وصل إلى سامراء وأسكنه المعتصم خان الصعاليك ثلاثة أيام ليقلل من شأنه ومنزلته، فدخل عليه أحد أصحابه ومحبيه وقال له: جعلت فداك في كل الاُمور أرادوا إطفاء نورك والتقصير بك حتى أنزلوك هذا الخان الأشنع خان الصعاليك، فقال الإمام× «أنظر»، ثم أومأ إلى المكان، فإذا هو روضات ناظرات فيهن خيرات عطرات وولدان وأطيار وأنهار تفور فحار بصره بما رأى ثم قال الإمام×: «حيث منا فهذا لنا عتيد ولسنا في خان الصعاليك».

الموقف الثاني/ جاء في بحار الأنوار ج٥٠ ص٢١١: لقد حاول المتوكل إحراج الإمام× وإخجاله، عندما طلب من ساحر هندي مشعوذ أن يحرج الإمام الهادي× فإذا فعل ذلك سوف يعطيه ألف دينار، فقال المشعوذ ضع على المائدة خبز خفيفاً رقيقاً وادعوا علي الهادي عليها، ففعل المتوكل واحضر الإمام الهادي وعندما مد الإمام يده إلى الخبز، طار الخبز من بين يديه في الهواء بتأثير الهندي المشعوذ، ثم مد يده الإمام إلى أخرى فطارت هي الأخرى فتضاحك المتوكل وبعض الناس، عندما غضب الإمام وكانت في يساره صورة أسد، فضرب بيده تلك الصورة، فبرز الأسد منها، فقال له الإمام: «خذه» وأشار إلى الهندي. فوثب الأسد على الرجل فأبتلعه، ثم عاد مرة أخرى إلى الصورة الاُولى، فتعجب الجميع وداخلهم الرعب والخوف فنهض الإمام وخرج.

الموقف الثالث/ جاء في بحار الأنوار ج٥٠ ص١٥٥: لقد كان الواثق العباسي يخشى من الإمام الهادي× كثيراً لاعتقاده بأن الإمام× هو الذي يأمر بثورات العلويين وكان يخشى أن يثور عليه يوماً من الأيام، فأمر جلاوزته فعمل تلا عظيماً من التراب واستدعى جميع جيشه في استعراض مهيب، ثم دعى الإمام الهادي ليرى ذلك حتى يدخل في قلب الإمام الخوف، فقال له الإمام: «هل تريد أن أعرض عليك عسكري؟». فقال له الواثق: نعم، فدعا الإمام الله سبحانه وتعالى فإذا بين السماء والأرض ملائكة مدججون بالسلاح فغشي على الواثق ثم تركه الإمام ومضى إلى سبيله. وغيرها من الروايات الكثير التي يظهر فيها الإمام× الولاية التكوينية.

الكاتب حسين آل إسماعيل

حسين آل إسماعيل

مواضيع متعلقة